الهجومُ اليمني بالطائرات المسيَّرة في الحدود السعوديّة.. أسبابٌ ورسائل
أحمد عبدالله الرازحي
قبل أن نتحدث عن سبب استهداف ضباط وأفراد بحرينيين وسعوديّين بهجوم طائرات مُسيَّرة على مواقع في الحدود الجنوبية السعوديّة مع اليمن، يجب أن نتحدث عن مئات من الضحايا اليمنيين الذين يقتلون بمدفعيات حرس الحدود السعوديّ وطائراته التجسسية كُـلّ يوم، من أبناء المناطق الحدودية اليمنية يقتل ويجرح الكثير من أبناء مديريات محافظة صعدة اليمنية، شداء، ورازح ومنبه، وقطابر، الحدودية مع السعوديّة؛ لأَنَّه من ازدواجية المعايير أن نتحدث عن مقتل ضابط وأفراد من البحرين ولا نتحدث عن مئات الضحايا من أبناء هذه المناطق الحدودية التي هي أرضهم ولم يؤتَ بهم إليها كما هو الحال مع البحرينيين على حدود اليمن..!!
سنُشرك لغة الأرقام هُنا عن الضحايا اليمنيين في المناطق الحدودية، وقد قمت بأخذ هذا الأرقام من المصدر الصحيح إدارة مستشفى رازح الريفي الدكتور/ عبدالله طشلي، حَيثُ وهناك توثيق لكل الضحايا التي تصل إليهم وَذُهلت من إعداد اليمنيين الذي يستهدفهم حرس الحدود السعوديّ دون ذنب يُذكر.
حيث بلغ عدد الضحايا اليمنيين في شهر يونيو 2023 بشكل مؤكّـد 4 شهداء وَ26 مُصاباً بنيران حرس الحدود السعوديّ ومدفعيتهم وَإصابات غالبيتها خطيرَة، وفي شهر يوليو للعام نفسه 2023 بلغ عدد 2 شهداء وَ18 مُصاباً، وفي شهر أغسطُس٢٠٢٣ المُنصرم بلغ عدد الشهداء 4 وعدد 24 مصابين، هُنا إحصائية لـ3 أشهر فقط، رغم الهدنة الموقعة في أبريل 2022م قبل ما يقارب عام ونصف العام، إلا أن قتل المواطنين اليمنيين في مناطق الحدود السعوديّة مُستمرّ من قبل حرس الحدود السعوديّ! وكأن الدم اليمني لدى السعوديّة أصبح أرخص من قنينة البترول!.. السؤال هُنا بشرط التجرد من أي عداء لأحد وبالمنطق سنحصل على الإجَابَة عليه.
هل تؤمن السعوديّة أنها ستتوقف الحرب وتحصل على السلام مع اليمن، رغم استمرار القتل لأبناء اليمن في المناطق الحدودية؟!
نعود لمُحور حديثنا وهو مقتل ضباط وعدد من الجنود البحرينيين بهجوم طائرة مُسيَّرة في الحدود السعوديّة الجنوبية مع اليمن لا يختلف عليه اثنان ذوا عقلٍ أن اليمنيين هم من قاموا بهذا الهجوم، وبالتأكيد هم عندما أطلقوا هذه الطائرة الانتحارية باتّجاه موقع حرس الحدود السعوديّ هم أطلقوها لتقتل الحرس السعوديّ والبحريني، ومضحك أن يظن أحد أنها أطلقت لغير الاستهداف المباشر للحرس وللجيش السعوديّ!
إذا هُنا لا نقول نحنُ أمام تصعيد جديد إنما نحنُ أمام رد يمني قوي الهدف منهُ وقف استهداف أبناء المناطق الحدودية اليمنية من قبل حرس الحدود السعوديّ، اللافت هُنا أن الاستهداف بطائرة مُسيَّرة لهُ رسائل يمنية للسعوديّة سنحاول اختصارها بشكل منطقي وَمفيد.
الرسالة اليمنية الأولى: أن اليمن في عهد “أنصار الله” أصبح مختلفاً تماماً عما كان عليه في عهد علي صالح والأنظمة السابقة، التي لم تركز على صون الدم اليمني وحفظ كرامة هذا الإنسان في أرضه وجغرافيته، وبالتالي يجب على السعوديّة تغييرُ نمط التعامل القديم مع اليمنيين باحترام وبلد ذات سيادة.
الرسالة اليمنية الثانية: مع تزامن المفاوضات وتبادل الزيارات بين صنعاء والرياض، هذا لا يعني أن صنعاء أصبحت في موقف اللهث وراء السلام مهما كان!! لا، فصنعاء بقيادة أنصار الله تبحث عن السلام المُشرف لكل اليمنيين ويحفظ دماءهم، ولو كان في الرقعة الحدودية على امتداد جغرافية اليمن فلكل مواطن يمني ذات القيمة في قائمة الحكم في صنعاء، وأن المفاوضات لا يعني وقف أي عمل عسكري يرد الاعتبار لليمنيين ويوقف قتلهم وحصارهم.
الرسالة اليمنية الثالثة: وهي الأهم المفاوضات مُزمَّنة والقوة العسكرية جاهزة في الميدان، وأن اليمن أصبحت ذات قدرة عسكرية ومخزون هائل من الصواريخ والطائرات المُسيَّرة وأن موعد انتهاء الهدنة قد بدأ، فالقيادة حدّدت وقتاً للتفاوض مع الرياض لموعد أقصاه 27 سبتمبر المتزامن للمولد النبوي الشريف، ويجب تنفيذ الاتّفاقات على الواقع والانصياع لمطالب الشعب اليمني التي هي حق مكفول، وثأر مِن أجلِها وواجه الحرب العسكرية والحصار الخانق لأكثر من ثمانِي سنوات.
بعد كُـلّ ما جرى ويجري، هل تُغير السعوديّة سلوكها العدائي مع اليمنيين سواءً في الحدود معها وَفي كُـلّ بقاع اليمن!
خُصُوصاً أنها وصلت إلى مرحلة العزوف عن الحرب والدخول في مرحلة التريليونات وتشجيع الاستثمار العالمي، ولكني أقول إنها لن تحصل ما دام اليمنيون يُقتلون وما دامت السعوديّة لم تؤمن بحرية واستقلالية الشعب اليمني كشعب وليس كقطيع!
فهل ستتعامل السعوديّة بجدية مع الرسائل اليمنية القوية التي حملها الاستهداف الأخير في الحدود؟!