جُرْحُ الأُمَّــة الدامي

أسماء الجرادي

نعم.. إنها فلسطين، قِبلةُ المسلمين الأولى، أرضُ الرسالات، أرضُ الأنبياء.
فلسطين الوطن الذي لم يذق الأمن والسلام مدى قرون من الزمن، وذلك لتآمر اليهود عليها والتربص بها.
أرض المقاومة مع كُـلّ الحروب التي شنها عليها الأعداء إلا أنها لم تنحنِ، ما زال أهلها الأبطال ثابتين.
وفي ظل القتل المتكرّر لهم ولأبنائهم إلا أنهم لم يتزعزعوا ولم تخمد ثورتهم طوال عقود من الزمن، رغم ظلم الظالمين وتكالب الغرب عليهم إلا أن التكبيرات ما زالت تصدع في المسجد الأقصى وما زال يسكنه المعتكفون، وما زال الصهاينة يرتعبون وهم يتجولون في شوارعها خشية من العمليات الفدائية التي يقوم بها الشبابُ الفلسطينيون من قتل وطعن ودهس، إذَن الأرض ما زالت تقاوم.
ولأنها ما زالت تقاوم سراً وعلانية، كان يجب أن نرى عمليةً كبيرة ضد العدوّ كعملية عملية “طوفان الأقصى”، هذه العملية الأكبر من نوعها منذ عشرات الأعوام، العملية التي فاجأت العدوّ ووزنته ليرى جميع العالم حجمه الحقيقي، فعدد من الساعات كانت كفيلة بقتل وجرح الآلاف منهم وأسر المئات بمُجَـرّد أسلحة شخصية بسيطة جِـدًّا.
هجمة سريعة كان لها آثارها العظيمة المفاجئة، فما شهدته وتشهده الأراضي الفلسطينية يجعل من المستحيلات أن تتم مثل هذه العملية في ظل الحرب العسكرية والاقتصادية، وفي ظل الحصار، وكذلك الاستخبارات الدقيقة لدى العدوّ والذي يشمل الشرق الأوسط بأكمله، ولكن بفضل من الله وجهود كبيرة من قادة المقاومة واستبسال المجاهدين نجحت العملية وعلى أعلى المستويات وفرح الجميع، وربما أننا -مواطنِي الوطن العربي والإسلامي كافة- لم نذق الفرحة في أعوامنا الأخيرة كما ذُقناها يوم أعلن “طوفان الأقصى”وما خلفته هذه العملية، فالكثير رأى أنها قد أتت ساعة التحرير وأن إسرائيل في طريق الزوال، ولكن ومع الرد الهمجي والجنوني للعدو تغيرت أراء البعض ويحق لنا أن نسميهم بالمنافقين، والذين قال الله فيهم: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) وعند ارتكاب الجرائم المتوقعة وَالمعتادة من العدوّ، وبدلاً من وقوفهم مع فلسطين وشعبها المسلم المظلوم ضد الصهاينة إلا أنهم انقلبوا على مواقفهم الأولية، وطعنوا في المقاومة بانتقاداتهم لقادتها، ومن أطلق هذه العملية بحجّـة أنهم يخافون على الأبرياء، وكأن غزه لم تُقصف من قبل ولم يُقتل أبنائها قط، وهكذا هم المنافقون يقفون معك فقط عندما يرون قوتك أما حين يجدونك مظلوما مقهوراً يُرتكب بحقك أبشع الجرائم فهم يصبحون محايدين ودعاة سلام كما يصفون أنفسهم، لا بارك الله فيهم.
وهنا رسالة أخيره لهؤلاء نقول لهم: إن الشعوب القوية هي من تناضل وتقاوم وتدافع عن نفسها وأرضها بكل الوسائل، ومن قال الله فيهم: (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وهكذا هم أبطال فلسطين وعلى مدى عشرات السنوات فلو أنهم خضعوا واستسلموا كما تريدونهم لكانوا الآن مشردين في البلدان، وأنكم أَيْـضاً يا منافقي الأعراب أَيْـضاً مشردون تبحثون عن وطن؛ لأَنَّ وطنكم قد احتله اليهود، فاليهود كما أخبرنا الله عنهم لا يقتنعون في أرض ولا يأتي منهم سلام ولن يرضوا أَو يقتنعوا إلا بالسيطرة على جميع البلدان والأراضي الإسلامية وجعل المسلمين عبيدًا لهم يهينونهم ويذلونهم ويرتكبون فيهم الجرائم حتى وهم مسيطرون على أرضهم، وقد حذرنا الله منهم وأمرنا أن نُقاتلهم ولا نتركهم بيننا إلا أذلاء يلتزمون بقوانيننا ويدفعون الجزية، ولهذا فَــإنَّ أبطال المقاومة هم الدرع الحصين لكل الأُمَّــة الإسلامية، وعلينا جميعاً دعمهم بكل الوسائل سراً وجهراً، ولتعلموا جميعاً أن إسرائيل إلى زوال وأنها في طريق النهاية، فلا تنخدعوا بهم وبأعوانهم فنصر الله إذَا أتى لا يتأخر ساعة، ومشاهد آيات الله ومعجزاته بيننا، والنصر قريب، ونهاية الظالمين تلوح في الأفق، قال تعالى: (حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) صدق الله العظيم.