مجانيةُ الخدمات الطبية بالمستشفى الجمهوري.. إقبالٌ واسعٌ وارتياحٌ كبير
المسيرة – منصور البكالي:
يقف المواطن سعيد علي بن علي الصلوي، من أبناء محافظة تعز، في طابور داخل هيئة مستشفى الجمهوري بصنعاء، منتظراً دوره؛ للحصول على كرت للمعاينة، وهو رجل يعاني من أمراض في المسالك البولية.
ويقول في حديثه لصحيفة “المسيرة”: إنه جاء للمستشفى، بعد أن سمع الأنباء التي تتحدث عن مجانية الخدمات الطبية فيه، فهو يعاني من ظروف قاسية، وقد جاء هذا النبأ ليملأ قلبه فرحة، ويتجه للمعاينة هنا بالمستشفى.
ويواصل: “صحيح الإقبال كثير جِـدًّا، لكن ظروف معيشتنا تجبرنا على التحمل، فمجانية الخدمات الصحية يعد مصدر أمل ليس لي فقط وإنما لكل المرضى من أبناء الشعب العاجزين عن توفير بعض المبالغ المالية، وإن كانت قليلة مقابل تكاليف فحص أَو كشافة أَو شراء أدوية”، منوِّهًا إلى أنه مرتاح لهذا القرار، كما أن غالبية المواطنين يتردّدون على المستشفى للحصول على الرعاية الصحية المجانية؛ لأَنَّهم بحاجة إليها، ولا يملكون الأموال للحصول على المعاينة والفحوص الطبية أَو إجراء العمليات.
ويشير إلى أن “القيادة السياسية كانت حكيمة في اتِّخاذ القرار؛ لأَنَّها لامست هموم الشعب، وعرفت أن الكثير من الموظفين لا يقدرون على توفير مصروف لأسرهم، فما بالك بتوفير الرعاية الصحية المدفوعة الثمن”، مطالباً الجهات القائمة على هيئة المستشفى الجمهوري بمضاعفة الجهود ومحاسبة الكوادر التي تحمل مكايدات سياسية، وتحاول إعاقة العمل، وإلزام الطواقم الطبية والفنية والإدارية بالحضور في بداية الدوام، وعدم الانصراف قبل إنهائه، مُشيراً إلى أن بعض الكوادر تتغيب أَو تتأخر عن الدوام، وهذا يخلق أثراً سلبياً في وعي المواطن، ويزيد من الازدحام، ويطيل الانتظار، وغيرها من التبعات التي تحاول النيل والتشويه بعظمة الإنجاز.
وبعد توجيهات القيادة السياسية ممثلة بفخامة المشير الركن مهدي المشاط -رئيس المجلس السياسي الأعلى، بتحويل المستشفى الجمهوري إلى مستشفى خاص بالفقراء والمساكين، وتقديم كافة خدماته مجاناً طوال أَيَّـام السنة، رصدت صحيفة “المسيرة” الإقبال المهول، والارتياح الشعبي الواسع الذي أحدثته هذه الخطوة الإنسانية التي لم يسبق أن شاهد شعبنا اليمني مثيلاً لها من قبل، ولم تحصل خلال مختلف الحكومات والأنظمة السابقة، في ظل الموارد الكثيرة والأمن والاستقرار.
وخلال جولتنا الصحفية التقينا بعددٍ من المرضى والمرافقين؛ للتعرف على انطباعاتهم ورسائلهم ومدى سعادتهم وفرحهم بتلقيهم الرعاية الصحية مجاناً، حَيثُ أكّـد عدد من المرضى أن “هذا الإنجاز يكاد نصفه بالمعجزة، خَاصَّة في ظل استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ وشحة موارد الدولة”.
ويلفت انتباهك وأنت على مقربة من المستشفى الجمهوري زيادة حركة السير للسيارات التي تقل المرضى، وتبحث عن أماكن للوقوف، وفيما تنزل بالقرب من بوابة المشفى ترى بأم عينيك حشوداً جماهيرية من الرجال والنساء، غالبيتهم مرضى ومرافقون لهم، يقفون في طوابير خَاصَّة بالرجال وطوابير خَاصَّة بالنساء، إضافة إلى صفوف من سيارات الإسعاف للحالات الحرجة في البوابة الخَاصَّة بالطوارئ.
ويتساءل المرافقون والمرضى فيما بينهم: “هل بات كُـلُّ الشعب يعاني من الأمراض؟ أم إنه الفقر والعوز وضيق الحال وانقطاع المرتبات وغلاء المعيشة، وما ترتب على ذلك من عجز للكثير من الأسر عن توفير قوت يومها الضروري، ناهيك عن قيمة الرعاية الصحية، في مستوياتها الدنيا”.
وخلال جولة ميدانية رصدتها صحيفة “المسيرة” مع عدد من المرضى في أقسام الرقود والعمليات، والمعاينة، والكسور، والمختبرات، والطوارئ، والأسنان، يقول المواطن القادم من أقصى شمال اليمن من أبناء مديرية سحار الحدودية في محافظة صعدة، قاسم صالح علي الزهرة: “بعد قراءتنا لخبر تحويل الرئيس المشاط -يحفظه الله- بتقديم الخدمات الصحية مجاناً في المستشفى الجمهوري، عاد إلينا الأمل في البحث عن فرصة لعلاج أخي، ذي الـ16 عاماً، والذي يعاني من مرض مخ وأعصاب، وتحَرّكنا في اليوم الثاني صوب العاصمة صنعاء، ودخلنا في طوابير الاستقبال التي عانينا فيها صعوبة الانتظار والازدحام، إلى أن وصلنا إلى مرحلة الحصول على المعاينة وأوراق الرقود، والفحوصات والكشافات، ونحن في حالة ذهول غير مصدِّقين لما نحن فيه أمام كُـلّ صندوق، حَيثُ كنا نتعود دفع النقود هنا وهناك وفي كُـلّ حركة، نتحَرّكها، والحمد لله أجرينا العملية مجاناً وكذلك الفحوصات والرقود، وكلّ شيء مجاناً”.
ويتابع الزهرة، في حديثه لصحيفة “المسيرة” وبسمة الرضا والامتنان على محياه: “نشكر القيادة الثورية والسياسية على هذه الخطورة التي تنقذ الكثير من أرواح الفقراء والمساكين والمعوزين، ونقول لهم: ها نحن اليوم نقطف ثمرة من ثمار المشروع القرآني ونلمسها من خلال الخدمات التي تحمل معاني وقيم ومبادئ الرحمة والإحسان، والعطف والتعاون بين الحاكم والمحكوم، ونلمسها على أرض الواقع، وليس مُجَـرّد خطابات، ودعايات كَثيراً ما سمعناها قبيل أَيَّـام الانتخابات، من قبل ثورة 21 سبتمبر”.
ويضيف: “نحن على يقين تام أنه لولا المشروع القرآني والمسيرة القرآنية وثورة 21 سبتمبر لَمَا تحقّق لشعبنا اليمني، هذا الإنجاز، ولَما شهدنا رئيساً يمنياً يتلمَّسُ همومَ ومشاكل الشعب، ويبادر بتوجيهاته لتحويل كافة خدمات مستشفى في قلب أمانة العاصمة إلى مستشفى مجاني، للفقراء والمساكين”، لافتاً إلى أنَّ “شعبنا وجد اليوم مصداقية ما قاله الرئيس الشهيد صالح علي الصماد -رحمه الله-: “نحن دولة لخدمة الشعب، وليس شعب لخدمة الدولة”.
أقسامُ العمليات الكبرى والرقود:
في أقسام العمليات الكبرى والرقود غُرف مليئة بالأسرة وعليها مرضى من مختلف المحافظات اليمنية، يوحدهم إحسان القيادة، قبل أن يوحدهم الألم والفقر والحرمان، والعدوان والحصار الذي حاول تمزيقهم وتغافل آلامهم، وسعى لقتلهم من الجو والبر والبحر، إلا أنهم صمدوا، وثبتوا، وربطوا على بطونهم قبل جراحاتهم وأحزانهم ومآسيهم، فلقوا أياديَ حانية امتدت لتأخذَ بهم نحو أُفُق الوطن الجامع والحق المشترك، في الحياة الكريمة.
