بعد “3000” يوم.. اليمنُ من الاستضعاف إلى التمكين..بقلم/ دينا الرميمة
مرت علينا وظنناها لن تمر ثلاثة آلاف يوم ثقيلة وَمحمومة بأحداث حرب لا تزال أولى لحظاتها حاضرة في ذاكرتنا المتخمة بمآسي الفقد وَخذلان عالم قانونه “البقاء للأقوى والأثرى”، وخبث عدو خانته ذاكرته المثقوبة؛ فتناسى تاريخ اليمن الذي صارت أرضه مقبرة لكل من سولت له نفسه المساس بها وبشعب رأس ماله كرامته وهي عنده من أُمهات الحقوق ولأجلها ثار وقدم الدماء الزاكيات!!
لكنه وعلى حين غفلة وَغرور، حلق بطائراته مطوقاً سماء اليمن منتشٍ بالتكنولوجيا التي سخرها صانعوها لأجله، ومن الغارة الأولى أسقطوا الموت وَالحزن معاً على أرض تلقفت كُـلّ نفايات الغرب وخبثه، وما بين ساعة وأُخرى يكون لهم فريسة وَضحايا وَجثث وأشلاء تناثرت وَبنية تحتية دمّـرت وقف على أطلالها أصحابها يطويهم الحزن على وطنٍ كُـلّ ما فيه صار هدفاً مباحاً وغدا أشبه ما يكون بجسد متوشح بالسواد الدائم وَعزاءات لا تنتهي، ودموع خانته على ذات غارة، ومشهد جسد مسجى!!
وعلى عكس ما ظنته دول العدوان والجوار بأن أَيَّـاماً قليلة كفيلة بإدخَال اليمن تحت جناحها وعباءتها فقد طال أمد الحرب، وَكان خيار اليمنيين الصمود والثبات وَأعلنه وقاده السيد “عبدالملك الحوثي” بحنكة عالية وَبهمة شعب لم يضعف أَو يذل، إنما جعل منهم ومن مجنزراتهم أضحوكة ضاعت هيبتها تحت بأس أقدامه الحافية!!
وبعد فشل العدوان عسكرياً كان الحصار هو خيارهم الآخر فطوَّقوا به اليمن وبه قتلوا الكثير جوعى وَمرضى كان لهم من القبور أضعاف ضحايا الصواريخ والقنابل المحرمة دوليًّا والمباحة في اليمن، وعلى شعب قضى سنواته صامداً تحت القصف وَدخان الغارات وَطفولة وشيخوخة بين الأنقاض، ومجتمع مضروب عليه أبشع أنواع الحصار يقارع الظلم وحده ويبكي وطناً يدمّـر ولا يبكيه أحد غيره، وأشقاء وأقرباء يرحلون وَأطفال لا يجدون كسرة خبز أَو مفقودين تحت ركام المنازل المقصوفة.
وأمام بشاعة ما جاؤوا به لم يبكِ مناشدةً للعالم ولم يستجد حقوقاً وقوانين فقدت وإنسانية دفنت رأسها بالتراب وَنأت بنفسها عنه، إنما نعاهم جميعهم غيرَ آبهٍ إلى مثواهم الأخير، مواصلاً غمار معركة السيادة والبقاء سلاحه الإيمَـان بالله وَالثقة بنصره ولو بعد حين لشعب ووطن غدا كُـلّ ما فيه جريحاً ومكلوماً حتى انتصر لإرادته وسيادته، التي صعب على العدوّ انتزاعها خلال ثلاثة آلاف يوم ولا يزال حتى اللحظة يُمني نفسه بها وَبنصر يحفظ ماء وجهه، وفي ذات الوقت الذي يرجو سلام يقيه صواريخ الغضب اليماني ومسيَّرات رد وَردع هي نتاج ثلاثة آلاف يوم من العدوان والمأساة!!
ويؤكّـد اليمنيون على أن ما مر من سنين الحرب ليست إلَّا وقود معركة وَمواجهة قد تطول وتحول دون أن يحقّق العدوّ بغيته ومراده.