أبعادُ توسُّع “طوفان الأقصى”.. رسائل استراتيجية
شهاب الرميمة
الكيان الإسرائيلي بطموحه الذي عمل عليه طوال الأعوام الفائتة، ودأب على تحقيق أهدافه من إماتة روح القضية الفلسطينية من وجدان الشعوب العربية، التي لزمت كُـلّ عربي منذ طفولته وتربى عليها كُـلّ الأجيال منذ نعومة أظافرهم.
وما عمل عليه العدوّ من إخماد لروح المقاومة والانتفاضة الشعبيّة ضد المشروع الإسرائيلي، عن طريق إشغال الشعوب بقضايا ثانوية حرص عليها العدوّ، من إشعال للصراعات الداخلية بين أبناء الأُمَّــة.
وتوجيه بُوصلة العداء نحو بعضهم، والسعي إلى طمس الهُــوِيَّة الإيمانية وإحلال ثقافة الانحطاط الأخلاقي، كان بمنزلة حلم للكيان لتقبل التطبيع، والتماشي معهم من أبناء الشعوب كما تقبله بعض الأنظمة العربية، وترويجها لبعض الأنظمة الأُخرى، التي وسعت نشاطها بالعمل؛ مِن أجلِ التطبيع العملي.
هنا كان للطوفان أثره وانتصار الشعوب قيمته أنه أسقط كُـلّ هذه المشاريع، وحطم آمال الكيان وأعادهم ألف خطوة للوراء، تمثل في الرفض الشعبي في المنطقة العربية، وتضامنه بكل عنفوان مع فلسطين وغزة بشكل خاص، ومباركتهم لعملية “طُوفان الأقصى” من الاستنكار والشجب والخروج بمظاهرات ومسيرات تضامنية مع غزة، وَاستعدادهم للجهاد في فلسطين.
وصلت الرسالة بشكل واضح أن فلسطين قلب العرب النابض، هذا بحد ذاته تغيير مهم وانتصار أكبر.
كان للأحداث والمتغيرات صورة مغايرة من التهديد الأمريكي لمحور المقاومة باستهدافه فيما إذَا شارك في عملية “طُوفان الأقصى”، تمثل بالحضور الفعلي للأمريكي وإصدار الأوامر للكيان بارتكاب المجازر المروعة والبشعة بحق سكان غزة، والسعي بتهجيرهم من أرضهم بمزيد من الجرائم بكل وسائل الترهيب والتصريح للكيان الغاصب بالغزو البري لغزة وقتل أبناء المقاومة.
هنا برز حَدَثٌ أهمُّ قلب الطاولة على العدوّ الصهيوني وعلى حليفتها الكبرى أمريكا بأن غزة ليست وحدها، وأن المقاومة في غزة هي رأس حربة المحور في المنطقة، والمعركة واحدة والمصير مشترك والهدف واحد، وأن أمريكا وحضورها لحماية الكيان لن تكون بمنأى عن الضربات، ولا ما يحميها ويحمي حليفها الإسرائيلي وإفشال مخطّطاتها بالسيطرة على غزة والمنطقة العربية، وما من حام لقواعدها العسكرية وقطعهم البحرية “حاملات الطائرات والبوارج والفرقاطات العسكرية”.
المحور أوصل الرسالة باكراً بالمشاركة في جنوب لبنان أربكت العدوّ وخلطت أوراقه ما أجبره على سحب أكثر من نصف طاقته وقواته التي كانت صوب غزة؛ مِن أجلِ تعزز بها قواتها تخوفاً وتحسباً من توسيع حزب الله لنطاق المعركة، وهو الأكثر عدة وعتاداً والخصم التاريخي الأقوى والكابوس المرعب للكيان، وصاحب القول والفعل في الميدان واليد الطولى الموجعة للعدو، وحامي ظهر الأُمَّــة، الذي يعرف شدة بأسه العدوّ، وهذا ما أفشل الغزو البري لغزة وتراجع حدة التهديدات من الأمريكي أَيْـضاً في المنطقة.
كان لمحور المقاومة رأيهِ واستراتيجيتهِ الحكيمة من توسيع دائرة المعركة بشكل أكبر بممارسة التهديد العملي، والاستهداف المباشر للقواعد العسكرية الأمريكية وقطعها البحرية.
المشاركة العملية لأبناء المحور وإسناد المقاومة في غزة غيرت الواقع وحرفت المسار بالاتّجاه الصحيح، الذي تحتاج إليه الأُمَّــة العربية والإسلامية، ووصلت رسائله بشكل مباشر وواضح، بأن على أمريكا سحب قواعدها العسكرية وقطعها البحرية والمغادرة من المنطقة، فالطوفان بكل قوته وهيجانه يتجه صوبها لدفنها في قواعدها وجرفها وإغراقها في البحر للكيان الغاصب، إن ما بعد الطوفان ليس كما قبله.
ولا عودة للطوفان قبل أن يغسل ما دنسته أيديكم، ويطهر الأقصى ويسحقكم ويرمي بكم إلى مزبلة التاريخ تجرون أذيال الهزيمة وترحلون من الأرض المباركة وهذا الوعد الصادق، وتعود فلسطين كُـلّ فلسطين لأبنائها.
لكل أبناء الشعوب العربية وموقفهم الحر ومشاركتهم في نصرة القضية بكل الأساليب ومختلف الوسائل، بكم ومعكم سنصلي في القدس.
هذه المتغيرات والأحداث والرسائل التي ذكرناها كانت مصداقاً لما قاله السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي، لأبناء فلسطين: “بودنا ويعلم الله أننا نقاتل إلى جانبكم يداً بيد وكتفاً بكتف”، قول وحضور فعلي تجسد بقوله: “لستم وحدكم”.