معادلةٌ رياضيةٌ توضحُ مسألةَ “انقطاع الرواتب وبيد من؟”.. بقلم/ محمد جلاس

في العام 2010م، قُدِّرت الإيراداتُ العامةُ للميزانية اليمنية بمبلغ 1.520 تريليون ريال، وذكرت الإحصائياتُ المعلَنة في العام آنذاك، أن إيراداتِ النفط الخام تصل إلى 80 % من الإيرادات العامة في ميزانية الحكومة؛ بمعنى أن كافة الإيرادات الأُخرى من ضرائب وثروة سمكية وكهرباء واتصالات وموانئ… إلخ، على مستوى الجمهورية بالكامل تشكِّلُ 20 % من الميزانية العامة.

وكانت قد أنفقت الموازنةُ العامة من الإيرادات الحكومية في الفترة 2010-2014م؛ لسداد رواتب ما يقارب 1.25 مليون موظف مدني وعسكري، ما يعادل 75 مليار ريال شهرياً، وهذا المبلغ سنوياً يشكِّلُ 60 % من إجمالي الإيرادات.

جاءت ثورة 2011 أطاحت بنظام عفاش ونصَّبَت عبدربه منصور هادي رئيساً، اعترف عبدربه منصور هادي بعد استلامه للحكم تقريبًا بعام ونصف عام، قائلاً لأعضاء مجلس النواب: “استلمت البنك فاضيًا”!.

وقبل ثورة 21 سبتمبر بفترة وجيزة، صرّح وزير المالية آنذاك، صخر الوجيه، بأنه لم يتبقَّ في البنك المركزي من سيولة نقدية لتغطية الرواتب إلَّا لثلاثة أشهر فقط.

فجاءت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، واستمر تسليمُ الرواتب بعدَها لعامين كاملين وليس لثلاثة أشهر فقط، إلى أن نُقل البنكُ المركزي بإيراداته العامة إلى عدن في أُكتوبر 2016م، انقطعت الرواتب، وظلت هذه الخطوةُ ولا تزال السببَ الرئيسَ والبرهانَ القاطعَ لانقطاع الرواتب، لماذا..؟؛ لأَنَّ الرواتبَ -كما ذكرت سلفاً- تتطلب ميزانية ما تعادل 60 % من الميزانية العامة، ولم يتبقَّ للبنك المركزي في صنعاء سوى 10 % مما كانت عليه، لماذا؟ لأنَّ عائداتِ النفط والغاز التي تشكِّل 80 % من إجمالي الإيرادات العامة أصبحت تصبُّ إلى حسابات خاصة في البنوك في الخارج، والإيرادات الأُخرى التي تشكل 20 % من الميزانية العامة، لم يتبقَّ منها سوى النصف؛ أي بمعنى أن الموانئ نصفان بين صنعاء وعدن، والمحافظات التي تتجمع منها إيراداتُ الضرائب والثروة السمكية والكهرباء والاتصالات وغيرها، قد أصبحت منفصلةً طيموغرافياً إلى نصفين، شمالاً لصنعاء وجنوباً لعدن.

المعادلة واضحةٌ جِـدًّا، وتزدادُ اتِّضاحاً في من يجعل مِلف الرواتب نصبَ أعينهم وأولويات مطالبهم ويتعهدون بتسليم الرواتب، في حالة إعادة البنك إلى صنعاء كما كان الحال سابقًا، ومن يتنصل ويصمُت وينصاع تحت الأوامر الأجنبية.

إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com