المدارسُ الصيفية أولويةُ المرحلة..بقلم/ طلال الغادر
الإنسان بطبيعته يتجه إلى الكمال، بل وينشد الأكمل، ويسعى للحصول على الأكمل في كُـلّ شيء، حتى أن الله تعالى ربطنا بمبدأ الكمال..
كما أكّـد الشهيد القائد -رضوان الله عليه-: (تلاحظون أن مبدأ الكمال -أَيْـضاً- هو مما رسَّخه الله سبحانه وتعالى في نفوسنا، فطرة فطر الناس عليها، أنت في كُـلّ أعمالك تبحث عن الأكمل، أليس كذلك؟ أنت تريد أن تبني فيُقال لك: فلان وفلان، وفلان، وفلان، فلان هو تعلّم عند فلان؛ ستقول: واللهِ سأختار (فلانًا) الذي علَّمه، هو أبصر منه، أليس كذلك؟ حتى وأنت تبحث عن زوجة تريد أن تبحث عن الزوجة الأكمل، عندما نقول نحن: أريد أن تكون طبيعتها جيدة، شكلها مقبول، ومن أسرة جيِّدة، ألست هنا تبحث عن كمال؟ هكذا وأنت تريد أن تغرس شجرة (قات) ألست ستبحث عن الشجرة الجيدة؟ تقول: (لا نريد أن نغرس حَمَار أَو سَوَاد، نريد أن نغرس قات زَرَاق؛ هو أحسن، ويتحمَّل القطف، هو كذا، وكذا..) وأنت تريد أن تشتري ثورًا أنت تبحث في السوق، تبحث عن الثور الذي تجد فيه مميزات كمال بالنسبة له، وأنت تريد أن تبحث عن خيّاط كذلك تريد أن تبحث عن خياط يجيد الخياطة، أي فيه صفات كمال أكمل من الآخر، دكاكين الخياطة واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة.. أنت تبحث عمَّن؟ عن خياط جيّد، وهكذا، مبدأ الكمال، والبحث عن الأكمل هو من الفِطرة التي فَطر الله الناس عليها، وهو سلَّم ينتهي إلى الله سبحانه وتعالى الكامل الكمال المطلق).
إذاً حتى في سنة الله في الهداية، نجد أن الله سبحانه وتعالى حصر القضية في الأكمل، وذكر لنا مواصفات للهداة بدءاً بالأنبياء وهم أكمل الناس.
كما قال الله عز وجل: ((اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) وكما قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} اصطفاء، واصطفاء الله الذي يعلم بالكمال وبمحيط دائرة الكمال بكلها سيكون اصطفاؤه على نحوٍ عالٍ جِـدًّا}.
إذَن وفي أدائنا للأعمال، كما علمنا الإمام السجاد -عليه السلام-: وانتهي بنيتي إلى أحسن النيات وبعملي إلى أحسن الأعمال.
ونحن الآن كشعب يمني مؤمن شهد له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وشهدت له الأحداث، على سبيل المثال نجد كم الوقفيات من الأموال من الآباء والأجداد، والنذور كذَلك، وهذا إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على الإيمَـان الصادق بالله فمن أيقن بالخلف جاد بالعطية.
ونحن اليوم في هذه المرحلة وأمام الأعداء ومشاريعهم الخطيرة والكثيرة والتي لها أهداف لضربنا في الدنيا والآخرة يتبادر إلى ذهنِ كُـلّ مومن يحمل من المسؤولية ما يجعله يفكّرُ ألفَ مرة عن أكمل عمل وأكمل قربة إلى الله والأعمال كثيرة لا نستطيع حصرها لكن الأكمل عمل في هذه المرحلة حسب اعتقادي هو المدارس الصيفية والبذل والعطاء في هذا المجال.
تأملوا جيِّدًا حينما تبنى الأجيال على أَسَاس من هدى الله، عندما تكن أول القواعد التي ترسخ في أذهانهم معرفة الله تعالى والتثقف بثقافة القرآن الكريم فَــإنَّ هذا يترك أثره وأجره -حسب اعتقادي- مما لو بنى الإنسان مسجداً على سبيل المثال، وكلها في مرضاة الله لكن هنا نجد أولوية هي بناء الإنسان؛ لأنه مثلاً كم سيبقى المسجد مئة، مئتين سنة حتى خمس مئة سنة، لكن حينما تبتني الأجيال، وهذا الجيل سيترك أثره لأجيال من بعده حينها ستكون مشاركاً لكل من تحَرّك في هذا المجال؛ لأَنَّك ساهمت في هذا المجال.
وهذا المجال لو نظرنا إليه بتأمل لوجدنا العَرْضَ المغري للطامعين في ما يرضي الله؛ لأَنَّه ما قيمة المسجد والضلال يعم، والنفوس تفسد، والباطل يسود، والحرمات تنتهك.
ونحن في ذروة الإضلال من قبل العدوّ مرحلة ما قد وصل الضلال فيها بأكثر مما هو عليه اليوم بوجود الوسائل الكثيرة معَ الاتجاه الجاد للعدو.
ومن يلاحظ العلم المولى -يحفظه الله- وحرصه الشديد على هذا الجانب المهم، يدرك أهمية هذا المجال.
إذاً إخواني المؤمنين، نحن في أَمَسِّ الحاجة لبناء الجيل الواعي في هذه المرحلة بأكثر من أي وقت مضى.
مثل حاجتنا للقوة الصاروخية والتصنيع العسكري إن لم يكن أهم، نحن بحاجة إلى أن نساهم في بناء هذا الجيل، من خلالِ الجهود الذاتية وَالحث على دفع الأبناء والأجيال واستنقاذهم من فوهة الضلال التي هي أخطر من فوهة المدفعية.
كذَلك علينا أن نبحث ونحث أصحاب الأموال والنذور إلى الالتفاتة الجادة إلى أكمل وأفضل عمل وهو الأولوية في هذه المرحلة، هذا لمن أراد تجارة لن تبور.
وأقول لمن لديه أموال: ما أعظمَها من تجارة حينما تتاجر مع الله في هذا المجال، فترى أثره في ما بقي لك من العمر، وتستظل تحت نور ما قدمت ولا زلت في الدنيا، والله وعده حق “سنكتب ما قدموا وآثارَهم”، ما أعظمها حينما ينعم أحفادك بنعمة الدين وكنت أنت المؤسّس للبنة الأولى!
نسأل الله أن يبلغ بإيمَـاننا أكمل الإيمَـان وأن يجعل يقيننا أفضل اليقين وأن ينتهي بنياتنا إلى حسن النيات وبأعمالنا إلى أحسن الأعمال.