طاف الطوفانُ على الصهاينة وهم نائمون “صدمة إسرائيلية وفزعة غربية”
لؤي الموشكي
عملية “طُوفان الأقصى” كانت وما زالت اسماً على مُسمّى، بتطابق الاسم مع أهدافها ونتائجه، فقبل حرب أُكتوبر عام 1973م، كانت المعلومات الاستخبارية المُنذِرة بقرب هجوم الجيش المصري وكذلك السوري على الكيان الصهيوني تتسرب وتتدفّق إلى قادته، ولكنَّ في عملية “طُوفان الأقصى” التي ما زالت مُستمرّة حتى الآن كان العنصر المهم والأهم في هذه العملية هو عنصر المفاجأة والمباغتة، فمنذُ بداية العملية الغزاوية الشجاعة على الكيان الصهيوني استغرق الصهاينة وخُصُوصاً قادتهم أَيَّـامًا لتستوعب عقولهم الذي حدث، هل هو زلزال؟ إعصار؟ طوفان؟ قيامة القيامة؟
فكان عندهم من ثامن المستحيلات (لأَنَّ سابعها حدثت بعد أن كانت مستحيلة إذَا استمر العهد الماضي، وهي قصف اليمن لإسرائيل وأمريكا في عهد الأنصار)، أن يحصل ما حصل لهم من اقتحامات وقتل وأسر جنود وقادة بالملابس الداخلية ونزول مقاتلين من السماء، لم يستوعبوا أن الذي يحدث هو طوفان فلسطيني إلا بعد أيام.
ولأنه قد كان أخذتهم العزة بالإثم، فبعد انتصاراتهم العسكريّة الثلاثة السابقة لحرب أُكتوبر في العام 1973م على الدول العربية، كانت كافية لمدّهم بالغرور الذي أعمى بصرهم، وتزويدهم بالغطرسة التي طمسَت بصيرتهم، فصدّقوا ما كذبوا به على أنفسهم، بأنَّ جيشهم لا يُقهر، وأنَّ العرب لن يجرؤوا على مهاجمتهم، ولم يصدّقوا أن جماعة قليلة محاصرة لسنوات أن تفعل كُـلّ ذلك، وتلقين الجيش الذي كان يقال عنه بأنه الجيش الذي لا يُقهر أقسى الدروس.
عملية “طُوفان الأقصى”، لم تكن عملية عادية، بل كانت عملية حاسمة، بدأت في السابع من أُكتوبر وما زالت مُستمرّة، حدث فيها قتال شديد بين قوى المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الصهيوني؛ مواجهة عظيمة واستبسال شجاع، جسَّدتها المقاومة بدقة تنفيذها وصمودها وثباتها وإرادتها، ومن ثم تُعد عملية “طُوفان الأقصى” من أهم العمليات والمعارك التي مرت بالمسلمين في غزة وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلّة خُصُوصاً وَكامل المسلمين في العالم عُمُـومًا، ليس فقط لخطورتها أَو صعوبتها، أَو لانتصار المقاومة فيها وهزيمة جيش الاحتلال الصهيوني وإذلالهم فيها، ولكن؛ لأَنَّها عملية فاصلة للمقاومة في غزة وفي الأراضي المحتلّة.
والتحول الأبرز للمقاومة والذي كان يمكنني القول عنهُ إنهُ سر نجاح هذه العملية هو تحديد ساعة الصفر للعملية بوقت لم يكن بحسبان العدوّ، بل يمكنني القول لم يكن في خياله وأحلامه.
وقد تجلَّت في عملية “طُوفان الأقصى” قوة الإيمان وثبات العزائم في مواقف المجاهدين، وتحملهم قسوة الحوادث، وصبرهم على شدة القصف، ومدى دأبهم على العمل الشاق تحت الأنفاق طيلة الفترة السابقة، وتيقظهم لحركات أعدائهم ومواجهة هذه الحركات.
عملية “طُوفان الأقصى” جعلت من “المستحيل” “لا مستحيل” بتنفيذها لِأقوى هجمة شرسة برية وجوية وبحرية شُنت على العدوّ الصهيوني منذُ نشأته وظهوره، وبهزيمتها لجيش تدعمه بسخاء جميع الدول الغربية والأُورُوبية المتغطرسة والمتكبرة والمتجبرة، جيش كان يقال عنه إنه من أقوى جيوش العالم وإنه الجيش الذي لا يُقهر، فعملية “طُوفان الأقصى” التي لم تنتهِ وما زالت مُستمرّة حتى الآن جعلت من هذا الكيان اللقيط مسخرة ومهزلة أمام العالم أجمع، فبفضل الله تعالى أصبحت المقاومة الفلسطينية وفي ظهرها محور المقاومة ذات قوةٍ كبيرة يُفعل لها ألف حساب، ورقماً صعباً فرض وأثبت نفسه يُجابه ويتصدى لِهذا العدوّ الصهيوني الذليل مهما كانت قوته، ومهما كانت هزيمته مستحيلة.