للاحتفال بالمولد النبوي بركةٌ ومردودٌ روحي ومادي
محمود المغربي
أكبرُ وأعظمُ نعمة مَنَّ اللهُ بها علينا واختصنا بها -نحن أبناءَ اليمن- هي محبة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وآل بيته -عليهم السلام- والارتباط بهم ومناصرتهم.
كما أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لَهو تشريفٌ لنا واصطفاء لا ينالُه إلا من أراد اللهُ بهم ولهم الخيرَ والفلاحَ والرفعة في الدنيا والآخرة.
وبالتأكيد وكما تعودنا في السنوات الماضية هناك فتح ونصر وتمكين عظيم لنا بعد كُـلّ احتفال وبهجة وتعظيم لرسول الله في ذكرى مولده -صلى الله عليه وآله وسلم- وبمقدار نوايا وإخلاص وصدق كُـلّ واحد منا، هذا على مستوى الفرد، أما على مستوى الوطن فبلا شك هناك عطايا ومنح ربانية نشعر بها وتأتي إلينا في كُـلّ عام وتتمثل في الانتصارات العظيمة التي تحقّقت والصمود وإفشال المؤامرات وكشف الخونة والمندسين وإحباط عشرات الآلاف من العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف مجتمعنا وأمن واستقرار مناطقنا بكرامة ومحبة رسول الله وآل بيته.
حيث لا يمكن تفسير تلك المعجزات ولا يمكن لعقل أن يتخيل كيف لمجموعة من المجاهدين المستضعفين في الأرض، لا يمتلكون أية إمْكَانيات أَو أسلحة، في بلد مدمّـر وفقير ومنقسم ومحاصر ومؤسّسات دولة فاشلة وفاسدة، وجيش سابق ممزق ليس له ولاء وطني انخرط أغلبه للقتال ضد الوطن وفي صف العدوّ، وحروب أهلية وإرهاب وصل إلى عاصمة الدولة، وليس هناك أية مقارنة في موازين القوى، ووفق الحسابات الاستراتيجية والعسكرية لم يكن هناك أمل بالصمود في وجه كُـلّ ذلك، يضاف إليه عدوان عالمي اشترك فيه أقوى وأعظم دول العالم لشهر واحد، فما بالك بمواجهة ذلك والتقدم وتحرير محافظات كاملة وتوغل خارج الحدود اليمنية وفي عمق الأراضي السعوديّة وتحقيق انتصارات كبيرة وضرب أهداف للعدو استراتيجية وإجباره على رفع الراية البيضاء وطلب هدنة.
صحيح أن لدينا قيادة حكيمة تنتمى إلى ذلك البيت الطاهر ويقف خلفها مجموعة من أعظم وأشرف وأشجع المجاهدين الصادقين مع الله والوطن والقيادة، إلا أن هناك شيئًا أعمقَ وأعظمَ قد جعل من تلك المعجزات حقيقةً، وهو الارتباطُ الوثيقُ للقيادة السياسية وهذا الشعب بالله والتوكل عليه، وهذا الحبُّ والتعظيم والتقدير لرسول الله وتكريم ذكرى مولده وإعلان البراءة من أعداء الله ورسوله، وكان الأجدر بمرتزِقة العدوان وأعداء الأنصار إدراك ذلك والاعتراف به، وتجنيب أنفسهم الهزيمة والخسارة والذلة والهوان وغضب الله، بدل المكابرة والذهاب لخلق أعذار ومبرّرات لقوة ونصر ونجاح الأنصار بالكذب على أنفسهم ومن معهم من مرتزِقة بأن هناك مؤامرات وخيانة عند كُـلّ سقوط وهزيمة لهم وعند كُـلّ نصر ونجاح وتمكين للأنصار، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك وقالوا بأن أمريكا التي نلعنها في كُـلّ يوم، ومن عاصمتها تم الإعلان عن بدء العدوان، وكانت ولا تزال تقصف بلادنا وتقتل أبناءنا بطائراتها وصواريخها وأقمارها الصناعية وسفنها وأساطيلها الحربية وتقف ضدنا بكل ما لديها من قوة وقرارات سياسية وعسكرية واقتصادية هي من تدعمنا بكل استخفاف واستحمار للعقول، وهناك من يصدق ذلك وقد غفل هؤلاء المرتزِقة أن هناك أسباباً أكثرَ واقعيةً ومنطقيةً وهي إرادَةُ وحكمةُ وقوةُ الله القادرِ على كُـلّ شيء من هو أعظم وأقوى وأحكم من أمريكا وكلّ من في هذا الكون، وأن الله يقول للشيء كن فيكون، وغفل هؤلاء عن قوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وغفل هؤلاء أن هناك بركة في محبة وموالاة وتعظيم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، بل لقد أعمى الله قلوبهم حتى غفلوا عن كُـلّ ذلك، وختم الله على أبصارهم فلا يرون الحق ولا يهتدون إليه بما كسبت أيديهم من فساد وظلم وخيانة لله والوطن.
وعلينا أَلَّا نستغرب من غفلة وحماقة البعض ووقوفهم في وجه كُـلّ من يحب ويرتبط ويحتفل بمولد رسول الله، وعملهم في الليل والنهار لمحاربة ذلك وصد الناس عن الفرح والابتهاج بذكرى مولد نبي الرحمة وخاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وآله وسلم- وعلينا أن لا نضيع الوقت في الحديث والجدال معهم ومحاولة إصلاحهم، فلو كان فيهم ذرة من خير لما جعلوا من رسول الله عدواً لهم وخصماً في الدنيا والآخرة.