مجزرةُ تنومة: جريمةٌ لا تُنسى..بقلم/ حسام باشا
في عام 1926م، وقعت واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ الإسلام، حَيثُ قامت عصابات آل سعود بقتل أكثر من (ثلاثة) آلاف حاج يمني، من بينهم نساء وأطفال، في مدينة تنومة بالحجاز.
هذه الجريمة الشنيعة، التي كشفت حقيقة آل سعود وفكرهم وسياستهم ودورهم البريطاني في المنطقة، لم تكن محطة الإجرام الأولى أَو الأخيرة لآل سعود، بل كانت الأبرز والأبشع وواحدة من سجل كبير من الجرائم الممتدة طوال مئة عام بحق الشعب اليمني.
فآل سعود هم أتباع والرعاة للفكر الوهَّـابي التكفيري المتطرف، الذي ينكر عن المسلمين إسلامهم، ويخرجهم من دائرة الإسلام، ويحرض على قتلهم ونهب أموالهم وأعراضهم.
هذا الفكر هو الجذر الروحي للإرهاب في المنطقة، الذي أنشأ تنظيمات مثل القاعدة وداعش وغيرها، وهو أَيْـضاً المحرك الشرعي لاستمرار النظام السعوديّ واغتصابه حقوق شعوب المنطقة، خَاصَّة شعب اليمن، وفرض هيمنته على أرض المسجد الحرام والمسجد النبوي.
حقيقةً لم يكن لآل سعود ليصلوا إلى هذا الحد من التمادي لولا التدخل الاستعماري لبريطانيا في شؤون المنطقة، الذي عمل إلى تقسيم الأُمَّــة الإسلامية والعربية وإضعافها وإخضاعها.
فبريطانيا هي التي صاغت وعد بلفور لإنشاء كيان صهيوني في فلسطين، وهي الذي دعم وساند آل سعود لإقامة مملكتهم على أرض نجد والحجاز، وهي الذي فصل الحجاز عن بقية المشارق، وهي الذي شجع آل سعود على اغتصاب حقوق شعب الحجاز، وارتكاب مجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين، كجزء من سياستها في تشتيت الأُمَّــة العربية والإسلامية.
إضافة إلى ذلك، لم يكن لآل سعود دافع ديني فقط في ارتكاب هذه المجزرة، بل كان لديهم أَيْـضاً دافع معنوي، فالشعب اليمني؛ لأَنَّه شعب يعتز بهُــوِيَّته الإسلامية، وله دور كبير في نشر الإسلام والحضارة في المنطقة، فَــإنَّه كان يرسل حجاجه بأعداد كبيرة إلى بيت الله الحرام.
لذلك، أردوا أن يحطموا هذا الشعب، ويذلونه، ويحرمونه من حقوقه ويرهبونه بالقتل والإبادة وإظهار قوتهم وسطوتهم على المنطقة وإخافة الشعوب من مواجهتهم أَو مقاومتهم.
إن هذه المجزرة على الرغم من فداحتها وشناعتها، إلا أن نظام عفاش عمل طوال ثلاثة عقود إلى طمسها من ذاكرة اليمنيين، وإخفاء حقائقها وتفاصيلها عن طريق تهديد الإعلام والصحافة وكلّ من يتحدث عنها، في محاولة لتبرئة آل سعود من مسؤوليتهم وتحقيق المصالح الشخصية والحزبية مع النظام السعوديّ، على حساب حقوق وكرامة ودماء الشعب اليمني.
ومع اندلاع ثورة الـ21 من سبتمبر، التي كان لها دور كبير ورئيس في إبراز مظلومية شهداء مجزرة تنومة، بدأ اليمنيون يتحدثون بشكل أكبر عن هذه المجزرة وشهدائها، حَيثُ أعادوا ذكراها إلى الواجهة وأحيوها في كُـلّ عام، مطالبين بالقصاص من المجرمين والمتورطين فيها، وإعادة فتح الملفات المغلقة التي تتعلق بجرائم آل سعود بحق الشعب اليمني.
لا شك أن مجزرة تنومة ستبقى واحدة من الأحداث الأليمة التي تستحضر الألم والحزن في قلوب اليمنيين، فهي ليست مُجَـرّد جريمة بل جرح نازف في قلب كُـلّ يمني حر، يؤلمه كلما تذكرها، كما ستبقى في التاريخ والذاكرة كشاهد على جبروت آل سعود، وكـدافع للاستمرار في المقاومة والصمود، ولن تمحى من التاريخ ولن تسقط بالتقادم، بل ستبقى تثير فينا مشاعر الإدانة والاستنكار، وتحَرّك عزائم التصدي والمقاومة، ورمزًا للظلم والإبادة، وشعاراً للحرية والكرامة ودرسًا للأبناء والأحفاد ينقش فيهم آثارها على مر التاريخ.
أخيراً: إن عداء وحقد آل سعود لليمن ليس وليد اللحظة، إنما منذ عهد الدولة السعوديّة الأولى، حَيثُ ورث آل سعود من آبائهم وأجدادهم العداء والحقد والظلم للشعوب الإسلامية، ولا سيَّما الشعب اليمني، الذي عانى من الغزوات السعوديّة والجرائم التي استمرت إلى يومنا.
وعلى الرغم من أن السعوديّة تدعي أنها دولة إسلامية، إلا أن سياساتها تعكس تماماً العكس، فالدين الذي يتحدث عنه الإسلام يحث على العدل والإنصاف والرحمة، ولكن آل سعود يتصرفون بالعكس تماماً.