مملكةُ الإفراط والتفريط.. بقلم/ احترام عفيف المُشرّف
كيف ابتدأت بالتشدّد، وانتهت بالانحلال، من مساجد حرام، إلى مراقص حلال.
إنها بؤرة الشر ومنبع الضرر للإسلام ومقدسات الإسلام والسبب الرئيسي في تشويه صورة الإسلام بدعمها وتغذيتها لجذور الإرهاب بالخفاء، ووقوفها ومساندتها لأعداء الإسلام بالعلن.
مملكة الإفراط بالتشدّد ومنع حتى ما أباحه الشرع من مَـا هو حلال بإجماع علماء المسلمين باستثناء علماء الشر الوهَّـابيين والذين ضيقوا الخناق على من تولوا عليهم، وإنزال العقوبات عليهم بدون وجه حق وأباحوا لأنفسهم التكفير وإقامة الحد لمن خالفهم وتأليههم لأحكامهم وجعلهم الحاكم إله لا يخطئ ولا يزيغ وعلى من خالفه إقامة الحد عليه وإخراجه من دائرة الإسلام.
ومنعهم للمواطنين حتى من أبسط أنواع الترفيه عن النفس وجعلهم تحت مقصلة التهديدات بأن كُـلّ شيء حرام وكفر وشرك.
هذه المملكة التي غالت بالإفراط بالتشدّد هَـا هي اليوم تغالي بالتفريط وإباحة المحرمات وتحليل ما حرم الله من انحلال وإقامة احتفالات الشياطين الذين تولوهم وأباحوا المحرمات، وليس ذلك وحسب بل إن هذه المهلكة ولأنها غالت في تشدّدها بما لم ينزل الله به من سلطان، نراها اليوم مفرطة بانفتاحها فقد كان انفتاحها كارثةً على الإسلام، فقد أباحت فتح المراقص والملاهي الليلية والمشروبات المحرمة، وفي مقابل ذلك منعها المساجد من فتح مكبرات الصوت بالأذكار والتسبيح، وإجازة دخول المصيفين للترفيه بكل أنواعه دون قيد أَو شرط، وشدّدت على الحجاج والمعتمرين واعتقال زوار بيت الله الحرام، ولم تفرق في ذلك بين الرجال والنساء فهي تعتقل النساء وتنتهك حرماتهن في البيت الحرام.
وهي وكما عرفناها منذ نشأتها المشؤومة تسعى لهدم عرى الإسلام ومحاربة المسلمين ومد أذرعها في كُـلّ بلاد المسلمين لزعزعة سكينتهم، والتطبيع مع العدوّ الأول للإسلام والمسلمين والذين لعنوا في كتاب الله ولعن من تولاهم.
ولو تتبعنا تاريخ هذه المهلكة السعوديّة سنجد أنها العدوّ الأَسَاسي لكل ما فيه صالح للإسلام والمسلمين فشيطان نجد يسعى حثيثاً في هدم أسس الإسلام بحالتيه من التشدّد والانحلال.
وهَـا هي اليوم مملكة الشر لم تحَرّك ساكناً لحرق المصحف الشريف من حلفائها الصهاينة، أَو ما كان من السويد الآن أَو قبل فترة وكذلك الدنمارك، وغيرها، وتقوم قائمتها وتعتقل عالم الدين البحراني سماحة الشيخ: جميل الباقري، من مكة المكرمة بتهمة قراءة دعاء الفرج ومن قبله العديد من العلماء الذين اعتدت عليهم ضمن حملة الاستهداف الممنهجة للعلماء الأفاضل الذين يحيون شعائر الدين ويظهرونه بصورته السمحة والحقيقية.
وكما قلنا ليست هذه الحادثة الأولى من السكوت على من تعدى على كتاب الله أَو حاول الإساءة لرسول الله -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله-، أَو في اعتقال العلماء وانتهاك حرماتهم وحرمات بيوت الله، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة.
فهذه هي المهمة التي مِن أجلِها تأسست هذه المملكة أن تكون محتلّة ومسيطرة على أقدس مقدسات المسلمين المسجد الحرام والمسجد النبوي، وداعمة وموالية ومؤيدة للوجه الآخر لها الذين يحتلون أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي.
مشهد واضح وجلي لكل من كان له بصيرة أن هذه البيادق وضعت من قبل العدوّ الأزلي للإسلام لتقوم بمهمة ذات خطين متوازيين الأول هدم عُرَى الإسلام من داخله وفق ما تقتضيه المرحلة بالتشدّد ونقيضه.
والخط الثاني تشويه صورة الإسلام أمام الآخر، وهذين الخطين هما ما تقوم بهما فعلاً، وستظل هذه الأذرع الخفية في تحريك تلك البيادق المسيطرة على موقع القرار في الأُمَّــة حتى تتمكّن من تنفيذ أجندتها لاحتواء الإسلام وتفريغ العقول من ثوابته ومقاصده العالمية ليتحول إلى نموذج من نماذج الاستسلام والخنوع والتسييس لما فيه صالح العدوّ.
ولا حل ولا خلاص من العدوّ الصهيوني واسترجاع الأقصى إلا بالخلاص من العدوّ المتأسلم المستتر باسم الإسلام وتطهير المسجد الحرام ممن أباحوا حرمته.
والعاقبة للمتقين.