جبهةُ الوعي والإعلام صخرةٌ تتحطم عليها مؤامرات رأس الشر أمريكا..بقلم/  محمد علي الحريشي

 

شكلت جبهة الوعي والإعلام خطاً دفاعياً متقدماً لمواجهة مخطّطات العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن، وهي أكثر أهميّة من خطوط الدفاعات العسكرية المتقدمة في جبهات المواجهة، ذلك؛ لأَنَّ خطوط جبهة الوعي والإعلام تشمل كُـلّ المساحة الجغرافية والبشرية اليمنية في المحافظات المحرّرة فهي موجودة في كُـلّ قرية ومدينة وموجودة في وسائل المواصلات وفي المجالس والمدارس والأسواق وموجودة في متناول الأيدي عبر مواقع التواصل الإعلامي، وهي جبهة تعمل على مدار الساعة ولا تتوقف عند حدود معينة.

بعد انهيار الاتّحاد السوفيتي نهاية (عام 1989م) وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية على العالم.

ابتكر كبار جنرالات الجيش والخبراء العسكريين وقيادات أجهزة الاستخبارات الأمريكية نوعاً جديدًا من الحروب، أطلق عليه (حروب الجيل الخامس) لتضمن به انفرادها بقيادة العالم والهيمنة عليه لمدة مِئة سنة قادمة، تعريف حروب الجيل الخامس بكل اختصار هي حروب أدواتها آخر ابتكارات التصنيع العسكري من أسلحة حديثة تعتمد على التكنولوجيا عبر مراكز قيادة وسيطرة ترتبط بالأقمار الصناعية، من حَيثُ جمع المعلومات الاستخباراتية وتوجيه السلاح ودقة إصابته للأهداف.

 

عناصر حروب الجيل الخامس:

1- سلاح حديث عموده أحدث الطائرات الحربية وصواريخ كروز وقنابل شديدة الانفجار موجهة بالليزر وغيرها من الأسلحة.

2- إعلام موجه يستخدم وسائل حديثة مثل القنوات الفضائية المباشرة وأقمار صناعية وجيش إعلامي كبير مدرب على أحدث نظريات الحرب النفسية.

3- حصار وحرب اقتصادية على البلد المستهدف بالحرب.

4- استخدام وتسخير مجلس الأمن والمنظمات الدولية وتجيير قراراتها لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

5- خلخلة الدولة المستهدَفة بالحرب من الداخل وشراء ولاءات العملاء وضعفاء النفوس ودعم ما يسمى بقوى المعارضة، ويدخل في هذا العنصر ما يسمى بدعم تطلعات الشعب أَو حماية الشرعية أَو حماية الأمن الإقليمي والدولي من التهديدات المختلفة، وما إلى ذلك من عنوانين مخادعة وفضفاضة.

نركز في موضوعنا على العنصر الثاني من عناصر حروب الجيل الخامس وهي الحرب الإعلامية.

بعد انهيار الاتّحاد السوفيتي الذي كان القوة الدولية الثانية المنافسة للقوة الأمريكية والغربية وسيطرة أمريكا على مصادر صنع الإعلام ومع ظهور البث التلفزيوني الفضائي، استثمرت أمريكا مليارات الدولارات للهيمنة الإعلامية على العالم وتضخيم القوة الأمريكية التي لا تقهر، وهنا اشتغلت الآلة الإعلامية العملاقة لإدخَال الرعب في وجه أية دولة تتمرد على الهيمنة الأمريكية.

أول ما استخدمت أمريكا حروب الجيل الخامس في الحرب اليوغوسلافية الداخلية التي نتج عنها تفكك الاتّحاد اليوغوسلافي إلى أربع دول.

من مظاهر حروب الجيل الخامس تكوين تحالف دولي تقوده أمريكا، هذا الجانب معظمه حرب إعلامية هدفها بث الرعب والخوف في وجه الدولة المستهدفة، نلاحظ أن جميع حروب الجيل الخامس التي شنتها أمريكا على عدد من الدول كلها كانت على شكل تحالف دولي مثل الحرب على يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن وأخيراً ضد روسيا.

