رحلةٌ إلى مران.. قِمَّةٌ من الصمود والتحدي..بقلم/ كميل فهد غثاية
في زيارة لجبل مران الأخضر وبين مناطقه الخضراء، وفي رحلةٍ صيفية من أعلى الجبل إلى أسفله مررنا بقمة (الشرفة) وهي قمة اكتست الفخر والشموخ وبها تهيب ريح الحرية الملطفة بسحب باردة، ونزولاً إلى منطقة (الجنى) التي كانت كرمح حمزة في وجه المعتدين في الحرب الأولى.
نزلنا بخوف وحذر في طريق متدرج إلى قمة دكت بغارات العدوان، فسألنا نحن في أية منطقة؟ وماذا فعلت هذه المنطقة؟ فقام أحد المواطنين بإخبارنا بكل فخر وعزة: هذا المكان هو ضريح الشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، وشرح أحد المواطنين من منطقة مران وبشكل مختصر فقال: هذه المنطقة بصاحبها زلزلت البيت الأبيض بواشنطن، وزلزلت الماسونية ببريطانيا، وزلزلت الصهيونية في بلادنا المحتلّة (فلسطين)، وزعزعت كيان أشرار الأرض.
نظرنا إلى الشطر الأيمن من “الجميمة” فوجدنا جرف سلمان المعروف بالصمود والتحدي والثبات، وواصلنا النزول إلى أسفل الجبل لعل هذا الصمود والتحدي ينتهي، ولكن كان لكل منطقة حكاية ولكل حجر قصة ولكل شخص مأساة.
مررنا بقرية مدمّـرة فقيل لنا هذه هي قرية (الخرب) الذي للسيد/ بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- بيتين ومسجدين فيها، ويوجد بيتاً في طرف القرية للشهيد القائد ضرب حتى سوي بتراب الأرض، وكذلك بيوت شيخ المنطقة وأقربائه نالت من الدمار والحقد البغيض على آل البيت -عليهم السلام- وأنصارهم ما نالت من دمار.
فقلنا هل هذا الجبل ينتهي هنا؟ فقيل لنا لا زلتم في منتصف هذا الجبل الأخضر، الذي دمّـر بغارات العدوان والذي يفتقد إلى كُـلّ مشاريع البنية التحتية كمشاريع المياه والكهرباء، والمدارس مدمّـرة والمركز الصحي الوحيد دمّـرته غارات العدوان أَيْـضاً.
صادفنا بنتاً صغيرة تحمل “دبة” ماء، فسألناها يا ابنتي ما هو اسمك؟ فقالت بعنفوان “سريات” وضحكت، وقلت لها وما اسم هذه المنطقة؟ فقالت بلهجتها المحلية “أنت ما بين تستحي هذا السوق (الخميس)”، فتعجبت بذهول من لبسها وحدة لسانها رغم صغر سنها، ولفت انتباهي تلك “الدبة “من الماء التي تكاد تكسر ظهرها حين تملأها وتحملها على ظهرها وتمشي بها لمسافات كبيرة، وتألمت بشكل كبير من هذه المعاناة، فحسبي الله ونعم الوكيل، تعاقبت الأنظمة وتطور العالم ولا زال الماء يؤخذ فوق الأكتاف وعلى الظهور لمسافات كبيرة في هذه المنطقة من بلادنا.
السوق وهو عبارة عن عدد من الدكاكين ويفتقد إلى أدنى متطلبات الأسواق المتعارف عليها، وقلت لنفسي لعله يوجد في هذه المنطقة مركز شرطة، ولكن تبين أن مركز الشرطة هو عبارة مبنى مستأجراً سمي بمركز شرطة، فذهبت وأنا في حالة من الغضب مما رأيت، وكأن هذه المناطق كانت محاربة منذ تأسيس الجمهورية، فلم يصل إليها أي مشروع يذكر، والله المستعان.
بعد ذلك ذهبنا إلى مصلى العيد الذي هو قيد الصيانة بمشاركة مجتمعية، وواصلنا النزول حتى وصلنا إلى “الخربان” روضة كبيرة للشهداء ووجدنا العظماء وأولهم الشهيد المجاهد/ زيد علي مصلح -سلام الله عليه-، الذي صدق القول عندما قال: “سأجعل من مكاني هذا سُلَّمًا للنصر أَو معراجاً للشهادة”، فصدق القول -سلام الله عليه- وعلى كُـلّ شهدائنا العظماء.
رجعنا.. ونحن في ذهول من صمود أبناء هذا الجبل ومن تضحيات أهله الكرام الأجلاء، ونتمنى من الدولة أن تنظر إلى وضع أبناء هذه المنطقة وتعمل على توفير ولو الشيء البسيط من مقومات الحياة والبنية التحتية والخدمات الأَسَاسية.
فسلام الله على مران.. وعلى أهل مران.