القضيةُ الفلسطينية.. أسقطت الأقنعة

 

هاشم أحمد وجيه الدين

لا ريب أن القضيةَ الفلسطينية هي القضيةُ المركَزيةُ والمحورية للأُمَّـة الإسلامية، وهذه الحقيقة من الثوابت التي لا خلاف عليها؛ ولذلك لطالما استخدمتها الأحزاب والتنظيمات والزعامات لدغدغة عواطف الشعوب وتزييف وعيه لأغراض الكسب السياسي على حساب معاناة وآلام الشعب الفلسطيني، وكم من الأحزاب والتنظيمات وكذلك الشخصيات ذاع صيتها واكتسبت شهرة واسعة على حساب هذه القضية.

لكن عملية “طُوفان الأقصى” المباركة التي دشّـنتها المقاومة الفلسطيني في السابع من أكتوبر وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة، مثلما كانت صفعةً مدويةً في وجه الكيان الصهيوني وجيشه الهزيل وأجهزة مخابراته، فقد مثَّلت المحك الحقيقي لصدق المواقف الإسلامية والعربية للدول والحكومات والأحزاب والكيانات التي تاجرت بها لعقود من الزمن.

بات الجميع اليوم أمام تداعيات هذه العملية المباركة معنياً بأن يكون له موقفٌ صادق وعملي لنصرة فلسطين وشعبها ونسائها وأطفالها، بالتحَرّك الجاد لوضع حَــدٍّ لعنجهية الصهاينة وجرائمهم الوحشية والإبادة الجماعية التي يمارسونها يوميًّا بحق الشعب الفلسطيني الحر المقاوم، بدعم لا محدود من دول أُورُوبا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، فكان الموقف العام للدول العربية والإسلامية على محورين:

المحور المقاوم والمتمثل بالجمهورية الإسلامية الإيرانية والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، وهذا المحور -بشهادة المقاومة الفلسطينية وقياداتها- كانت له اليد الطُّولى بفضل الله في دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والمقاتلين ووضع الترتيبات والتخطيط لهذه العملية الشجاعة خطوة بخطوة، وسجلوا موقفاً واضحًا وعلنياً وبدون أية مواربة، وكان لشعوب هذه الدول موقف بارز ورئيسي في الدعم الشعبي بالخروج في مظاهرات ضخمة والدعوة إلى التعبئة والجهاد بالمال والرجال.

بينما كانت مواقفُ المحور الآخر المتصهين والمتأمرك متمثلاً بتركيا والسعودية ومصر والأردن والإمارات، والذين طالما تغنوا بفلسطين والأقصى، كان موقفهم ضعيفاً ومتماهياً مع الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا، حيث إن جميع هذه الدول مطبِّعة مع الكيان الصهيوني ولديها سفارات وسفراء يهود، بل تمادت في مواقفها حَــدّ دعم الصهاينة بشكل علني ضد إخوانهم وشعبهم في فلسطين، ونحن هنا نتحدث عن الأنظمة الحاكمة أما شعوب هذه الدول فكان لها موقف حر وشجاع إلا أنها اصطدمت بحكوماتها العميلة والمنبطحة.

وبالنظر لتاريخ هذه الدول نجد أنها هي من أشعلت الحروبَ في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودعمت الإرهابَ؛ لتخريبها وإثارة الفوضى والنعرات الطائفية والمذهبية فيها خدمة للصهاينة، وما زال عدوانهم قائماً على اليمن حتى اللحظة.

ومن خلال الأحداث والوقائع الحاصلة في غزه والمواقف تجاهها نستنتج بما لا يدعُ مجالاً للشك أن عملية “طُوفان الأقصى” المباركة أسقطت الأقنعةَ عن الدول التي تاجرت بالأقصى والقدس، وتحالفت مع اليهود لمحاربة كُـلّ من يعادي أمريكا وإسرائيل، ويحمل مشاعر العداء لليهود والنصارى من منطلق ديني، ويتحَرّك على أَسَاس هذا العداء بتبني مواقف ثقافية وإعلامية واقتصادية وعسكرية وسياسية، تآمرت عليه هذه الدول بإيعازٍ أمريكي تحت عناوينَ باطلة ومفبركة؛ لتضليل الشعوب وتزييف وعيها، وكانوا هم الأدوات التي مزَّقت الأُمَّــة وعبثت بمقدراتها وبعثرت جهودها واستنزفت ثرواتها؛ كي لا تَصُبَّ في اتّجاه العدوّ الحقيقي للأمة وتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com