السيدُ نصر الله: انخرطنا في الحرب منذ بدايتها.. وكُلُّ الاحتمالات مفتوحةٌ والخيارات مطروحة
المسيرة | متابعات
اعتبر الأمينُ العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، أنه لن تكون هناك معركةٌ كاملةُ الشرعية من الناحية الإنسانية والأخلاقية والدينية كمعركة قتال الصهاينة، وأن هذه المعركةَ لا غُبارَ عليها على كُـلّ المستويات وهي من أوضح وأبين مصاديق القتال في سبيل الله.
وفي كلمته خلال الاحتفال التكريمي الذي ينظمه حزب الله للشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، رحّب سماحته بهذا الحضور الكبير والمهيب بالقول: “احتفال اعتزازنا وافتخارنا بالشهداء كُـلّ الشهداء الذين اجتمعنا اليوم في حفل تجديد البيعة لدمائهم”.
عن معركة “طوفان الأقصى”:
الأمين العام لحزب الله لفت إلى أنه “معروف لكم وللعالم معاناة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاماً، لكن أوضاع السنوات الأخيرة في فلسطين كانت قاسية جِـدًّا وخُصُوصاً مع هذه الحكومة الحمقاء والغبيّة والمتوحشة، وهذه الحكومة المتطرفة قامت بالتشديد على الأسرى مما جعل الوضع الإنساني سيئ جدًّا”.
وتابع، “قرابةَ العشرين عاماً هناك أكثر من مليونَي إنسان يعيشون في غزةَ في ظروف معيشية صعبة دون أن يحرّك أحد ساكنًا، وكانت سياسة العدوّ تزداد صلافة وطغيانًا وقهرًا؛ فلذلك كان لا بد من حدث كبير يهزّ الكيان الغاصب المستعلي وداعميه المستكبرين وخُصُوصاً في واشنطن ولندن”.
ولفت السيد نصر الله إلى أن “عملية طوفان الأقصى العظيمة والمباركة كان قرارها وتنفيذها فلسطينيًّا مئة بالمئة، وأخفاها أصحابها عن الجميع حتى عن فصائل المقاومة في غزة، وأن سرّية العملية المطلقة هي التي ضمنت نجاحها الباهر من خلال عامل المفاجأة”.
وَأَضَـافَ، “معركة طوفان الأقصى وعدم علم أحد بها يثبت أن هذه المعركة فلسطينية بالكامل؛ مِن أجل شعب فلسطين وقضاياه وليس لها علاقة بأي مِلف إقليمي ودولي”، كما شدّد على أن “ما حصل في طوفان الأقصى يؤكّـدُ أن إيران لا تمارسُ أية وصاية على الإطلاق على فصائل المقاومة، وأن أصحابَ القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة ومجاهدوها”.
المعركةُ أثبتت أن “إسرائيلَ” بحق أوهنُ من بيت العنكبوت:
سماحته لفت إلى أن “العمل الكبير والعظيم في طوفان الأقصى أَدَّى إلى حدوث زلزال على مستوى الكيان الصهيوني أمني وسياسي ونفسي ومعنوي، وكانت له تداعيات وجودية واستراتيجية وستترك آثارها على حاضر ومستقبل هذا الكيان”، مُشيراً إلى أنه “مهما فعلت حكومة العدوّ خلال الشهر الذي مضى وخلال الأسابيع المقبلة فلن تستطيع على الإطلاق أن تغير من آثار طوفان الأقصى الاستراتيجية على هذا الكيان”.
كما رأى أن عملية طوفان الأقصى كشفت عن الوهن والضعف في الكيان وأنه بحق أوهن من بيت العنكبوت، وتابع، “سارعت الإدارة الأمريكية برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز ويتزلزل؛ مِن أجل أن يستعيد بعض وعيه ويقف على قدميه من جديد، وهو لم يتمكّن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة”، معتبرًا أن هذه السرعة الأمريكية لاحتضان “إسرائيل” ومساندتها كشف وهن وضعف هذا الكيان.
