تكرارُ إحراق المصحف عملٌ صهيوني ممنهج وردودُ أفعال ضئيلة

المسيرة | أيمن قائد

من جديدٍ يكشفُ تكرارُ الإساءة للمقدسات الإسلامية مدى سيطرة اللوبي الصهيوني على الأنظمة والمجتمعات الغربية التي أبدت مساوئها تجاه الدين الإسلامي ورموزه بإحراق نسخ من القرآن الكريم في دولتَي السويد والدنمارك في فترة متقاربة، قابل ذلك ردودُ أفعال عربية إسلامية لا ترتقي لمستوى الردع، باستثناء موقف اليمن -شعباً وقيادة- الذي خرج للمرة الثانية بمسيرات مليونية ووقفات غاضبة وقرارات ثورية ورسمية لمقاطعة البضائع الدنماركية والسويدية.

ويرى علماء ومسؤولون وناشطون ثقافيون، أن تكرار هذه الجريمة هو استهداف للدين الإسلامي ومعادَاة واضحة وصريحة لرموزه ومقدساته وقيمه ومبادئه السامية، وَأن هذه الإساءة كشفت حقيقة الأعداء وكسرت حالة الصمت لدى بعض شعوب الأُمَّــة المنفصلة عن أنظمتها المتماهية مع توجّـه دعاة الكفر والشذوذ والانحلال.

 

تَحَدٍّ سافر:

وفي السياق يقول الدكتور الباحث خالد القروطي: إن تكرار الإساءة يعتبر تحدياً سافراً لمشاعر جميع المسلمين، وإنه أَيْـضاً انكشاف واضح لحقيقة الأنظمة الغربية الكافرة، وتجل واضح لمصاديق وصف الله لهم في القرآن بأنهم أعداء الرسالة السماوية وتعرية لدعاوى الحقوق والحريات الكاذبة التي يضحكون على السذج بها.

ويشير القروطي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”، إلى ما يتعلق بردود الأفعال العربية والإسلامية بأن موقف اليمن وموقف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الصدارة.

فيما يقول نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان محمد الشرفي: “إن الإساءة إلى القرآن الكريم تأتي في ظل انحراف الأُمَّــة عن المنهج القويم الذي حدّده الله تعالى للسير عليه”، مُشيراً إلى قول الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، موضحًا أن الانحراف عن الصراط القويم يعني السير في طرق متعددة ومتقاطعة مع بعضها البعض، وَيجعل الأُمَّــة في تيه وخذلان وخسارة كما قال تعالى: “وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ”.

ويرى أن حالة اللامشروع للأُمَّـة الإسلامية وما صحبها من تفرق وتمزق جعلتها تركن إلى أعدائها وتترقب من العدوّ أن يحل مشاكلها أَو يدافع عنها، كما أخضعتها للعجز عن اتِّخاذ أية مواقف مشرفة أمام الاستفزازات المتكرّرة والإساءة لثوابت ومقدسات ورموز الأُمَّــة.

وفيما يتعلق بردود الأفعال العربية والإسلامية إزاء تلك الإساءَات؛ يقول الشرفي: “بالرغم من غضب الشعوب الإسلامية واستنكارها الصريح والواضح لتلك الإساءَات المتكرّرة في حق الأُمَّــة إلا أن الأنظمة السياسية الحاكمة والنخب المرتهنة للخارج وقفت عائقاً أمام مطالبات الشعوب، في دلالة واضحة بأن أغلب من يقود الأُمَّــة لم يكونوا سوى مجندين لخدمة المشاريع العدائية في المنطقة الإسلامية، بدلاً من العمل على تحقيق مطالب شعوبها وتحقيق آمالهم”.

ويضيف: “إجمالاً إننا ندين تلك الأعمال الاستفزازية للمسلمين والمخالفة لكل التشريعات والقوانين والأعراف إلا أننا لا نستغرب القيام بتلك الأعمال أَو الأعمال المشابهة لها من أعداء الأُمَّــة، فقد قتلوا الأنبياء من قبل وحرفوا الكتب السماوية وخلطوا الحق بالباطل وعاثوا في الأرض فساداً وقتلاً وتدميراً، وستظل أفعالهم القذرة موجودة طالما ظلت حالة الأُمَّــة الإسلامية على نفس المنوال القائم”، متبعاً أن الإدانات والاستنكارات إن لم تتحول منهجية الأُمَّــة إلى منهجية قرآنية تتقبل بعضها وتكمل بعضها الآخر بعيدًا عن التمترس خلف الأفكار الضيقة والعصبيات المقيتة في إطار قول الله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا”.

