ولا يأتون البأسَ لا قليلًا ولا كَثيراً..!
عبدالإله محمد الشامي
إنَّ المصيبةَ إذَا كَبُرَت في قلبِ ونفسِ المقدِّر لها حَقَّ قَدْرِها، كان من الصعب عليه أن تساعدَه العباراتُ التي يُعَبِّرُ عنها وتواتيه الكلماتُ التي تشرحُ مدى فاجعة ألمها، كما هو حاصل على أهلنا وإخواننا المؤمنين في قطاع غزة طوال الأسابيع الـ3 الماضية من جرائمَ توصَّف قانوناً كجرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، الذي يقتل فيها إنسان كُـلّ خمس دقائق، أغلبهم من الأطفال والنساء، بضربات الذين ضُربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله، أراذل أهل الأرض (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا).
وإن تعجب فاعجَبْ من موقف الدول الإسلامية والعربية، خَاصَّة المتفرِّجَ، إن لم يكن بعضُها متواطئًا مع كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي المحتلّ والغاصب لأرض فلسطين والمقدَّسات الإسلامية كالمسجد الأقصى المبارك، والجرائم التي يرتكبها كيان العدوّ بحق أبناء الشعب الفلسطيني بشكل همجي لم يشهد لهُ التاريخ مثيلاً، وبغطاء أمريكي وبريطاني وفرنسي وغيرها من الدول الغربية وبدعم عسكري ومالي وسياسي معلَن؛ فلا يتحَرّكون كأنهم أمواتٌ لا أحياء، وليسوا بأهلِ حرب ولا إيمان، فلا دين ولا حمية حتى من حمية الجاهلية، ولا يأتون البأسَ لا قليلًا ولا كَثيراً، في حين أنه لا يسعُهم في حكم الإسلام وهدي القرآن إلا الجهاد والقتال سالكين مسلكَ إخوانهم المجاهدين في حركات المقاومة في فلسطين، الذين جعلوا نحورَهم أغراضاً وأهدافاً للمنايا، فكانوا بحق (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنهم مَن قَضى نَحْبَهُ ومِنهم مَن يَنْتَظِرُ ومِنهم مَن بَدَّلَ تَبْدِيلًا)؛ دفاعاً عن الإسلام ومقدَّساته وأرضه وعرضه وَكرامة الإنسان وحريته في الاستقلال والتحرّر من المحتلّ، كحَقٍّ مشروع كفلته لهم شريعةُ الإسلام والقوانينُ والمواثيق الدولية..
عشراتُ العوائل والأسر في غزةَ أُسقطت ومُسحت من السجل المدني بكاملها؛ نتيجةَ غارات إسرائيلية على البيوت وعمارات هدمتها على رؤوس أصحابها وساكنيها، لا أقول بدون إنذار وإنما عن عمد وسبقِ إصرار بالقتل العمد للنساء والأطفال وكبار السن، قصفت المساجد والكنائس والمستشفيات والأسواق والمخابز وأماكن الإيواء للأونروا التابعة للأمم المتحدة، ومنع العدوُّ الإسرائيلي وصولَ المساعدات الإنسانية لأهالي غزةَ، بما في ذلك الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات والمواد الغذائية ومياه الشرب التي نَفِدَت، حسب بيانات الجهات المختصة والمنظمات الدولية، وما أُدخل عبرَ معبر رفح من الأدوية والمواد الغذائية خلال الأسبوع الحالي لا يغطّي نسبة 1 % من الاحتياجات لقطاع غزة الذي يزيدُ سكانُه عن مليونَي نسمة.
كُـلُّ تلك الجرائم والحصار الظالم يجري على مرأى ومسمع العالم الظالِم والمنافِق والمتواطئ بل والداعِم لعصابة الكيان الصهيوني، بما في ذلك إفشالُ التصويت على قرارات وقف إطلاق النار لدواعٍ إنسانية، التي تقدَّمت به روسيا والصين والمجموعة العربية لمجلس الأمن للمرة الثالثة عبر الفيتو الأمريكي؛ بما يؤكّـد ولا يدع للشك مجالاً أنَّ العدوانَ والحصار أمريكيٌّ، وأن أمريكا و”إسرائيل” وجهانِ لعُملة واحدة، وأن مَن يوالِ أمريكا يوالِ الكيان الإسرائيلي الغاصب والمجرم، ولا يجادل في ذلك إلا من سفه نفسَه، أما بالنسبة لموقف الشعب اليمني الشعبي والرسمي فمعلومٌ ومشهورٌ ومشكورٌ لدى العدوّ والصديق المقاوِمِ، والقادمُ أعظم -بعون الله وتأييده-.