تحذيراتُ صنعاء تضعُ النظام السعوديّ أمام أسوأ مخاوفه
هل تضحي الرياض مجدّدًا بمصالحها الاقتصادية لخدمة رعاتها الغربيين؟!
المسيرة | خاص
كشفت الرسائلُ والتحذيراتُ الأخيرة التي وجّهتها صنعاءُ والقيادةُ الوطنية لدول العدوان، وللنظام السعوديّ بشكل خاص، العديدَ من ملامح السيناريوهات المحتملة لعودة التصعيد، وبالذات ما يتعلق بطبيعة الردود العسكرية اليمنية؛ وهو ما يضع الرياض أمام مخاوفَ مرعبة مجرَّبةٍ لاختبار مدى رغبتها في السلام، بشكل يحملها كامل المسؤولية عن خيار رفض مطالب الشعب اليمني.
على خلاف الكثير من التحذيرات التي وجّهتها صنعاء لدول العدوان خلال المراحل السابقة من فترة التهدئة، حملت التحذيرات الأخيرة تفاصيلَ محدّدةً حول نوعية التداعيات التي ستطال النظام السعوديَّ، في حال فشل جهود السلام وعودة التصعيد، وأبرز تلك التفاصيل كان حديث قائد الثورة والرئيس المشاط عن المخاطر التي تهدّد “الخطط الاقتصادية” للمملكة؛ وهو عنوان واسع يشمل كُـلّ ما تسعى الرياض حَـاليًّا لإنجازه من مشاريع وخطط اقتصادية باهظة التكاليف (تحت مظلة رؤية 2030).
صدورُ هذا التحذير المحدّد من القيادة اليمنية، يعني أن القوات المسلحة لديها سيناريوهات مدروسة ومعدة؛ لوأد كُـلّ “الطموحات” السعوديّة المعلقة بهذه المشاريع والخطط، وخُصُوصاً في هذا التوقيت الذي تحاول فيه الرياض وبجهد كبير أن تحقّق تقدُّمًا سريعًا في هذا السياق، حَيثُ أعلنت السعوديّة مؤخّراً عن العديد من الخطوات الاستثمارية الكبرى التي تزامنت مع حملة ترويجية حاولت تقديم السعوديّة كراعية للسلام في المنطقة، وخُصُوصاً مع إنجاز الاتّفاق مع إيران، وهي الحملة التي تهدف بشكل أَسَاسي لتكريس فكرة أن “السعوديّة أصبحت آمنة”.
هذا الاندفاع السعوديّ نحو الطموحات الاقتصادية، يجعلُ وَقْعَ تحذيرات صنعاء الأخيرة ثقيلًا جِـدًّا على الرياض التي تعرف جيِّدًا أن القيادة اليمنية لا تصدر مثل هذه التحذيرات عبثًا، وتعرف أن صنعاء قادرة بالفعل وفي وقت قياسي على نسف كُـلّ ما تبذله المملكة من جهود لتهيئة الأجواء لإنجاز خططها الاقتصادية، بل ونسف هذه الخطط نفسها عمليًّا؛ وهو ما سيشكل صدمة قد لا يستطيع النظام السعوديّ تجاوزها أبداً.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ تضمنت التحذيراتُ الأخيرة التي وجّهتها صنعاء تفاصيلَ أُخرى تتعلق بموانئ المملكة، حَيثُ أكّـد الفريق جلال الرويشان، نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، قبل أَيَّـام أن “القوات المسلحة قادرة على التحكم بالموانئ السعوديّة عسكريًّا وتدفق رؤوس الأموال إليها عسكرياً”.
هذه التفاصيل المحدّدة لا تضعُ السعوديّة أمام مخاوفَ بسيطة يمكن التعامل معها في وقتها، بل تضعها أمام كابوس انهيار اقتصادي تصعب السيطرة عليه؛ وهو ما يستتبع بدوره فشلًا ذريعًا في تحقيق الطموحات السياسية الإقليمية والدولية التي تعلقها الرياض على خططها الاقتصادية.
وبالتالي، فَــإنَّ تحذيراتِ صنعاء الأخيرة جاءت مدروسةً بعنايةٍ؛ لوضع الرياض أمام أشد مخاوفها سوادًا؛ وهو ما يهدف لدفعها قَسْرًا نحو الموازنة بين مصالحها ومصالح رعاتها الغربيين الذين يدفعونها نحو مواصلة العدوان والحصار؛ الأمر الذي يشكل اختبارًا أخيرًا لا يقبل المماطلة، ولا تجد أمامه السعوديّة أيةَ فرصة للتهرب من المسؤولية، ولا تمتلك فيه أي عذر تحاول من خلاله خداع صنعاء؛ لأَنَّ عدم اختيار السلام سيعني بوضوح أن الرياض لا تمتلك قرارَ إنهاء الحرب أَو لا تريد ذلك أبدًا، والأمران يعنيان أنه لا جدوى من مواصَلَةِ التهدئة والتفاوض.