من البيضاء وعدن وحجّـة وتهامة وصعدة والمهرة وريمة، في غرفة رقم 1 وغيرها من الغرف التي تتسع لكل أبناء اليمن، أجريت لهم العمليات المجانية، وقدمت لهم الخدمات والفحوصات والمعاينات؛ لأَنَّ كُـلّ ذلك حَقٌّ لهم مكفول في دستور الجمهورية اليمنية، وأخلاقيات وقيم ومبادئ وأهداف المسيرة القرآنية، وقياداتها الإنسانية التي وجدت لتمارسها أعمالاً وليس أقوالاً.
محمد سعد، من أبناء محافظة البيضاء، قدم لإزالة الصفائح من إحدى قَدَمِه المكسورة، ولقسوة الظروف كان المستشفى الجمهوري قبلته الأولى والأخيرة.
المريض سعد ذو الخمسين عاماً، في حديثه لصحيفة “المسيرة” يقول: “عند سماع الأخبار عن مجانية المستشفى لم نكد نصدِّقُ أن إنجازاً بهذا المستوى يمكن أن يقدم في ظل استمرار العدوان والحصار وشحة موارد الدولة، وما تعانيه القيادة من المشكلات والمؤامرات المخطّطات المستهدفة لها”.
ويشكر ابن محافظةِ البيضاء القيادة في صنعاء على هذه المبادرة الإنسانية التي تقدم رسالة سامية لكل أبناء الشعب مفادها، أنه “يوجد اليوم في اليمن قيادة هي لخدمة الشعب فعلاً، وتتألم من آلامه وتستشعر مسؤوليتها تجاه شعبها”.
صلاح محمد علي، من أبناء محافظة تعز، هو الآخر يرقد منذ أسبوع في المستشفى الجمهوري، وأُجريت له عملية إعادة صابونة الركبة.
ويقول في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “إن شعوري بمجانية العملية لا يمكن وصفه، خُصُوصاً أن العملية مكلفة، في المستشفيات الأُخرى، وبعد أن وصلتُ إلى مرحلة اليأس والإحباط من عدم قدرتي على توفير تكاليفها”، لافتاً إلى أن “الخدمات تُقدَّم له ولمن معه من المرضى في الغرفة على أكمل وجه، ويحضون بتعامل واحترام كافة الكوادر الطبية والخدمية، رافعاً يديه نحو السماء بالدعاء للقيادة على هذه الخدمات المجانية، وشاكراً الاهتمام الذي يحصل عليه.
أحمد حسن أحمد، من أبناء وصاب محافظة ذمار، أجريت له عمليةُ الحوض والعمود الفقري بعد تعرضه لحادث قبل أسبوعين، ويقول: “نشكر القيادة على هذا العمل الخيري، ونشكر كُـلّ الطواقم الطبية والإدارية التي تقدم رسالتها الإنسانية على أكمل وجه، دون النظر إلى المقابل المالي”.
وفي حديثه لصحيفة “المسيرة” يضيف أحمد: “بفضل الله وبفضل القيادة الرحيمة بهذا الشعب تقدم لي ولغيري من الفقراء والمساكين الرعاية الصحية مجاناً، وهذه كأنها نوعٌ من المعجزات”، لافتاً إلى أنه عاش في أَيَّـام عدد من الحكومات السابقة، ولم يلمس منهم هذا الإحسان، والاهتمام بالشعب، وخَاصَّة الفقراء منهم، لافتاً إلى أن “ذلك من شواهد نجاح المشروع القرآني، ووفاء وإخلاص قيادة الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-“.
قسمُ الأسنان:
في قسم الأسنان يبتسم المريض والممرض، هدفُهم الجامعُ معاً نحو وعي يعزز صحة الفم والأسنان؛ فمريضٌ كان يتألم من أسنانه، وحال سماع الخبر بمجانية الخدمات الطبية في المستشفى الجمهوري، أسرع باكراً ليحجز مكانه في طابور الانتظار، ليتخلص من ألمه على يد طبيب أَو طبيبة، تشارك في صناعة ابتسامة النصر والسعادة ببريقها اللامع بياضاً.