من أَسَاسيات حروب الجيل الخامس أنها حرب عسكريّة خاطفة تعتمد على المدى الزمني القصير تسبقها وتتزامن معها حرب إعلامية شرسة وحرب اقتصادية قوية، تعتمد على شن عدوان جوي وبحري مكثّـف في ساعة الصفر الأولى بحيث تدمّـر المعسكرات ومراكز القيادة وخطوط المواصلات والاتصالات وتدمير البنية الاقتصادية والمنشآت الحكومية كلها في وقت واحد، الأهداف من ذلك خلق حالة الخوف والرعب في الدولة والشعب المستهدف، خلق حالة الفوضى وفقدان السيطرة على الحالة الأمنية، انهيار المنظومة الأمنية ينتج عنها انهيار الجهاز الأمني وانهيار دفاعات الجيش وفقدان الحكومة والقيادة السيطرة على الأوضاع بشكل عام، تسمى الضربة الأولى بضربة الصدمة والرعب.

نجحت حروب الجيل الخامس في يوغسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا، استخدم الكيان الصهيوني حروب الجيل الخامس في العدوان على جنوب لبنان عام 2006م لكن حزب الله اللبناني بقيادة السيد حسن نصر الله ومن خلفهم إيران بدعمها ووقوفها مع حزب الله هم أول من ألحق هزيمة بحروب الجيل الخامس في نسختها الصهيونية أهم عوامل هزيمة الكيان الصهيوني وحرب الجيل الخامس أمام مقاتلي حزب الله وبالتالي انتصار المقاومة هو إفشالهم للحرب الإعلامية بالدرجة الأولى، استطاعت قيادات حزب الله وقيادات الحرس الثوري الإيراني فك شفرات الحرب الإعلامية وحرب جبهة الوعي وهذا الذي فاجأ به حزب الله صناع القرار وخبراء الحرب الأمريكان وأصابهم في مقتل، وبعد اكتشاف أمريكا لهزيمة الكيان الصهيوني وفشل حرب الجيل الخامس في جنوب لبنان سارعت إلى إنقاذ حكومة وجيش الكيان الصهيوني بمبادرات وقف الحرب وانسحاب الجيش الصهيوني من جنوب لبنان.

كان العدوان الصهيوني على جنوب لبنان عام 2006م هو النقطة المفصلية ونقطة البداية في هزيمة حروب الجيل الخامس؛ لأَنَّ المقاومة اللبنانية المتمثلة في مقاتلي حزب الله تغلبوا على أخطر سلاح من أسلحة الجيل الخامس وهو الإعلام والوعي الذي يخلف حالة الخوف؛ لأَنَّه سلاح يسبب الهزيمة من داخل النفوس والمشاعر، فإذا ارتعدت المشاعر واضطربت القلوب؛ خوفاً ورعباً فكيف سيقاتل الفرد ويصمد أمام أحدث أسلحة العدوّ؟!

أهم سلاح استخدمه حزب الله للتغلب على حرب الوعي والإعلام هو سلاح الإيمان، سلاح عدم الخوف إلَّا من الله وحده فقط، سلاح استصغار أمريكا في النفوس وكلّ ما تملك من قوات وعتاد، هذا السلاح الذي تسلح به حزب الله لم يأتِ من فراغ ولم يأتِ نتيجة لاندلاع الحرب بل تم بناؤه منذ سنوات في واقع التثقيف والإعلام والبرامج التدريبية، ومما لا شك فيه أن الحرس الثوري الإيراني هو الذي اكتشف شفرات الحرب الإعلامية الأمريكية من حروب الجيل الخامس وتسلح بالوعي والإيمَـان ولم يأتِ ذلك السلاح من فراغ بل أنتجته مراكز أبحاث عسكرية تتبع الحرس الثوري وكان ذلك ضرورياً لمواجهة الشيطان الأكبر ومواجهة آخر نظريات الحروب العسكرية الأمريكية التي أنتجتها مراكز علمية متخصصة أنفق عليها عشرات المليارات من الدولارات.

