المقاوَمةُ الإسلاميةُ في لبنان تفرِضُ قواعدَ اشتباكٍ جديدةً في اليوم الـ18 من “الطوفان”

 

المسيرة | خاص

لليوم الـ18 على القتال، وضمن معركة “طوفان الأقصى”، يُديرُ حزبُ الله المعركةَ على الجبهة الشمالية لـ “طوفان الأقصى”، بدقّة متناهية ويتدرَّجُ بالتصعيد، حَيثُ تؤكّـد حجمُ الضربات التي يسدِّدُها على عديد وعتاد كيان العدوّ، وتوزعها على خَطِّ جبهة يتجاوز طولها الـ 100 كم، يُظهران اندفاعاً هجومياً عاليًا مع تطور ملحوظ للاستراتيجية الاستنزافية، المتناغمة مع مجريات العمليات جنوباً عند جبهة “غزة”، والتي تتميز بجرأة أعلى كُـلّ يوم، ما يعكس محاولات جيش الاحتلال لاحتواء الهجمات والانتقام بقصف الصحافيين والمدنيين، على الشريط الحدودي مع لبنان.

بالنظر للاستهدافِ الكثيفِ من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان، لمعدات التجسُّس والتنصّت والتصوير والاستعلام ووسائط التشويش الإلكتروني والإنذار المبكر، فقد تضررت بما يزيد على 50 %، وهذا ما يفسِّرُ اعتمادَ العدوّ الكبير على الطائرات المُسيّرة لتعويض النقص في الجمع المعلوماتي الذي كانت تؤمّنه هذه الوسائط، إلّا أن ذلك، وعلى الرغم من التفوّق الجوي وسقوط ما يزيد على 30 شهيداً للمقاومة، لم يعطِ جيش العدوّ القدرة على تعطيل حركة أطقم الكورنيت و”صائدي الدبابات” ولا من استمرارهم في تحقيق الضربات.

في المقابل، تمكّن المقاومون من شَلِّ حركة قوات العدوّ، على مستوى الأفراد وتجمّعات الجنود وفي النقاط المموّهة والمستترة، وعلى مستوى الآليات والمدرّعات التي تحوّلت إلى أهداف في أقل حركة وأسرع وقت، حتى بات الضباط والقادة يتنقّلون بالسيارات المدنيّة خشية الموت في الآليات العسكرية.

دبابات الميركافا أَيْـضاً لم تسلم من الضرب والحصار، فبات يلاحظ غيابها عن الخط الأمامي وضيق هامش مناورتها مع اختبائها في تحصينات الخطوط الخلفية، خشية استهدافها بالصواريخ التي يصل مداها إلى حوالي 5 كم.

مراقبون أكّـدوا أن تطوّرات الأيّام الأخيرة، كشفت هشاشة الجدار الإسمنتي الذي كلف المليارات لإنجازه، حَيثُ تمكّنت المقاومة من الاحتفاظ بامتيَازات جغرافية على طول خط الجبهة تسمح لها باستهداف واسع وعميق من مناطق متاخمة للجدار أَو مشرفة عليه، عدا ظهور الكثير من الثغرات التي سمحت للمقاومين الفلسطينيين مثلاً، باختراق الإجراءات أكثرَ من مرة والدخول من لبنان إلى العمق الفلسطيني، ما حول الجدار الإسمنتي إلى “جبنة سويسرية”، على غرار خط “بارليف” الشهير، كما عبر عنه أحد المجاهدين في أحد المقاطع التي نشرتها المقاومة.

ومع ازياد حدة الاشتباكات، بات خطرُ توسُّع رقعة المواجهة يشكل هاجساً مؤرقاً للعدو الصهيوني وأمريكا وللغرب، وقد بات جليًّا لدائرة القرار في “تل أبيب” وواشنطن بأن التصعيد على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلّة من قبل حزب الله مرهون بميدان غزة؛ ما يعطِّل أيَّ مخطّط للعدو في محاولته للقضاء على المقاومة الفلسطينية في القطاع.

إذ لا يخلو سير المواجهات، من محاولة كُـلّ طرف استكشاف الأسلحة المجهولة التي يستخدمها الطرف الآخر، خُصُوصاً في الجو، إذ إن المقاومةَ تختبر باستمرار ردود فعل الدفاعات الجوية “الإسرائيلية”، بينما يحاول العدوّ فعل الأمر نفسه.

استراتيجياً، فثمانية عشر يوماً، تراكم حصادُها الميداني للمقاومة، كانت كافية لتظهر صورة الردع “الإسرائيلي” أمام حزب الله على حقيقتها، فقد سقطت كُـلّ أوهام الأيّام القتالية قبل أن تبدأ الحرب الواسعة، وتحولت قوات الجيش إلى انتشار دفاعي، بينما تكتظ المستوطنات الفارغة من المستوطنين بالجنود، في المقابل فحزب الله لا يرتدع، رغم التهديدات، بل ويصعد ضرباته، بما يُفقد الاحتلال أية سيطرة على التحكم بوتيرة المعركة أَو قوّتها، وطبعاً نهايتها.

في شريط بعمق خمسة كيلومترات تقريبًا داخل الأراضي اللبنانية، ومثله على الجانب الفلسطيني المحتلّ، تدور حرب حقيقيّة، تُلهب فيها المقاومة خط الجبهة من بحر الناقورة في الغرب، إلى سفوح جبل الشيخ في العمق الشرقي، فلا تهنأ عينٌ لجندي “إسرائيلي” في موقع من المواقع الـ 31 المنتشرة على طول خط الحدود الوهمي، بعدما حوّلت جرأة المقاومين وقبضات صواريخ الكورنيت الموجّهة، التحصينات الاسمنتية والملاجئ إلى سجون لا يفارقها جنود الاحتلال.

في السياق، نشر الإعلامُ الحربي في المقاومة الإسلامية “فلاش” تحت عنوان “فأغشيناهم“، أظهر جانبًا من بسالة المجاهدين في ضرباتهم الموجهة ضد العدوّ الصهيوني الغاشم، منها استهداف موقع المرج مقابل مركبا بالصواريخ الموجّهة ‏والأسلحة المناسبة.

عصر الثلاثاء، حَفِلَ بإطلاق صاروخَين موجَّهين من لبنان، استهدفا موقعَ شتولا “الإسرائيلي”، ومستوطنة المِنارة قبالة بلدة ميس الجبل جنوب لبنان، وبالتزامن، قصفت مسيّرة “إسرائيلية” منطقة في مرتفعات بلدة كفر شوبا، كما طال قصف “إسرائيلي” بالقذائف الفوسفورية أطراف بلدتَي حولا وميس الجبل الحدوديتين، فيما تحدثت مصادر عبرية أن “نحو 10 صواريخ كورنيت أطلقت على موقعين للجيش “الإسرائيلي” عند الحدود مع لبنان، وجرت اشتباكات عنيفة على الحدود مع فلسطين المحتلّة بعمق 5 كلم، وكانت أعمدة الدخان تتصاعد من ثكنة “برانيت” العسكرية شمال فلسطين المحتلّة.

مراقبون يرون أن الواقع في جنوب لبنان عكس ذلك، خلال أسبوعين من القتال، فقد غيرت المقاومة قواعد الاشتباك القديمة، لصالح قواعدَ جديدة، عنوانها التماهي العسكري مع الميدان في غزة، وترتبط بظروف المرحلة وتطوّراتها، وربما كشفت الساعات القادمة متغيرات ميدانية جديدة ومزلزلة لكيان الاحتلال يصعب التنبؤ بها أَو تأثيراتها على كيانه المتهالك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com