من وحي غزة
نادر عبدالله الجرموزي
لا يزال المسلسل الإجرامي الصهيوني الدموي في تتابع وتصاعد متلاحق للعدو المهزوم الذي يسعى حثيثاً من خلال مواصلته وإذعانه في مذابحه الشعواء؛ أن يلقى ماء وجهٍ؛ ليرسم من خلاله لوحة نصرٍ أَو ينسج من خيوطه ستاراً يواري سوءة فشله وهزيمته المذلة، متخذاً دماءَ الأطفال والمواطنين حبراً لذَلك.
لقد لقي العدوّ الأحمق ويلاقي صوراً عديدةً ومختلفةً من الهزائم والذل والخزي على طول الفترة لما يقارب الـ23 يوماً وليلة داميةٍ، مستخدماً كُـلّ أنواع الوسائل، الخطط، الاستراتيجيات، والتكتيكات المهزومة، مستبيحاً ومتجاوزاً كُـلّ الحدود الإنسانية والقوانين الدولية الغائبة وأخلاقيات الحرب، فكيف لنا أن نذكر كلمة “أخلاقيات” إننا نواجه عدواً لا يذكر في قاموسه سوى مفردات الجبن والغدر والخيانة1
ما زالت غزةُ الصمود تلقِّنُ الحمقى دروساً قاهرةً أشدُ إيلاماً في كُـلّ لحظة.
ما زالت غزةَ الإباء تردّد صفعاتها على أوجه المستكبر في كُـلّ ثانية من زمن المعركة والمواجهة.
ما زالت غزةَ العنفوان تغرق العدوّ في عمقها وتتيه به في جنباتها وترمي به مذعوراً، منكسراً، صاغراً، ذليلاً..
بينما نرى العدوّ المتخبط مفرغاً غضبه ووحشيته، ساكباً هزيمته قنابل محرمةً وصواريخ حارقةً تحرق أجساد الأطفال والنساء وتهدم المساكن وتنسف المشافي والأحياء، نرى رجالنا الأحرار يكبدون العدوّ، يثأرون ويذيقونه أصناف العذاب، يسحقون ويطحنون آلياتهم وقواهم بقوة الله، يجهزون على مواقعهم وينتزعون أرواحهم، ويرمونهم ككلاب ضالة.
يحاول عبثاً أن يرمم صورته الهزيلة المشروخة، يحاول أن يكون بتلك الخطوة الثابتة بديلاً عن خطوته العرجاء الذي بدت من أول وهلةٍ من إقحامه ومواجهته وما إن رسا بقدميه على خط الانتحار.
لقد حاول العدوّ ويحاول خاسراً أن يحقّق معادلة الخنق وحبس الأنفاس، تمثل ذلك في قطع جميع شرايين الحياة (قطع الغذاء والدواء والماء والمساعدات الإغاثية الطبية وسمم الأجواء والهواء) وقطع الاتصال والتواصل حاول أن تكن غزة في معزلٍ عن العالم، هنا في قطع الأخيرة أخذها ليواري هزائمه وفضائحه الحرجة -لكي لا يرى العالم جيف جنوده وقطع معداته متفجرة ملتهبة متطايرة كالعهن المنفوش- لا أن يوظفها في مآرب عملياتية عسكرية بحسب ادِّعاءاته، تمهيداً لاجتياح غزة أَو حشد وتجييش قواه لكسر قوى المقاومة.
ها هي إسرائيل المدللة تغرق وتغرق ربيبتها الكبرى (أمريكا) ويغرقُ معها أتباعُها، ما هي إلا رأس حربةٍ لفريق الكفر.. نعم، وقد هلكت وهزمت وهزموا جميعاً على أرض غزة..
مهما حاولوا ابتلاع صدماتهم إلَّا أن هناك من الصدمات ما صمدت حبيسةً عالقةً في نحورهم، ولا تزال تريهم سكرات الموت.
وما يعد لقادمها أعظم وأشد، (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا).