“طوفانُ الأقصى”.. هزيمةُ “إسرائيل” تهُـــزُّ المعسكرَ الصهيوني الدولي والمقاوَمةُ تثبِّتُ واقعَ النصر

المسيرة | خاص:

دخلت معركةُ “طوفان الأقصى” يومَها الثالثَ بالمزيد من الانتصارات والمكاسب الكبيرة المتراكِمة للمقاومة الفلسطينية التي تواصلُ التنكيلَ بالعدوّ الصهيوني في عُمق المستوطنات، مضاعِفةً عددَ قتلاه وأسراه ومصابيه، في ظل فشل ذريع مُستمرّ لكل أجهزته العسكرية والأمنية والاستخباراتية، وهو فشل يعزز ويثبّت حقيقة هزيمته أمام أنظار العالم وفي عيون الصهاينة أنفسهم الذين لا يزالون غارقين في الذهول والصدمة بلا حيلة، في الوقت الذي تحاولُ فيه الولاياتُ المتحدة والأنظمة العربية العميلة دعمَهم معنويًّا وماديًّا، معبرة بذلك عن نجاح الفلسطينيين في هز المعسكر الدولي للعدو بأكمله.

 

الكيانُ الصهيوني يعيشُ واقعَ الهزيمة:

على الرغم من تهديدات نتنياهو وكثافة القصف الجوي على قطاع غزة، وإعلان حالة الحرب رسميًّا، لم تتغير موازين المعركة التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح السابع من أُكتوبر؛ إذ أكّـدت وسائل إعلام عبرية، الاثنين، أنه لا سيطرة لجيش الاحتلال على الأوضاع حتى الآن، بل ووصفته بأنه “ضائع ولا يعلم إن كان المقاتلون قد دخلوا من تحت الأرض أَو من فوقها”.

هذه التأكيدات تشير بوضوح إلى ترسُّخ واقع “الهزيمة” على الأرض وفي عيون الصهاينة أنفسهم، وهو ما تعززه حتى تصريحاتُ جيش الاحتلال المرتبكة والمهزوزة التي ليست فيها أية معلومة “مؤكَّـدة” سوى تزايد عدد وحجم خسائره، وهو ما تقدّر وسائل إعلام صهيونية بأنه قد وصل إلى 1000 قتيل ومئات الأسرى وأكثر من 2200 جريح، عِلمًا بأن جُثَثَ الكثير من القتلى لا تزال مرميةً في شوارع المستوطنات التي لم يستطع جيش الاحتلال دخولها بعد.

أما المستوطنون الذين يواجهون أيامًا لم يشهدوا مثلَها منذ أن قَدِموا إلى أرضِ فلسطين، فتنقل عنهم وسائلُ الإعلام الصهيونية أنهم “يشعرون بالخيانة” من جهةِ حكومتهم وجيشهم؛ وهو ما دفع أعدادًا كبيرة منهم إلى حزم حقائبهم والتزاحم في صالات مطار بن غوريون للمغادرة، في مشهد يؤكّـد تحقيق معركة “طوفان الأقصى” لواحد من أهم وأبرز أهداف النضال التاريخي، وهو: طرد الصهاينة وإجبارهم على الرحيل.

واقع هزيمة وذهول وعجز يعيشه الكيان الصهيوني بأكمله بشكل معلن، بعد ثلاثة أَيَّـام فقط جعلته ينسى تماماً كُـلّ ما كان يتفاخر به ويعتمد عليه من عناوين، بدءًا بعنوان “الجيش الذي لا يُقهر” وُصُـولاً إلى معادلة “التفوق العسكري” على المنطقة، ليبدأ، وبصورة مذلة، بالاستنجاد بحلفائه في الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.

 

هزيمةُ “إسرائيل” تهُـــزُّ المعسكرَ الصهيوني إقليميًّا ودوليًّا:

الاستجابةُ الأمريكية لصراخ الكيان الصهيوني جاءت عبر الإعلان عن إرسال مساعدات عسكرية وصلت دفعتها الأولى عبر مطار الأردن، لكن جدوى هذه المساعدات ليست مضمونة؛ فالكيان الصهيوني كان يمتلكُ بالفعل كُـلَّ “المساعدات” التي يمكن تقديمها عسكريًّا وأمنيًّا، ولم يتبقَّ ربما إلا دخول الولايات المتحدة بنفسها على خط المواجهة، وهو أمر قد ينعكس سلبًا على الكيان أكثر مما يساعده؛ لأَنَّ المشاركة الأمريكية قد توسع رقعة المعركة وتستدعي دخولَ أطراف إقليمية من محور المقاومة لمساندة الفلسطينيين، وهو أمر لا يخفي الكيانُ الصهيوني عدمَ رغبته في حدوثه؛ إذ تعبّر وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل مُستمرّ عن القلق الكبير من فتح الجبهة الشمالية مع حزب الله الذي يمتلك قدراتٍ كبيرةً وخِبرةً عالية قد تكبِّدُ جيشَ الاحتلال أكثرَ مما تكبده حتى الآن.