 

تَحَدٍّ واضح:

من جهته يرى الناشط الثقافي حسن خيران، أن “تكرارَ الإساءة هو تحدٍّ للأُمَّـة الإسلامية، وأنهم بهذه الأفعال يعززون ارتباطنا بالقرآن الكريم، ويعرفونا مدى حقدهم على الإسلام ومقدساته”، مُضيفاً أن “هذه الإساءة كذلك تخرجنا من حالة الصمت التي نحن فيها وتوضح لنا أن الله في القرآن الكريم قد بيّن لنا من هم أعداؤنا، وهي تفضح الصامتين والمحايدين والعملاء الذين لا يوجد لديهم موقف لا للإسلام ولا مقدساته”.

وفيما يخص ردود الأفعال تجاه ذلك يقول خيران: “إن هناك اتّجاهين في واقع الأُمَّــة الإسلامية، فالاتّجاه الأول هو الاتّجاه المحايد والراضي على مقدساته العظيمة، وإن الاتّجاه الآخر هو اتّجاه الأحرار الذي له موقف مشرف تجاه مقدساته بدءاً من الأقصى الشريف وانتهاء بالقرآن، حَيثُ طردوا السفراء وقاطعوا البضائع السويدية، وكلّ عمل يقدم موقف لهذه المقدسات”.

أما الناشط الثقافي نبيل المهدي فيقول: “إن تكرار الإساءة إلى القرآن الكريم يكشف ما وصلت إليه المجتمعات الغربية الكافرة من حقد وعداوة للإسلام ورموزه ومقدساته وللمسلمين جميعاً، ويكشف أَيْـضاً مدى سيطرة اللوبي اليهودي على تلك الأنظمة وتلك المجتمعات، وتحريكها؛ لتكون أدوات قذرةً يستخدمها في إشفاء غليله بحق الإسلام ورموزه، ويحركها ضد القرآن الذي يعد منبع القيم والأخلاق التي تحارب توجّـهه في القضاء على الفطرة البشرية بدعاوى المثلية، وتحارب فساده في الأرض بكل أنواعه”، مُشيراً إلى أن “القرآن الكريم هو أكبر مصدر قلق بالنسبة للوبي الصهيوني الذي بات يتحكم عالميًّا؛ وأنه الكتاب الوحيد الذي سيبني أُمَّـة موحدة قوية قادرة على الوقوف على قدميها بقوة في مواجهته”، معتبرًا أُمَّـة القرآن الوحيدة التي يمكنها الانتصار على ذلك اللوبي.

 

ردودُ الأفعال مخيِّبة للآمال:

أما فيما يتعلق بردود الأفعال يقول المهدي عبر المسيرة: “إن ردود أفعال الأنظمة العربية والإسلامية مخيبة للآمال وتكشف ما وصلت إليه من الانبطاح وبيعها لقيمها وقيمتها بتخليها عن مقدساتها، ويكشف لشعوبها الحرة التي لا زالت تمثل بريق الأمل أن المعول عليها في تغيير تلك الأنظمة الخائنة لله ولمقدساتها، وتمثيلها للإسلام أسوأ تمثيل”.

ويبيِّن المهدي أن هذه الأحداث كشفت عن عزة وغيرة لدى الشعوب والتي يعمل العدوّ على محوها وإزالتها عن طريق ترويضها على الفساد عبر الحرب الناعمة، وعبر والتدنيس لمقدساتها، مؤكّـداً أن العودة الجادة إلى القرآن باتت تطبيقاً عمليًّا في أرض الواقع، وحمله ثقافة ورؤية وسلوكاً أكبر عملية دفاع عنه.

