وإن عُدتم عُدنا وعلى الباغي تدورُ الدوائر..بقلم/ محمود المغربي

 

قد لا يكونُ التقارُبُ والتوجُّـهُ السعوديُّ نحو إيران خروجاً عن الرغبة الأمريكية، وقد يكونُ ذلك التقاربُ المبالَغُ فيه استباقًا سعوديًّا لحجز مقعد لدى طهران، قبل الإعلان عن تسوية سياسية مرتقَبة للصراع الأمريكي مع إيران، وعودة أمريكية للاتّفاق النووي الإيراني، أَو حتى تجميد وترحيل للصراع في المنطقة، بعد أن أدرك الأمريكيون -وبتوصيف أدق إدارة بايدن الديمقراطية- أن خسارة أمريكا للمعركة والهيمنة في المنطقة أصبح وشيكاً، ولا مجال لتدارك الأمر باتباع ونهج السياسة القديمة لأمريكا في المنطقة، والقائمة على القوة والتهديد والترهيب والهيمنة.

وبغض النظر عن النوايا والدوافع الكامنة وراء الانفتاح السعوديّ نحو إيران، وَإذَا كان الأمر بضوءٍ أخضرَ أمريكيٍّ؛ لشيء في نفس يعقوب، أَو أن الأمور خارج عن الرغبة الأمريكية إلا أن الانفتاحَ السعوديّ على إيران وروسيا والصين وكسر التقوقُع السعوديّ خلفَ الرغبة والتوجيهات والمصالح الأمريكية أمرٌ مرحَّبٌ به، وسوف يكون لها أثرٌ إيجابي على التقارب العربي العربي وعلى المحيط الإسلامي، ويخفّض حجمَ الصراع والتوتر في المنطقة ويقلص من النفوذ الأمريكي ومن التكلفة الباهظة التي نتحملها -نحن العرب والمسلمين- نتيجة الإملاءات والمؤامرات الأمريكية، ويحبط المحاولات الصهيونية للإبقاء على العزلة الدولية المفروضة على إيران ومحور المقاومة.

وأعتقد أن ثمارَ ونتائجَ التوجّـه السعوديّ الجديد قد بدأت في الظهور، وعلى نحو إيجابي، يتمثل في خفض التصعيد في العدوان على اليمن، وإن كان الفضلُ في ذلك يعودُ إلى الصمود والتضحيات والانتصارات اليمنية وحكمة وعظمة القيادة السياسية، إلا أن التعاطيَ السعوديّ مع الأمر كان إيجابياً في نواحٍ عدة، بغضِّ النظر عن الأكاذيب والمماطلة والتهرب السعوديّ من تنفيذ شروط صنعاء بتجنيبِ المِلف الإنساني والتوقف عن اللعب بالورقة الاقتصادية والحرب الناعمة التي يقومُ بها النظام السعوديّ في الداخل اليمني وعبر الأدوات والتي تعوَّد عليها الأنصار وأصبحت لديهم حصانة، مع أن الكثيرين لا زالوا يقعون فيها وبلا شك لها آثارٌ سلبية.

أيضاً ساهم هذا التوجّـه السعوديّ في رفع القيود على إيران ومكّنها من الحصول على عشرات المليارات من الدولارات من أموالها المجمدة في الخارج وخفّف الضغوطَ على فصائل المقاومة الفلسطينية، وفتح الأبواب أمام سورية للعودة إلى المحيط العربي وتجاوز الخلافات وربما الأحقاد التي خلّفتها المواقفُ العربية المخزية من الصراع والعدوان على الدولة والشعب السوري.

وكلّ تلك الأمور تجعلنا نتفاءل خيرًا ونتعامَلُ، ونتجاهل دورَ وموقفَ النظام السعوديّ المدمّـر والمتآمر والسلبي على الأُمَّــة العربية والإسلامية وعلى اليمن التي كان لها نصيبُ الأسد من الحقد والمؤامرات والعدوان السعوديّ ومن النهب للأرض والثروات اليمنية ومن تعطيل للتنمية وزراعة ودعم الفاسدين والعملاء ونشر التطرف والإرهاب واغتيال للعقول وللشخصيات الوطنية والمؤمنة والصادقة.

إلا أن القيادةَ السياسية تعملُ على ضبط النفس وتحرِصُ على إتاحة الفرصة والوقت أمامَ النظام السعوديّ وتشجّعه للتقدم نحو السلام والاستقلال في القرار والاستمرار في النهج والتوجّـه القائم؛ انطلاقاً من منهجية إيمانية وقرآنية، وبما يعود على الأُمَّــة بالخير والوحدة وإغلاق صفحات الماضي الأليمة والبشعة؛ حتى يظهر العكس من ذلك، والذي -وبلا شك- القيادة مستعدة له وجاهزةٌ لمواجهة كافة السيناريوهات والألاعيب التي لن تكونَ في مصلحة النظام والشعب السعوديّ.

وكما يقول المَثَلُ اليمني: (الحجرُ من الأرض والدم من رأس القبيلي).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com