وقد حاولت الولاياتُ المتحدة الأمريكية أن تمنحَ دخولَها على خط المعركة عناوينَ تشويشيةً؛ لتخفيف وطأة ما يجري على الأرض الفلسطينية، وَأَيْـضاً لصناعة مبرّرات للتدخل المباشر، وأبرز تلك العناوين “الدور الإيراني” في المعركة، وهو ما اعتبرته إيران محاولة للتغطية على هزيمة الكيان الصهيوني وعجزه عن مواجهة المقاومة الفلسطينية.

وقد مثّل دخولُ الولايات المتحدة الأمريكية على الخط دليلًا واضحًا على أن الهزيمة في فلسطين قد هزت المعسكر الصهيوني الدولي بأكمله، وهو ما أكّـدته أَيْـضاً بياناتُ العديد من أعضاء هذا المعسكر سواء في الغرب أَو في المنطقة، حَيثُ أصدر النظام الإماراتي بيانًا فاضحًا وصف فيه تحَرُّكَ المقاومة الفلسطينية واستهدافها للمستوطنات الصهيوني بـ”التصعيد الخطير والجسيم”.

هذا الاستنفارُ لمساندة الكيان الصهيوني المهزوم، لم يحقّق حتى الآن -ولا يتوقع له أن يحقِّقَ- سوى فضح حقيقة الاصطفافات الإقليمية والدولية، والتأكيد على أن “إسرائيل” هي مشروعٌ استعماري دولي، وأن فلسطين ومن خلفها محور المقاومة يغيّرون اليوم وجهَ المنطقة بشكل تأريخي، من خلال زعزعة هذا المشروع ودفعه نحو نهايته الحتمية.

 

المقاوَمةُ تُثَبِّتُ واقعَ النصر على الأرض وفي وعي العالم:

في مقابِلِ هزيمة الكيان الصهيوني، تعيشُ فلسطينُ ومقاومتُها مرحلةً تأريخيةً جديدة، لم يعد بالإمْكَان الرجوع إلى ما قبلها، وإذ تواصل مراكَمَةَ انتصارات غير مسبوقة ومتسارعة، تقر وسائل الإعلام الصهيونية نفسها بأنها تجعل أي رد أَو تحَرّك من جانب الاحتلال خلال المرحلة المقبلة غير مهم؛ لأَنَّ تأثيرات هذه الانتصارات قد زعزعت عمق “قوة” الكيان وضربت وعي وأمن مستوطنيه في مقتل.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، لا زالت المقاومة الفلسطينية تواصلُ تأكيدَ نجاحِها في فرض معادلات النصر على الميدان والتغلب على كُـلّ إمْكَانات العدوّ، حَيثُ أعلنت، الاثنين، عن دخولِ منظومة دفاع جوي في الخدمة، وذلك تزامُنًا مع التوغل المُستمرّ في المستوطنات والذي أصبح يشكّل “لُغزًا” محبطًا للعدو الذي لم يعرف حتى الآن كيف ينتشِرُ المجاهدون وكيف يتم تعزيزهم.

وفي مقابل استنفارِ أطراف المعسكر الصهيوني إقليميًّا ودوليًّا لمساندة “إسرائيل” معنويًّا وماديًّا، وهو ما لم يكن أمرًا مفاجئًا وجديدًا، يشهد العالم تضامُنًا غيرَ مسبوقٍ مع المقاومة الفلسطينية ومساندة جماهيرية ورسمية صريحة لحق الشعب الفلسطيني في التحَرّك لتحرير أرضه وانتزاع حقوقه، وهي نتيجةٌ أُخرى مفاجئةٌ للعدو الصهيوني وحلفائه الذين عملوا طيلة العقود الماضية على تغييب القضية الفلسطينية عن الوعي العالمي، وسخّروا امبراطوريات الإعلام والدعاية في سبيل تثبيت وجود “إسرائيل” كأمر واقع وحتمي.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، فَــإنَّ مسارَ التطبيع الذي اشتغل العدوّ الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية عليه في المنطقة طيلة الفترة الماضية كمعادلة استراتيجية هامة لحماية “إسرائيل” قد تلقى صفعةً كبرى من خلال معادلات النصر التي ثبَّتتها المقاومة الفلسطينية على الأرض وفي الوعي الجماهيري الإقليمي والعالمي؛ فتداعياتُ وتأثيرات “طوفان الأقصى” قد أسقطت تماماً عنوان “الحماية” الذي يقوم عليه هذا المسار، سواء من جانب الأنظمة المطبِّعة أَو من جانب الكيان الصهيوني، ولم يَعُدْ بإمْكَان أي طرف جني أية فائدة من صفقات التطبيع، كما لم يعد بالإمْكَان تغليفُ هذه الصفقات بأية عناوينَ خادِعةٍ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com