جاء العدوان على اليمن يحمل نسخة متقدمة وحديثة من حروب الجيل الخامس وكلّ حسابات الخبراء العسكريين الأمريكيين أن الحرب لا تستغرق أكثر من أربعين يوماً وبالتالي دخول صنعاء واحتلال اليمن، لكنهم لم يحسبوا حساب القوة الإيمَـانية وقوة السلاح الذي تسلح به ثلة قليلة مجاهدة من أنصار الله اليمنيين وهو سلاح الوعي والإيمان.

لم يستفِد الأمريكي والصهيوني من تجربة دروس حزب الله في هزيمة حروب الجيل الخامس وشاء الله أن تتحطم تلك الحرب القذرة على صخور جبال اليمن وأن تتمزق وتتناثر أشلاء على أيدي اليمنيين وأن تتحطم فخر الصناعات الأمريكية على أيدي اليمنيين مثل دبابات الإبرامز وصواريخ الباتريوت.

لقد كان لقيادة السيد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- ولجبهة الوعي والإعلام وللمواقف الشعبيّة اليمنية المناهضة العوامل الحاسمة في هزيمة أحدث وأقدر الحروب الأمريكية، استطاع اليمن هزيمة كُـلّ عناصر حروب الجيل الخامس.

أمريكا عدو مبين لن يهدأ لها بال ولن تستسلم بسهولة وسوف تظل ترسم مخطّطات جديدة تعيد لها هيبتها ومكانتها الدولية، فهي اليوم تستخدم الحروب الناعمة وتستخدم حرب الرذيلة ونشر الفساد، الحملة المسعورة التي تتبناها الإدارة الأمريكية لنشر المثلية / الشذوذ الجنسي وانتهاك قدسية كتاب الله ما هي إلَّا عناصر لجيل جديد من الحروب تستهدف به بالدرجة الأولى العالم الإسلامي تستهدف به دول وقوى محور المقاومة الذين سببوا لها هزيمة حروبها القذرة في لبنان وسوريا والعراق (على أيدي الحشد الشعبي) وفي اليمن، فالحرب الأمريكية القادمة هي حرب أشدّ قذارة هي حرب تستهدف الأجيال وتستهدف القضاء على الفطرة البشرية وتستهدف القضاء على الإنجاب وتستهدف تمييع الأجيال ونشر المثلية والشذوذ، وسائل حربها موجودة في كُـلّ مكان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وموجودة في منتجاتها الغذائية خَاصَّة غذاء الأطفال، موجودة عبر المنظمات الدولية العاملة ومنظمات المجتمع المدني، فَلنحذر من هذه الحرب الملعونة ولنحذر على أجيالنا ومجتمعاتنا ولنتسلح بسلاح الإعلام والوعي والإيمَـان.

لم ولن ينتهي الصراع أبداً، العدوّ الأمريكي مكشر أنيابه ولن يستسلم حتى ولو هدم المعبد على رؤوس العالم أجمع، فهو عدو مجرم قام ونشأ وترعرع على الإجرام وعلى إبادة الشعوب وانتهاك كرامة وحرية الشعوب، عدو متربع على قمته اليهود والماسون ومصاصي الدماء الرأس ماليين ناهبي خيرات وثروات ومقدرات الشعوب، عدو جمع كُـلّ المساوئ والخبائث، هذا الذي يجب أن نعيه ونفهمه عن أمريكا وعن حكام أمريكا، ولتستمر جبهة الوعي والإعلام والإيمَـان السلاح الذي يقهر أم الكفر ورأس الشر والطغيان أمريكا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com