غزة.. حربُ الإرادات الحديدية
دينا الرميمة
لم تكن كُـلّ تلك المشاهد الدامية وَالتدمير الكبير للبنية التحتية الواصلة للعالم من غزة وَالتي لأكثر من عشرين يوماً ترزح تحت وطأة الحقد الصهيوني كافية؛ لأن يتحَرّك المجتمع الدولي لاتِّخاذ قرار يضع حداً لتلك الجرائم التي يرتكبها الصهاينة، إنما على العكس فقد انضم لصف الجلاد، ينظر لما يحدث من وحشية بعين واحدة منتهجًا سياسةَ الكيل بمكيالين وَيسمى المسميات بغير أسمائها، فوصف ما تقوم به المقاومة الفلسطينية من دفاع عن شعبها بالإرهاب، بينما أطلق على ما يقوم به الكيان الصهيوني من مجازر اسم دفاع عن النفس! وَإلى جانب الدعم بالموقف شد البعض مئزره واحتزم للدعم العسكري ببارجاتهم وجنودهم وأنظمة دفاعهم!! وقد تناسى هؤلاء أن الشعب الفلسطيني يدافع عن أرضه التي يحتل الكيان الصهيوني معظمها، وبالتالي لا يمكن أن يكون الأخير مدافعاً وهو على أرض يحتلها ولا يملكها!!
هو تواطؤ غربي وَعربي شجّع الكيان الصهيوني على الاستمرار بارتكاب أبشع المجازر، وَبوحشية أطلق للموت عنانَه ليتربص بغزة وَمن فيها قصفاً بالطائرات وَجميع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً!! وجوعاً وعطشاً بالحصار، وَوجعاً على أرض تحرق وَأحبة يرحلون!!
مضى الكيان الصهيوني في هذه الحرب متذرعاً بأسراه الذين قيدهم الطوفان الفلسطيني في “السابع من أُكتوبر” الجاري، زاعماً أن القضاء على حماس وَالمقاومة الفلسطينية هو من سيفك قيودهم، إلَّا أن الحقيقة التي تظهر للعيان أنها لم تكن إلا حرباً جماعية على كُـلّ غزة، ضحاياها الأبرياء الذين بلغ عددهم أكثر من ثمانية آلاف شهيد معظمهم من الأطفال، وَبلا شك فَــإنَّ هذا العدد الكبير من الشهداء لم يكن إلَّا متعمداً من خلال الغارات التي تتكثّـف ليلاً على مدينة أغرقوها بالظلام؛ حتى يحول دون وصول فرق الإنقاذ للضحايا فيموت أكبر عدد منهم تحت الركام، أضف إلى استهداف المستشفيات تحت ذريعة استخدامها كغرف عمليات لحماس بينما هي ليست إلا الملاذ الأخير للكثير من المهجرين من منازلهم!!
كذلك الاستهداف المباشر للطواقم الطبية وعائلاتهم لثنيهم عن القيام بواجبهم الإنساني وبالتالي يموت الكثير من الجرحى بجراحهم النازفة!!
فشل كبير واجه إسرائيل وهي ترى صمود الشعب الفلسطيني وَمقاومته، ما جعلها تلجأ لمحاولة الاجتياح البري لقطاع غزة، وَالذي كَثيراً ما هدّدت به، وفعلاً بدأت بذلك الاجتياح المرفَق بمئات الغارات وَقطع الإنترنت للتغطية على جرائمها وَفشلها معاً، وَعلى إثر تلك المحاولة التي أطلقت عليها العديد من المسميات “كالعملية الجراحية” والتوغل السابق للاجتياح البري فقد واجهت الفشل الكبير بعد أن تلقفت كتائب المقاومة جيشها ومعداته بعمليات على تخوم القطاعات الشمالية وَالجنوبية والشرقية وألحقت به هزيمة مدوية!!
و أمام هذا الهزائم التي يتكبدها الصهاينة هم يحاولون رسم صورة بمخيلة العالم أنهم الضحية، وَهي صورة صدقتها أمريكا والخائفون منها وَشركاء نتنياهو من الغرب والعرب، الذين شكر دعمهم له، محذراً لهم أن المصير نفسه سيواجههم في حال انتصرت حماس!!
بينما مزق تلك الصورة الأمين العام للأمم المتحدة “غوتيرش” في شهادة حق قالها أمام مجلس الأمن بأن هجمات حماس وَطوفانه لم يأتِ من فراغ، بل ردة فعل شعب لستة وسبعين عاماً يتعرض للاختناق وَتلتهم المستوطنات أراضيه، ويقتلهم العنف وَالاقتصاد المخنوق، وَآخرين يشردون وَتهدم منازلهم وَآمالهم بالوصول إلى حَـلّ سياسي ينصف قضيتهم!! وَهذا أَيْـضاً ما آمنت به أخيراً الكثير من الشعوب الذين خرجوا في مسيرات كبرى تطالب زعمائها بإيقاف الدعم للكيان الصهيوني وتدعو لوقف الحرب على غزة!!
فما يحدث في فلسطين بشكل عام وَغزة بشكل خاص هي كما وصفها رئيس الجمهورية الإسلامية السيد “إبراهيم رئيسي” بحرب الإرادات سينتصر فيها الشعب الفلسطيني صاحب الإرادَة الحديدية.
و بالفعل فملامح النصر تلوح بالأفق معالمه الأولى، حدّدها أبو عبيدة بوقف النار وَفك الحصار وتبييض كافة السجون من الأسرى الفلسطينيين مقابل الأسرى الصهاينة!!
شرط ما زالت الحكومة الصهيونية تترنح بالقبول به في ظل ضغط من قبل المستوطنين الذين باتوا يسمون هذه الحرب بحرب وجود؛ ما سيجعل النتن قريباً يرفع الراية البيضاء، بعد أن خسر كيانه الكثير من شعبيته وَهيبته، وَهي مقدمة لزواله ومحو اسمه من على أرض فلسطين العربية الهُــوِيَّة!