رسالةٌ إلى أبناء غزة

هاشم أحمد شرف الدين

برغم القصف الإسرائيلي الوحشي على أبناء غزة إلا أنه لم تتأثرْ معنوياتُهم، فنراهم يقابلون مأساتَهم بصبر مذهل وشجاعة وإرادَة قويتين.

إن هذا الصمودَ الأُسطوري دفعني إلى أن أوجِّهُ لهم رسالةَ شكر وثناء؛ فالإعجاب بهم يتعاظم بقوة في قلبي وضميري منذ فجر عملية “طُوفان الأقصى” المباركة.

 

فيا أبناءَ غزة الأبطال:

إن الثباتَ الذي تظهرونه في وجه الإرهاب الصهيوأمريكي يشكل مصدرَ إلهام للأُمَّـة، وللكثير من الناس في العالم، الذين صاروا يقفون إلى جانبكم ويدعمونكم بتظاهرات لا تتوقف في العواصمِ والمُدُنِ حول العالم.

لقد بات العالمُ كُلُّه يعرفُ أنكم أبطالٌ حقيقيون، مهما حاولت القوى الاستكبارية – وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل ومنافقو الأُمَّــة – خنقَ صوتكم وإخفاء قصتكم، فقد تعرضتم للقصف والحصار وعشتم وسط الألم والدمار لكنكم ظللتم تساندون بعضكم البعض بالحب والرحمة، وترفضون مغادرة أرضكم. لقد أثبتم أنكم تستحقون فلسطين وأنها تستحقكم.

 

يا أبناءَ غزة الأبطال:

تذكّروا أنكم لستم وحدَكم في هذه المعركة؛ فأحرارُ محور الجهاد والمقاومة معكم، وأحرار الأُمَّــة العربية والمسلمة معكم، والشعوب المحترمة حول العالم تقف إلى جانبكم وتدعمكم، سواءٌ أكنتم ترون ذلك أم لا، فأنتم في قلوبهم جميعاً، منهم من يدعو الله سبحانه وتعالى؛ مِن أجلِكم، ومنهم من يعمل؛ مِن أجل إنهاء هذا الظلم الواقع عليكم بالتظاهرات أَو بأعمال جهادية متنوعة على الأرض.

إن محور الجهاد والمقاومة يثق في أنه لا يأس قد يتسرب إليكم أَو قنوط، فأنتم تدركون أن الشهداء في ضيافة الرحمن، وأن ما تم تدميره سيعاد بناؤه، وأن هذه الظروف ستكون حافزا لتحقيق التغيير الإيجابي، حَيثُ الحرية التي تستحقونها كشعب عزيز وحيث الاستقلال لوطنكم الغالي الذي تملكونه فلسطين.

صحيح أننا وإياكم في محور الجهاد والمقاومة نذرف الدموع، ولكن دموعنا ليست علامة ضعف، بل هي تعبير عن الإنسانية التي يفتقدها أشرار العالم ومنافقو الأُمَّــة. ونحن من يجفّف دموعه سريعا، ويجعلها دافعا للتحَرّك ولتغيير الواقع والسير قُدما بكل شجاعة وثقة، متوكلين على الله سبحانه وتعالى واثقين بنصره، نحمل الوعي والسلاح في آن، ولا يمكن أن نفقد الأمل، ويسند كُـلّ منا أخاه في كُـلّ وقت، نتداعى بالحب والنُصرة والرحمة لبعضنا البعض فنزداد قوةً باتّحادنا، فالمحنة تجمع الأرواح النبيلة وتظهر القوة الحقيقية للإنسان الحر المتمسك بإنسانيته ودينه الصحيح وقيمه الحميدة.

 

يا أبناءَ غزة الأبطال:

إنني أُحَيِي وعيَكم وجهادَكم، وأحيي تجاهلكم لمنافقي الأُمَّــة صهاينة العرب الذين تجاهلوا آلامكم وبقوا صامتين أمام الظلم الذي تعانونه، وأكثر منهم فظاعة وقبحا من ألقى باللائمة عليكم ليبرّر لليهود قتلكم وحصاركم.

أُولئك المنافقون مدمنو الكبتاجون هُواة الألعاب الإلكترونية الذين ينظرون إلى ما يحدث من مجازر بحقكم وكأنها مُجَـرّد لعبة على الألواح والهواتف الذكية.

لم تحَرّكهم الأجساد المقطّعة والأشلاء الممزقة!

لم يكترثوا للأرواح التي تُفقد يوميًّا بالمئات بلا رحمة!

لم يهزهم أنين المنازل المدمّـرة، وتأوهات الأحياء المُسوّاة بالأرض!

لم يوقظهم من نشوة تعاطي مخدراتهم نحيبُ الأطفال الذين يبحثون عن حماية ورعاية بعد أن فقدوا الوالدة والوالد والمُعيل، لم يسمعوا عويل الثكالى المكلومات في أولادهن وأزواجهن وإخوانهن وأخواتهن!

لم يعبئوا بآلاف العائلات المشرّدة التي لم تجد ملجأً من القصف حتى في المدارس والمستشفيات والمساجد!

 

يا أبناءَ غزة الأبطال:

أنتم وإخوانكم أبطال محور الجهاد والمقاومة من سيحوِّلُ دموعَ الألم إلى رموز للصمود والقوة.

أنتم وهم من سيستعيد كامل الأرض والحقوق.

أنتم وهم من سيصنع مستقبلا يحفظ كرامة أبناء الأمتين العربية والمسلمة في فلسطين وفي كُـلّ مكان، ليس بالكلمات وحدها بل بالعمل والتحَرّك والمواجهة في إطار تنسيق وعمل موحد منظم.

إن محور الجهاد والمقاومة يقترب من النصر الكامل على العدوّ الإسرائيلي. فقريبا سينبثق فجر الحرية مجدّدًا في سماء غزة، وسيرفرف العلم الفلسطيني بعد التحرير في كافة الأرض المحتلّة، وسيعيش الشعب الفلسطيني بكرامة وحرية تامة.

 

يا أبناءَ غزة الأبطال:

فلتكونوا على عِلْمٍ بأن العالم الحر يتعلم منكم اليوم أن الحياة والأمل لا يمكن أن يُسلبا ممن يدافع عن قضية عادلة كالقضية الفلسطينية.

والعالم الحر يتعلم منكم اليوم قيم الولاء للوطن والتضحية؛ مِن أجلِه مهما كانت التحديات والتضحيات أَو الألم أَو الدمار.

والعالم الحر يراهن اليوم على أنه بصمودكم وعنفوانكم وقوتكم وصبركم سيتحقّق النصر لكم في نهاية المطاف.

ولتعرفوا أن أحرارَ الأُمَّــة وأحرار العالم يثقون بأنكم ستفرحونهم بتحقيق نصر يملأ قلوبهم عزةً وفخرا، وأنتم أهل لذلك، ستستمرون في الصمود والثبات حتى النصر فأنتم من أبطال هذه الأُمَّــة.

فلكم منا أجلُّ عبارات الثناء وصادق العهد بالوفاء، والسلام عليكم ونصر الله ورحمته وبركاته..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صنعاء ــ 10 ربيع ثانٍ 1445هـ الموافق 25 أُكتوبر 2023م

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com