قراءاتُهم الخاطئةُ تحرجُهم
محمد جلاس
تلك هي عاداتهم التي اعتادوا عليها ولن تغيِّرَهم الأحداثُ ولا الشواهدُ، نفسياتٌ متذبذبةٌ وقلوبٌ تغشاها الغفلةُ ويعلُّها داءُ النفاق، هكذا هو حالُ من عهدنا تخرُّصات أفواههم عن قول الحق وانفتاحها لبثِّ الأكاذيب والادِّعاءات والشائعاتِ، بما يخدُمُ أسيادَهم من أهل الباطل في كُـلّ المراحل السابقة.
فمنذ أن شعشع صباحُ عملية “طُوفان الأقصى” المباركة، اتجه أُولئك المتخبطون (كعادتهم) إلى معاتبة قادة محور المقاومة بصورة عامة وأنصار الله بصورة خَاصَّة، على عدم مشاركتهم المباشرة ضمن العملية العسكرية؛ وَلِأَنَّهم يوقنون داخل أنفسهم أن القضية الفلسطينية لم تعد حيّةً إلا في دول المحور، اتجهوا نحوَهم.
فاستمرت أبواقُهم بالحديث وأياديهم بالكتابة بحسب ما يُوكَل إليهم من أسيادهم المدرجون ضمن السلسة الممتدة إلى شيطانهم الأكبر.
توالت الأحداث بصورة سريعة وانطلقت صواريخُ ومسيَّرات من اليمن صوب الأراضي المحتلّة، ولكنهم تعنتوا على تصديق ذلك، إلى أن صرَّحَ شيطانهم الأكبر بنفسه (البنتاغون) باعتراض المدمّـرة الأمريكية المتواجدة في البحر الأحمر لعددٍ من الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة اتجهت من اليمن صوب الأراضي المحتلّة، فاحمرَّت وجوهُ أُولئك المطبِّلين والعملاء، ولكن كان لا بُـدَّ لهم من تبرير مواقفهم الأولية والمغايرة لما ادّعوا به؛ ولأنه لم تكن قد أتت تصريحات رسمية من الجانب اليمني، اعتبروا تصريحَ البنتاغون مُجَـرّدَ حُجّـة لها؛ لنشر عددٍ أكبر من القواعد الأمريكية في المنطقة.
وبعد أن أتى بيانُ المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، وأعلن عن إطلاق عدد كبير من الصواريخ الباليستية والمجنَّحة والطائرات المسيَّرة باتّجاه الأراضي المحتلّة، هنا نال أُولئك المطبِّلين وصمةُ عار ثالثة، وكان هناك منهم مَن أشاد بالعملية العسكرية اليمنية في تغريداتٍ على منصة “X”، ولكن تغريداتهم سرعان ما حُذفت؛ لأَنَّهم أنهم يتلقون التوجيهات من جهاتهم العُليا المعروفة.
فبالأمس كان المشركون يطالبون الأنبياءَ بمعجزاتٍ وبراهينَ، ولا يطالبون أصنامَهم بتقديم أي شيء، وإنما يعبدونها تعنُّتاً، واليوم يطالبون قادة المحور بتوجيه الضربات صوبَ الأراضي المحتلّة، ولا يطالبون أسيادَهم من حُكَّامِ العرب المطبعين والمتخاذلين حتى بقطع العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل”.
ولكن لا يمكنُهم الهروبُ والتستُّرُ عن الواقع المفروض عليهم؛ فعمليات أنصار الله مُستمرّة نحو الأراضي المحتلّة، وهم لن يتبقَّى لهم سوى خيارَينِ لا ثالث لهم: إمَّا الاعترافُ بمدى بسالة أنصار الله الذي شهد له العالَمُ أجمع، أَو بالاستمرار في خطئهم الذي هم عليه؛ شرط أن يستعدوا لتلقّي المزيد من الصفعات القادمة نتاجَ مواقفهم المخزية، ولكن الأفضل أن يمتثلوا لقول الإمام علي -عليه السلام-: “ليس العيبُ أن تُخطِئَ، العيبُ هو تكرارُ الخطأ”.