سناريوهات تحطم طائرة “بريغوجين”: عبوة ناسفة أم الطيار أم هدية ملغومة
المسيرة | وكالات
مع سقوط طائرة زعيم مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين وإعلان مقتله مع نائبه وثمانية أشخاص آخرين على متن الطائرة المنكوبة، كتب الفصل الأخير في الحكاية الحافلة لزعيم مرتزِقة “فاغنر”، حكاية مرت بمراحل متقلبة، بدأت بالصداقة مع سيد الكرملين وحمل لقب “طباخ بوتين”، وانتهت بـ”الخيانة” والتمرد عليه.
ضبابية المشهد والغموض بين الدوائر السياسية والأمنية داخل روسيا لا تكشف الكثير عما حدث، تقول المعلومات الأولية إن الطائرة، أقلعت من مدينة سان بطرسبرغ واتجهت إلى موسكو، وبعد قطعها مسافة مئة وثمانين كيلومترا اختفت عن الرادار، لتظهر صور حطامها بعد ساعة واحدة فقط دون معرفة أسباب تحطمها.
شهود عيان قالوا إنهم سمعوا دويا انفجار في السماء قبل سقوط الطائرة، وهو ما فتح باب التكنات حول مصدر هذا الانفجار.
التقارير المسربة والتحليلات تتحدث عن عبوة ناسفة زرعت بطائرته والاتّهام نحو طياره الشخصي، والتحقيقات مُستمرّة وخيانة صديق وهديّة فاخرة قد تكون أحد المُسبّبات.
وسائل الإعلام الروسية تحدثت عن سيناريو جديد مثيرة حول مقتل مؤسّس فاغنر ورفاقه تقول فيه أنه ظهرت أدلة على أنه في اللحظة الأخيرة تم تحميل هدية معينة على شكل صندوق من النبيذ الباهظ الثمن على متن الطائرة، مشيرة إلى أنه قد يحتوي على قنبلة. كذلك أشَارَت وسائل الإعلام الروسية إلى أنه تم فحص الطائرة نفسها قبل تحميل الصندوق بعناية، بما في ذلك استخدام الكلاب المدربة في عملية التأمين.
وفي هذا السياق أفادت تقارير روسية في وقت سابق إن عبوة ناسفة تم زرعها في طائرة بريغوجين، وتشير إلى أن “المتهم الأول في سقوط طائرة بريغوجين هو طياره الشخصي، حَيثُ إنه آخر من قام بفحص الطائرة”.
وأكّـدت أن جثة بريغوجين موجودة في مكتب الطب الشرعي، مع تطويق أمني للمشرحة، وأضاف: أن “لجنة التحقيق الروسية تدرس كُـلّ السيناريوهات بما فيها انفجار الطائرة من الداخل”.
وأكّـدت المصادر أن قوات الأمن الروسية أغلقت منطقة سقوط طائرة بريغوجين، وأضافت: أن “حطام طائرة بريغوجين امتد لأكثر من كيلومترين”.
أصابع الاتّهام اتجهت في أكثر من اتّجاه، فبينما سارعت أوساط روسية إلى اتّهام أوكرانيا بحادث إسقاط الطائرة، خرج الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي، لينفي تورط بلاده في تصفية بريغوجين، ويوجه اتّهاما ضمنيا لموسكو ورئيسيها بوتين بالوقف وراء تصفيته، مكتفيا بالقول: “أولا وقبل كُـلّ شيء، ليس لدينا أي علاقة بالأمر. الجميع يدرك من له علاقة بالأمر”.
المواقف الغربية والأمريكية المقتضبة جاءت منسجمة مع الموقف الأوكراني، وعندما سأل الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الأمر قال: “لا أعرف حقيقة ما حصل لكنّي لست متفاجئا، ليست كثيرة الأمور التي تحصل في روسيا ولا يكون بوتين وراءها”، فيما رأى المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران أن ثمة “شكوكا منطقية” حول ظروف تحطم طائرة.
بينما قالت وزارة الدفاع البريطانية: أن “رحيل بريغوجين سيكون له تأثير عميق ومزعزع للاستقرار لمجموعة فاغنر”، مشيرة إلى أن “بريغوجين يتميز بصفات من الصعب أن يضاهيها أي خليفة له على رأس فاغنر”، حسب تعبيرها.
وفي موسكو، وصف سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي اليوم الجمعة، تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن – التي لمح فيها إلى وقوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وراء تحطم طائرة قائد فاغنر- بـ”غير المقبولة”.
فيما دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، للاستناد للحقائق فيما يتعلق بحادثة تحطم طائرة مؤسّس مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوجين، وليس لما تقوله وسائل الإعلام الغربية.
وقال لافروف لبرنامج تلفزيوني: “لم أتابع ما كتبوه وقالوه وعرضوه حول هذا الموضوع، ومن الصعب جِـدًّا بالنسبة لي أن أدلي بأي تعليق من هنا. بدأ التحقيق على الفور، وفتحت قضية، والمحقّقون يعملون. أقترح التركيز على الحقائق، وليس على ما يقوله الإعلام الغربي”.
بينما بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقديم التعزية لعائلة بريغوجين وعائلات القادة الذين كانوا برفقته، في أول تأكيد رسمي لمقتل مؤسّس فاغنر.
وأشاد بوتين خلال لقاء برئيس ‘جمهورية دونيتسك الشعبيّة’ الموالي لروسيا دينيس بوشيلين، بما وصفها بالمساهمة الكبيرة التي قدمتها مجموعة فاغنر في ‘الحرب على النازية في أوكرانيا’، وقال: “إن روسيا لن تنسى ذلك أبدا”.
وكشف بوتين أن بريغوجين عاد إلى البلاد من أفريقيا -الأربعاء الماضي- وعقد اجتماعات مهمة في موسكو مع المسؤولين قبل تحطم طائرته.
ووسط هذا الغموض الذي يحيط بتحطم الطائرة أعلنت قناة تليغرام مرتبطة بفاغنر، موت بريغوجين مشيرة إنه “مات على أيدي من وصفتهم بخونة روسيا”.
وبعد موت بريغوجين رجح بعض الخبراء حدوث المزيد من الاضطرابات الداخلية في روسيا، قد تؤثر على قوات فاغنر وسير المعارك في أوكرانيا، حَيثُ يرى مراقبون أن هناك ثلاثة احتمالات ممكنة بشأن فاغنر هي: “حل المجموعة، أَو تأميمها من قبل روسيا، أَو تعيين قائد جديد لها، وبحسب البعض فَــإنَّ الخيارين الأخيرين من شأنهما الحفاظ على ما حقّقته فاغنر في إفريقيا، وأوكرانيا”.