 

استهدافٌ ممنهج:

بدوره يقول الناشط الثقافي طلال الغادر: “إن الإساءَاتِ للمقدسات توضح وتفضح التوجّـه الصهيوني لمحاربة القرآن الكريم كونه ركيزة من ركائز المشروع القرآني والذي بات قاب قوسين أَو أدنى للظهور على الدين كله ولو كرة المشركون”، مُشيراً إلى ما أكّـده الشهيد القائد -رضوان الله عليه- أن الأعداء يستهدفون اللُّغة العربية والقرآن الكريم والأعلام، وأن من الغريب أن نجد هذا التوجّـه المنظم والمتكرّر وتحت حماية الدولة في هذه المرحلة التي أصبح يشكل خطراً كَبيراً على مشروعهم التآمري، بالذات حينما وجد من يحمله فكرًا وثقافةً ووعيًا ومنهجًا وهدىً أمام توجّـهاتهم وأمام ما ينبغي على حامليه أن يستمدون منه.

ويتساءل الغادر قائلاً: “تعود إلى أذهاننا كيف كانت طبيعة استهداف الصهيونية للإسلام وذلك في تشوية الإسلام بالمسوخ البشرية من عبدة الشيطان وترسيخ ذلك في الذهنية العامة للمجتمع الدولي بأن الإسلام هو دين التفخيخ والتفجير والذبح من خلال خدامهم من الدواعش والتكفيريين”، متبعاً بقوله: “عندما نعود إلى اليهود نجد أنهم أصحاب خبرة دينية ولديهم علم بالسنن الإلهية والسنن الكونية وهم على علم بالخطورة المحدقة بهم وخطورة ارتباط الأُمَّــة بالقرآن وبالأعلام، فنجد أنهم يسعون إلى ضرب القرآن الكريم في نفوس أتباعه؛ لما لتعظيمه من خطورة عليهم”، مؤكّـداً أن هناك عملًا منظَّمًا من خلال إبعاده من المنهج الدراسي للطلاب؛ كون آياته الصريحة تصطدم مباشرة مع مؤامراتهم الإفسادية.

بينما يعتبر الناشط الثقافي عبد الخالق براش، تكرار الإساءة للقرآن الكريم عملاً ممنهجاً يديره اللوبي الصهيوني المتحكم في قرارات الغرب الكافر، مُضيفاً أن مما ساعد اللوبي لتكرار الإساءة المتعمدة والمدروسة لأعظم مقدسات الأُمَّــة الإسلامية هو السكوت والتغاضي من قبل الدول الإسلامية والتي تزعم انتماءها للإسلام؛ باعتبار السكوت عاملاً مساعداً بل مشجع للأعداء على التمادي المتكرّر للإساءة إلى مقدسات المسلمين وإلى رموزهم.

ويضيف براش لصحيفة “المسيرة”، أن “هذه الإساءَات تعتبر تحديًا واضحًا للمنتمين للإسلام أن يعتدى على أعظم كتاب لهم وهو القرآن الكريم أمام مرأى ومسمع جميع المسلمين، وتصوير ذلك وبثه على قنواتهم الإعلامية الخبيثة، ليقولوا للمسلمين ها نحن نحرق قرآنكم الذي تقدسونه وتعظمونه ولن تستطيعوا الدفاع عنه”، معتبرًا هذه العمل إساءة كبيرة ومهينة جِـدًّا بل وجريمة كبرى بكل المقاييس بحق ديننا ومقدساتنا الإسلامية ووصمة عار وخزي في وجوه المنتمين إلى الإسلام وإلى القرآن وإلى الرسول محمد -صلى الله وسلم عليه وعلى آله-.

ويقول براش: “إن على كُـلّ من في نفسه ذرة من الدين من زعماء وشعوب الأُمَّــة الإسلامية أن يثور وأن يتحَرّك للدفاع عن دينه ومقدساته ضد هؤلاء المجرمين بكل ما يستطيع”.

أما بالنسبة لردود الأفعال العربية والإسلامية تجاه تلك الإساءَات، فمن وجهة نظري يرى الناشط براش أنها ضئيلة جِـدًّا ومهزوزة وركيكة إلَّا من بعض الدول كالعراق وإيران وشعبنا اليمني العزيز وكذلك من جانب حزب الله، متمنياً أن تكون ردة فعل الأُمَّــة العربية والإسلامية قوية جِـدًّا وكبيرة، تليق بمستوى عظمة وقداسة القرآن الكريم كتاب الله العظيم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com