ملامحُ العهد اليمني الجديد في خطابِ قائد الثورة
المسيرة | خاص
حمل الخطابُ التاريخيُّ الذي ألقاه قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام الكثير من المضامين الجوهرية للتحول التحرّري الحضاري الذي يمضي فيه اليمن نحو عهد جديد يمارس فيه دورًا قياديًّا ومؤثرا على مستوى المنطقة والعالم بأَسَاسات قوية، سواء على مستوى الرؤية العملية والنظام الداخلي الجامع والمنتج، أَو على مستوى المواجهة مع الأعداء.
الخطاب طرق الكثير من النقاط المهمة والأَسَاسية فيما يتعلق بالهُــوِيَّة الجامعة التي ينتمي إليها الشعب اليمني بشكل أصيل وخاص، والتي يشترك فيها أَيْـضاً مع شعوب العالم الإسلامي، وهي هُــوِيَّة الإيمان والتمسك بالرسالة الإلهية التي أوضح القائد أن كافة المتغيرات تشهد لها اليوم بأنها الحل الأمثل والأكثر انسجامًا مع فطرة المجتمع البشري ودوره وقيمته التي بات الغرب يمثل العدوّ الأكبر لها من خلال ما وصل إليه من امتهان فاضح لكرامة الأفراد والمجتمعات.
واستنادًا إلى هذه الهُــوِيَّة الجامعة التي بات الشعب اليمني يبرهن بشكل عملي على تميزها وأهميتها كمنطلق حضاري عالمي، أعلن قائد الثورة في خطابه المرحلة الأولى من مسار التغيير الجذري، والتي تضمنت عدة عناوين رئيسية، أبرزها إعادة تشكيل الحكومة الوطنية بحكومة كفاءات، إلى جانب إصلاح هيكل وأساليب المؤسّسات الرسمية بما يعالج التضخم ويساعد على الإنتاج، وتوفير الخدمات، والتخلص من الفساد.
هذا الإعلان الذي ارتقبه الشعب اليمني بلهفة، وقابله بإعلان تفويض جماهيري غير مسبوق من داخل ساحات الاحتفال، يمثل فاتحة عهد جديد لليمن الذي بات منذ سنوات نموذجًا استثنائيًّا للتحولات التأريخية بما حقّقه من انتصارات وإنجازات على مستوى الصمود والتغلب على التحديات والمؤامرات؛ لأَنَّ تلك النجاحات والإنجازات قد برهنت بشكل واضح على وجود مشروع تحرّري ناجح واسع التأثير والانتشار إلى درجة تفوق التوقعات، بذل الأعداء جهودًا ضخمة لإعاقته وتحييده، لكنه انتصر ودخل مسارًا جديدًا للبناء يعلم الجميع مسبقًا أن نتائجه لن تكون أقل استثنائية من الانتصارات والإنجازات التي شهدتها الأعوام السابقة، بل إنه سيتكامل معها ليضاعف سرعة التحول التاريخي الذي تشهده اليمن.
وقد استجاب مجلس الدفاع الوطني لما أعلنه القائد بشكل فوري من خلال الإعلان عن إقالة الحكومة الحالية مع استمرارها بتصريف الشؤون العامة العادية، ما عدا العزل والتعيين، إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
ومن على هذه الأرضية الثابتة والصُّلبة من الإنجازات والانتصارات والتوجّـهات النهضوية، وجّه قائدُ الثورة “نصيحةً” جديدة لدول العدوان بإنهاء الحرب والحصار والاحتلال وحرمان الشعب اليمني من ثرواته، محذرًا إياها من “عواقب وخيمة” ستترتب على الاستمرار بسياساتها العدائية تجاه الشعب اليمني الذي أكّـد أنه “يمتلك عناصرَ القوة”.
رسالةُ إنذار مباشرة لم تأتِ منعزلةً عن بقية مضامين الخطاب، فهي تؤكّـد لدول العدوان أنها تواجه شعبا يصنع تأريخًا جديدًا بمشروع مقدس وناجح ومؤثر، وبإرادَة أثبتت السنوات الماضية أنها ليست فقط عصية على الانكسار، بل خلاقة ومؤثرة تفرض معادلات ذات تأثير إقليمي ودولي في فترات قياسية وباستقلالية تامة وخصوصية عصية على الاختراق، ولا تؤثر عليها أية تحديات.
وفي السياق نفسه جاء تأكيد قائد الثورة خلال الخطاب على تمسك الشعب اليمني بقضايا الأُمَّــة ووقوفه المبدئي ضد مؤامرات التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية، ليوضح أن اليمن القوي بمشروعه المقدس، ماضٍ نحو ممارسة دوره المسؤول على مستوى المنطقة والعالم، بما في ذلك خوض الصراعات الكبرى الأَسَاسية بدءا بالصراع مع الغرب الصهيوني كقوة معادية للعالم الإسلامي، مُرورًا بالصراع الإقليمي مع الكيان “الإسرائيلي” وُصُـولاً إلى الصراع مع قوى العدوان على اليمن وأدواتها، وهو موقفٌ شاملٌ يعبر بوضوح عن عالمية المشروع الذي يمضي فيه اليمن، وقيادية الدور الذي يلعبه، كما يعبر عن استحالة تضييق إطار هذا المشروع وتحجيمه، فضلا عن عرقلته أَو هزيمته.