وتابع “أن يأتيَ الجنرالاتُ الأميركيون إلى الكيان وفتح المخازن الأميركية للجيش الإسرائيلي وطلب “إسرائيل” من اليوم الأول 10 مليارات دولار، فهل هذه دولة قوية وتملك قدرة الوقوف على قدميها؟”.
ونوّه إلى أنه كان واضحًا من الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى أن العدوّ كان تائهًا وضائعًا، وأنه “أمام غزة والحادث المهول الذي تعرّض له العدوّ يبدو أن حكومات العدوّ لا تستفيد من تجاربها على الإطلاق”.
ما يجري في غزة يكشفُ غباءَ وحماقةَ العدو:
السيد نصر الله أشار إلى أن ما يجري اليوم جرى في السابق في لبنان عام 2006م، وفي حروبٍ متكرّرة في غزة مع فارق كَمِّي ونوعي، ولكن من نفس الطبيعة، وأن من أهم الأخطاء التي ارتكبها “الإسرائيليون” ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحقّقوها أَو يصلوا إليها.
وَأَضَـافَ، “العدوّ “الإسرائيلي” لن يتمكّن على الإطلاق من تحرير أسراه بدون عمليات تبادل، والعدوّ “الإسرائيلي” أجبر على التوقف في حرب تموز والتنازل عن سقف أهدافه”، وتابع “قرابة شهر كامل منذ عدوانه على غزة لم يستطع العدوّ “الإسرائيلي” أن يقدم إنجازا واحدًا”.
وأشَارَ سماحته إلى أنه في عام 2006م، وضعوا هدفًا يتمثل بسحق المقاومة في لبنان واستعادة الأسيرين من دون تفاوض وتبادل، ولمدة 33 يوماً لم يحقّقوا أهدافهم، واليوم في غزة الوضع نفسه لكن مع حجم الجرائم والمجازر.
أمريكا مسؤولةٌ مباشرةً عن كُـلّ القتل في غزة:
ولفت سماحته إلى أن “المشاهد الآتية كُـلّ يوم وساعة من غزة، مشاهد الرجال والنساء والأطفال الخارجين من تحت الأنقاض الصارخين لنصرة المقاومة، تقول للعدو بأنك لن تستطيع من خلال القتل والمجازر أن تصل إلى أية نتيجة”.
وأكّـد نصر الله أن “شهداء غزة وأطفالها والنساء اليوم يكشفون كُـلّ هذه الأقنعة الكاذبة التي ساهمت وسائل إعلام عالمية ودولية للتغطية عن هذا الكيان، وما يحصل في غزة يكشف المسؤولية الأمريكية المباشرة عن كُـلّ هذا القتل والنفاق الأمريكي”.
وشدّد على أن “ما يجري في غزة يعكسُ الطبيعةَ المتوحِّشة والهمجية للكيان الغاصب الذي زرعوه في منطقتنا”، وأن “مشاهد المجازر الآتية من قطاع غزة تقول لهؤلاء الصهاينة إن نهاية المعركة ستكون انتصارَ غزة وهزيمة العدو”.
ولفت إلى أن “أمريكا هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة و”إسرائيل” هي أدَاة، فأمريكا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف إطلاق النار، والأمريكي هو الذي يدير الحرب في غزة، لذلك أتى قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة قواعد الاحتلال الأمريكية في العراق وسوريا، وهو قرار حكيم وشجاع”.
ورأى أن “واجبَ كُـلّ حرّ وشريف في هذا العالم أن يبيّن هذه الحقائق التي تحدثنا عنها في معركة الرأي العام والرأي العام العالمي بدأ ينقلب على هؤلاء الطغاة المجرمين الذين يقتلون الأطفال والنساء والرأي العام العالمي يرى ذلك.. ويجب أن يتحمل الكل مسؤوليته”.
