ما بين قول “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت” وبين قول “وإحنا علينا ضغوطات من ربّ العالمين”.. بقلم/ لؤي زيد بن علي الموشكي
لو تأملنا في واقعنا الذي نعيشه ودققنا في الأسس التي يقوم عليها الكثير في شتى المجالات سنلاحظ أن أكثر ما يتم التركيز عليه هو المال والكثرة.
– فمثلاً ماذا يُعلِمون في الكليات والأكاديميات العسكرية.. هُناك مقولة عسكرية تقول “لا تدخل حربًا أنت خاسرٌ فيها”.
عندما يكون هناك مؤشر لاندلاع حربٍ بين بلدَينِ ما أَو فئتين أول ما يتم اتِّخاذه من قبل القيادة هو المقارنة بين الإمْكَانيات، فإذا لم تكن هنالك إمْكَانيات وقوة على الأقل بمستوى القوة والإمْكَانيات لدى الخصم يتم استبعاد خيار الحرب واللجوء إلى خيارات أُخرى..
لكن هناك أحداث حصلت وأثبتت أن تلك الأسس والاستراتيجيات خاطئة ومغلوطة!
– لو أتينا إلى الثورة التي قام بها الإمَـام زيد بن زين العابدين -صلوات الله عليهم- عندما كان الظلم والظلام هو السائد؛ وأصبح الناس مستعبدين تحت رحمة أُولئك الجلادين الظالمين من بني أمية في عصر الطاغية هشام بن عبد الملك الذي حكم بالظلم والطغيان والفساد بين المسلمين.
لو عملنا مقارنة بين ما يمتلكه الإمَـام زيد من قوة وعدة وعتاد وما يمتلكه الطاغية هشام بن عبد الملك، لوجدنا أنه ليس هناك فرق، فالإمَـام زيد لا يمتلك من المقاتلين والعدة الربع بل 5 % مما يمتلكه الطاغية هشام ليفكر بمواجهته..
هنا ماذا كان الأَسَاس والاستراتيجية التي قام الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عليها؟ هل قارن بين ما يمتلكه وما يمتلكه الطاغية هشام بن عبد الملك؟ هل قال هذه ستكون عبارة عن عملية انتحار أقوم بها؟ هل قال الله يهلك هشام وقعد في مكانه؟ لا، بل كان أَسَاسه الذي انطلق منه هو (والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت).
القرآن الكريم الذي يريد منا التحَرّك، يذكرنا بالأحداث السابقة، فيقول عز وجل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبراهيم وَالَّذِينَ مَعَهُ، إذ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ).
القرآن الكريم الذي يأمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل صريح وواضح، القرآن الكريم الذي يوعدنا بالنصر إذَا تحَرّكنا مهما كنا قلةً ومستضعفين ونصرنا الله، “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.
كان لنا نموذج آخر وقع في عصرنا ومشابه لنموذج الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وهو نموذج السيد حسين الحوثي -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، عندما كانت الأُمَّــة خاضعة خانعة لليهود، عندما كان الأمريكي والإسرائيلي هو الآمر والناهي لحكام العرب، عندما كان هناك تحريف للمفاهيم الأَسَاسية للدين وإدخَال الثقافات المغلوطة، عندما كان الأمريكي والإسرائيلي يتنعمون بخيرات بلادنا ويجولون فيها بمعية السلطة العميلة لهم، خرج الشهيد السيد حسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ومعه قلة قليلة من المؤمنين وأعلنها ثورة ضد الطغاة ومعركة استعادة الكرامة والاستقلال وتسوية الانحراف الحاصل في الأُمَّــة.
فشنوا عليه حرباً شعواء وحاصروا الشهيد القائد من كُـلّ مكان وحاصرت مرّان التي كان يوجد فيها الشهيد القائد حصاراً خانقاً، ومنعت السلطة الظالمة العميلة إيصال الغذاء والدواء، وفرضت حصاراً كاملاً، وأرسلوا تهديداً للسيد القائد، فأرسل علي عبدالله صالح رُسُلًا للسيد حسين وقال له “بطّل يا حوثي علينا ضغوطات أمريكية”، وكان جوابُ سليل النبوّة، امتداد الولاية، الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -عَلَيْهِ السَّلَامُ- جواباً قوياً، قال: (وإحنا علينا ضغوطات من ربّ العالمين).
لم يقل -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ماذا عساي أن أفعل بمفردي مع شبان لا يتجاوزون العشرات مقابل أقوى ترسانة عسكرية أمريكا وإسرائيل، بل استشعر ماذا يريد القرآن الكريم منا، مثل ما استشعر ذلك في السابق الإمَـام زيد بن زين العابدين “عليهم السلام”.
اليوم ونحن نواجه أعداء الله من بني أمية الجدد المتمثلين اليوم بالنظام السعوديّ المجرم والطاغي العميل لأمريكا وإسرائيل؛ وهم يعملون كما عمل أجدادهم من قبل؛ من ظلم وجبروت وقتل واستعباد وتسلط على رقاب المسلمين لم نخضع ونستسلم لهم، بل تحَرّكنا بما يمليه علينا القرآن الكريم، لم نسكت.. لم نيأس.. لم نخضع.. لم نقعد.
فبنفس الأَسَاس الذي قام عليه الإمَـام زيد ومن قبله الإمام الحسين إلى الشهيد القائد السيد حسين “عليهم السلام جميعاً”، تحَرّكنا وانطلقنا تحت راية قيادتنا التي تمثل امتدادًا لولاية الله ورسوله مقارعين للباطل، مناصرين لدين الله.