حقًّا.. إنَّه زمنُ كـشفِ الحـقـائـق

 

الزهراء عادل

هناك خبايا من الماضي تظل مخبئة لسنين مديدة إلى أن يتولى الزمان كشفها لتظهر جلية أمامنا فتصدمنا بواقع غفل الجميع عنه؛ تُكشف الحقائق ويُزاح الستار وينجلي كُـلُّ شيء خفي ذات يوم.

ففي عام 1905م عقد مؤتمر سمي بمؤتمر كامبل بنرمان بلندن وهو مؤتمر يجهله أغلبية الناس، واستمر إلى عام 1907م وقد ضم هذا المؤتمر الدول الاستعمارية في ذاك الوقت وهي “بريطانيا، فرنسا، هولندا، إسبانيا، بلجيكا، إيطاليا”، وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية أسموها وثيقة بنرمان نسبةً إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بنرمان.

أهم ما نصت عليه الوثيقة هو زرع جسم غريب يفصل المشرق العربي عن المغرب العربي، ومن أهم أهداف هذا الجسم هو: أن يجعل المنطقة في حالة اللا توازن؛ لأَنَّ التوازن يولد الاستقرار والاستقرار يولد النهضة، أي أنهم أرادوا تعطيل نهضة الأُمَّــة.

وكان هذا المؤتمر بداية الاحتلال، فما إن سمِع هرتزل مؤسّس الصهيونية عن هذه الوثيقة حتى بادر بالذهاب إلى كامبل ليخبرهم بأنهم يريدون أن يكون هذا الجسم الغريب الذي أرادته الوثيقة، وفي عام 1917م جاء الوعد المشؤوم “وعد من لا يملك لمن لا يستحق” وعد بلفور اللعين ومما نص عليه “تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًّا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أَو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.

ورداً على هذا الوعد كتب عبد العزيز آل سعود آنذاك وثيقة قال فيها “أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود، أقرّ وأعترف ألف مرة، لسير برسي كوكس، مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أَو غيرهم، كما تراه بريطانيا، التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصبح الساعة”، وهذه الرسالة كتبت بخط يده هو ولم يلفقها أحد!

وما هو عليه النظام السعوديّ اليوم من تطبيع وسفالة ودناءة هو ليس إلا تكملة لذلك الطريق الذي سار فيه كبيرهم، فأي شيء يُرتجى من نظام أقر من أول يوم -ألف مرة- بإعطاء فلسطين لليهود المساكين على حَــدّ زعمه أَو غيرهم؟

وفي عام 1920م قامت بريطانيا باحتلال فلسطين واستمر هذا الاحتلال لما يزيد عن عقدين ونصف 1948م كان الغرض من هذا الاحتلال “الانتداب” تسهيل أمور الصهيونية لاحتلال فلسطين وتهيئة المكان لها، فما إن غادر الاحتلال البريطاني حتى سارعت الصهيونية لاحتلال فلسطين تطبيقًا لوعد بلفور.

ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم وفلسطين تنتهك، تقتل تذبح، تغتصب، تصرخ، تستغيث وما من مغيث!

وحين قرّرت الجهاد في سبيل الله، حين قرّرت الدفاع عن دينها ومبادئها ونفسها، حين قرّرت مواجهة أعداء الله والتصدي لهم، حين أرادت التنكيل بهم ظهر العالم المنافق وخرج كُـلُّ جروٍ من جُحره وبدأ نباح الكلاب يعلو، وهذا ليس بشيء غريب بل هو واضح كوضوح الشمس، إنما كان يُخفى ويُجمل بأدوات تجميل أزالوها اليوم ليظهر الوجه الحقيقي بوضوح أكثر.

ظهروا على الشاشة بكل خبث وسفالة لإعلان طلب إيقاف الضربات الموجهة من القدس إلى إسرائيل وأن ما تقوم به فلسطين تجاه إسرائيل عدوان على حَــدّ زعمهم!

ولكنهم غفلوا عن أمرٍ ليس ببعيد!

إن كان دفاع الفلسطينيين عن أرضهم يُسمى عدوانًا فماذا سنسمي حربهم وقتلهم وحصارهم على اليمن؟ ماذا سنُسمي إباحتهم لقتل شعبٍ بأكمله رجاله ونسائه، شيخه ورضيعه، ماذا نسمي قصفهم لصالات العزاء للأفراح للأحزان، تفجيرهم للمساجد، قصفهم للسجون، حتى الحيوانات لم ينسوا نصيبها من هذا العدوان، إن كانوا يعتبرون دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم عدوانًا فما سيُسمى ما فعلوه باليمن؟!

ثم أليس ما يحدث اليوم بحق الفلسطينيين عدوانًا همجيًّا من كيان صهيوني لعين؟ قصفهم للمستشفيات، تجويعهم وتلجيئهم وذبح طفولتهم ألا يُسمى هذا عدوانًا أم أنكم لن تخرجوا عن إرادتهم إلى أن تصبح الساعة!

ولكن لا بأس فلسطين: فإن خذلوك فلن يخذلك الله، إن حاربوك فسينصرك الله، إن تركوك وحيدةً سيكون الله معك، لا بأس يا فلسطين فإن ماتت إنسانية العرب، إن ذَلَّ هذا العالم أمام مَن ضربت عليهم الذلة، إن خذلتك هذه الأرض بمن فيها، فلن تموت إنسانيتنا ولن نُذل أمامهم ولن نخذلك أبداً ما دام فينا عرقٌ ينبض.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com