المريض مطهر قائد القحوم، من على سرير الأسنان ينهض قائلاً: “ما وجّه به الرئيس المشاط يمكننا اليوم من أن نفرح ونبتسم بكل سرور، أن وهبنا الله قيادة تتحَرّك لآلامنا، وتسعى لمداواة مرضانا، وتستشعر مسؤوليتها أمام الفقير والمسكين، وتصدق بفعلها قولها، وأنها وجدت لخدمة الشعب”.
ويضيف القحوم: “إذَا استمر أداءُ القيادة على ما هي عليه منذ ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، فلن يكون في شعبنا يوماً من الأيّام فقيرٌ ولا مسكين، والجميع سيتحَرّكون لإحياء قيم التراحم والتكافل، والإحسان، وحينها تكونُ رحمة الله قريبة منا ومن شعبنا ومن قيادتنا، واليمن ماضٍ بكل عز وشموخ وتماسك للجبهة الداخلية نحو الانتصار وتحقيق الاكتفاء الذاتي على كافة المستويات وبناء دولة قوية، بقوة وأصالة القيم والمبادئ القرآنية التي تحييها القيادة في هذ الشعب العظيم”.
من جهته يقول الدكتور صخر، في قسم الأسنان في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “منذ تقديم الخدمات مجاناً زادت نسبة الإقبال إلى 5 أضعاف، والكوادر والأجهزة تعمل بكل طاقتها، وجميعنا نشعر بشراكتنا الحقيقية في هذا الإنجاز العظيم، ومن خلال ما نلمسه من السعادة في قلوب وكلمات ووجوه المرضى، يزداد نشاطُنا ويتطور أداؤنا، ونعمل بكل إخلاص وتفانٍ، لم يكن موجوداً مسبقًا، وهذه حالة من الشعور بالرضا”.
أما الدكتورة حنان الخولاني فتقول: “المرضى الذين أعالجهم من مختلف المناطق؛ فمنهم من قدم إلينا من المحويت ومنهم من بني حشيش، ومنهم من صعدة ومنهم من أمانة العاصمة، وكلّ المناطق والمحافظات يوجد فيها الفقير والمسكين ومن يمر بظروف معيشية صعبة: إما لانقطاع المرتبات، أَو لفقده مصدر عمله، ونلمس منذ تحول المستشفى إلى تقديم الخدمات مجاناً، سعادةً وفرحة لا تكاد توصفُ في كلام المواطنين وتعاملهم ومحياهم.. الجميع سعداء بهذا الإنجاز، والكل مستبشرين بمستقبل أفضل، إذَا ما استمرت القيادة الثورية والسياسية في مواصلة عطائها، ومساندتها للشعب، ومتابعة همومه وتطلعاته”.
وتدعو الخولاني في حديثها لصحيفة “المسيرة” أبناء الشعب إلى استشعار نعمة الله التي وهبهم الله إياها، من خلال وجود قيادة ربانية بكل ما للكلمة من معنى، مشيرة إلى أن “الجانب الصحي وتوفير الرعاية الصحية المجانية للفقراء والمساكين من أعظم مظاهر الإحسان التي يجب تعزيزها لتصل إلى كُـلّ محافظة يمنية، وينعم بها كُـلّ أبناء الشعب المستحقين، لمد يد العون”.
أما الدكتور محمد حسن البالدي فيقول: “عدد المرضى المقبلين يفوق الطاقة الاستيعابية، وهناك توجّـه لتحويل المكاتب الإدارية إلى عيادات لاستقبال الحالات المرضية، وكذا توفير معدات وأجهزة إضافية، لاحتواء الإقبال وتقديم الخدمات الطبية لكل من يصل إلينا، بدقة وأمانة، وجودة وسرعة”، لافتاً إلى أن “زيادة الأعداد يسبّب تأخيراً في الخدمات على البعض لساعات وأيام، وهذا ما لا يتناسب مع ظروف الشعب”.
ويؤكّـد الدكتور البالدي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن “خطط وبرامج الاستقبال للفقراء والمساكين في الأيّام القادمة ستكون وفق آليات وأفضل مما هي عليه اليوم، وستحل -بعون الله وصدق وإخلاص قيادة الهيئة- كافة العراقيل والصعوبات التي تحد من تلبية تطلعات المواطنين المرضى الذين يحصلون على المعاينة والرعاية الطبية بمختلف أقسامها وأنواعها”.