انتصارٌ غزة انتصارٌ للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة:
السيد نصرالله أكّـد أن ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها وهذا ما يحتم على الجميع تحمل المسؤولية، منوِّهًا إلى أن “هناك هدفَينِ يجب العمل عليهما، هما: وقف العدوان على غزة، والهدف الثاني أن تنتصرَ حماس في غزة”.
كما أكّـد أن “انتصارَ غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخُصُوصاً دول الجوار”، كما أن “انتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية وأولًا وقبل كُـلّ الدول هو مصلحة وطنية لبنانية”.
وأكّـد سماحته أن “المسؤوليةَ على الجميع في كُـلّ العالم، وعلى الدول العربية والإسلامية أن تعمل على وقف العدوان على غزة”، مُشيراً إلى أن “البيانات والتنديدات لا تكفي وفي الوقت نفسه يتم إرسالُ النفط والغذاء إلى إسرائيل”، لافتاً إلى أن “على الحكومات العربية والإسلامية العملَ؛ مِن أجل وقف إطلاق النار وقطع العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل”.
وتابع سماحته “عليكم العملَ؛ مِن أجل وقف العدوان على غزة ولا يكفي التنديد، بل اقطعوا العلاقات واسحبوا السفراء.. للأسف كان الخطاب في السابق اقطعوا النفط عن أميركا واليوم نطلب بوقف التصدير إلى إسرائيل”، متسائلًا “أليس فيكم بعض القوة حتى تفتحوا معبر رفح؟”.
وأشَارَ إلى أنه “بالرغمِ من كُـلِّ التهديدات قام الشعب اليمني بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيّراته حتى لو أسقطوها، لكن في نهايةِ المطاف ستصلُ هذه الصواريخ والمسيّرات إلى إيلات وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية في جنوب فلسطين”.
في لبنان دخلنا المعركة منذ 8 أُكتوبر:
قال السيد نصرالله: “لقد دخلنا معركة “طوفان الأقصى” منذ 8 أُكتوبر، مُضيفاً “أخذنا علمًا بعملية “طوفان الأقصى” كما كُـلّ العالم، وسريعًا انتقلنا من مرحلة إلى مرحلة”، ولفت إلى أن “ما يجري على جبهتنا مهم ومؤثر جِـدًّا وهو غير مسبوق في تاريخ الكيان، ولن يتم الاكتفاء بما يجري على جبهتنا على كُـلّ حال”.
وَأَضَـافَ “المقاومة الإسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلَّا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية وهي معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها وإجراءاتها واستهدافاتها”.
كما لفت إلى أن “الجبهة اللبنانية خففت جزءًا كَبيراً من القوات التي كانت ستسخر للهجوم على غزة وأخذتها باتّجاهنا”، مُضيفاً “لو كان موقفنا التضامن سياسيًّا والتظاهر لَكان الإسرائيلي مرتاحًا عند الحدود الشمالية وكانت قواته ستذهب إلى غزة”.
للأمريكيين: أساطيلُكم التي تهدّدون بها لقد أعددنا لها عُدَّتَها أيضًا:
وتوجّـه للأمريكيين بالقول: “أساطيلُكم في البحر المتوسط لا تخيفنا ولن تخيفنا في يوم من الأيّام، وأقول لكم: إن أساطيلكم التي تهدّدون بها لقد أعددنا لها عدتها أيضًا”، وَأَضَـافَ “الذين هزموكم في بداية الثمانينيات ما زالوا على قيد الحياة ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم”.
وتابع “من يريد منعَ قيام حرب أمريكية يجب أن يسارع إلى وقف العدوان على غزة، وَإذَا حصلت الحرب في المنطقة فلا أساطيلكم تنفعُ ولا القتال من الجو ينفع”، وَأَضَـافَ متوجّـهًا للأميركيين “في حال أية حرب إقليمية ستكون مصالحكم وجنودكم الضحية والخاسر الأكبر”.
وختم السيد نصرالله، بالقول: “غزة ستنتصر وفلسطين ستنتصر وسنلتقي قريبًا للاحتفال بذلك”.