الحَجُّ وآلُ سعود..بقلم/ الزهراء عادل

 

قال تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُـلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُـلّ فَجٍّ عَمِيقٍ).

حشود هائلة إلى بيتِ الله مُندفعة، أرواح متشوقة للقاء مع الحبيب، وألسنةٌ لله ذاكرة، وباسمه مُلبية، يأتون من كُـلّ فج عميق، من كُـلّ بُلدان العالم، بمختلف المذاهب والطوائف، يجتمعون لأداء تلك الفريضة، يردّدون تلك التلبيات: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة، لك والملك، لا شريك لك”.

في الحج يطبق قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، حَيثُ يلتقي الحجاج في بيت الله من كُـلّ أنحاء العالم ليتعارفوا فيعرف كُـلّ منهم أحوال الآخر، فتتآلف قلوبهم، يتوحد صفهم وتتوحد كلمتهم، في الحج تُعلن البراءة من أعداء الله (وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأكبر أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَـمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، في ذلك اليوم يرفع وبأعلى الأصوات “الله أكبر من كُـلّ كبير، أكبر من كُـلّ جبارٍ ظالم، أكبر من كُـلّ معتدٍ آثم، هو أكبر من ذلك الشيطان المارد”، الله أكبر ينطقها الحُجاج من جميع الطوائف، ليخرجوا من تلك الفريضة وهم مدركون أن لا قوة بقوة الله تقارن، ولا كبير غير الله نعرف، ولا عذاب سوى عذاب الله يُخوف.

في الحج تُزال جميع الطبقات تنتهي منهجية التفرقة، لا فرق بين غني ولا فقير، ولا تمييز لعربي على أعجمي، كُلهم سواء، جميعهم بلبسٍ واحد، وكلهم لله عبيد وموالي، تمحص في الحج الذنوب وتُغتفر، يخرج الإنسان من تلك الفريضة بقلبٍ طاهر أبيض، يخرجون منها بعد أن علموا أنهم أُمَّـة واحدة بصفٍ واحد وقيادةٍ واحدة وبمنهجٍ وكتابٍ واحد، معتصمين جميعاً بحبل الله للتفرق رافضين، شاكرين لله أن ألف بين قلوبهم بعد أن كادوا أن يكونوا أعداءً يتحكم بهم أعداء الله كيف ما شاءوا (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، إذ كُنْتُمْ أعداء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).

وفي ذلك كله تكمن أهميّة الحج، تصبح الأُمَّــة الإسلامية، أُمَّـة واحدة قوية شديدة البأس متمسكة بكتاب الله، موالية لرسوله وآل بيته، معادية لأعداء الله، أُمَّـة منهجها مُحمدي، وَبأسها بأسٌ حيدري، ترفض الظلم والإذلال، ترفض أن تكون ولاية أمرها للطاغوت، للشيطان الأكبر، تماماً كما رفض الإمام علي ومن بعده الحسن وكذلك الحسين -صلوات الله عليهم- من قبل أن تكون ولاية أمر هذه الأُمَّــة بين أيدي المتشدقين باسم الدين وهم في الحقيقة أعداء الدين، ولخوف الأعداء الشديد من تحقّق كُـلّ ذلك، ولأنهم يعلمون الخطر الموجه إليهم من خلال أداء تلك الفريضة فهم يسعون دائماً لمنعها وعرقلة أدائها، فمنذُ أن تولى الحكم آل سعود لم تمر سنة واحدة دون أن يتعرض الحج للعرقلة من قبلهم والاعتداء على الحجاج والتعرض لهم، في حين أن من واجبهم حماية حجاج بيت الله وتسهيل أمور الحج ليتمكّن الجميع من تأدية تلك الفريضة، ينطلقون بعكس ذلك تماماً، يسعون لأن تكون تكاليف الحج باهظة، يعاملون حجاج بيت الله وكأنهم عبيد لديهم لا احترام لهم، يقتلون الحجاج متى شاءوا وبأية وسيلة أرادوا، عُدم الأمان في ذلك المكان في حين أن الله قال في كتابه: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا)، حتى أصبح الحج مستحيلاً عند الأغلبية، لا احترام، لا أمان، وتكاليف باهظة، قد أصبح حلماً مستحيلًا وحملًا كبيرًا.

آل سعود يمنعون الحج عمن أرادوا ومتى شاءوا، ففي السنين الماضية منع الحج بحجّـة الوباء وفتحت دور الملاهي والمراقص، هُم يسعون جاهدين لأن يمحوا تلك الفريضةَ، ويمنعوا تجمُّعَ الناسِ فيها وتحقيق فوائدها على الأُمَّــة الإسلامية بأكملها، يريدون إخلاءَ بيت الله ومن ثَمَّ تسليمُه لأسيادهم؛ طمعاً في أن تتحقق مصالحهم ويرضوا عنهم ولكن الله قد أكّـد في كتابه أنهم لن يرضوا عنهم (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى).

بيت الله سوف يُحرّر هو وجميع المقدسات، سيأتي اليوم الذي سنطوف فيه بقيادة علم الهدى الرباني السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- اليوم الذي سنتبرأ فيه من أعداء الله، سُيرفع ذلك الشعار في البيت الحرام سنهتف بأعلى أصواتنا “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، وسنتولى من أمرنا الله ورسوله بتوليهم ونهتف بتولينا لهم حتى يسمع العالم أجمع، سيأتي ذلك اليوم الذي سوف نعلن فيه انتصار الحق على الباطل اليوم الذي سوف يُزهق فيه الباطل على يد ولي من أولياء الله (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)، وإننا لنرى أن ذلك اليوم ليس ببعيد وسندخل الحرمين فاتحين، وسنقلع حصن الأعداء كما قلعه الإمام علي من قبل، وكما كان ذلك الفتح بقيادة رسول الله والإمام علي، سيكون اليوم بقيادة عَلَمِ الهدى السيد عبد الملك -حفظه الله ورعاه-.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com