في زمنِ الشجب والتنديد يظهرُ أهلُ المواقف
ياسين العسكري
في زمان اللا موقف، اللا مسؤولية، اللا مبالاة، اللا اهتمام بالواقع والأحداث والمتغيرات، في واقعٍ أصبح فيه معظم المسلمين بلا إسلام، وعرب بلا عروبة، يرون دماء أبناء فلسطين وغزة تسفك بدمٍ بارد، وأشلاء أطفالهم تنتشل من بين ركم القصف الصهيوني المدعوم والمبرّر له من منافقي العرب وكفار الغرب، ومع كُـلّ ذلك لا تزال الحالة السائدة هي الصمت أَو التنديد والشجب لما يعمله العدوّ الصهيوني من مجازر يومية بحق أطفال ونساء غزة.
في واقعٍ كهذا كان لا بُـدَّ في علم الله وحكمته في تدبير شؤون مملكته وعباده أن تجري سننه وأحكامه في أرضه، من هذه السنن التي تجسدت في هذا الواقع هي (سُنة الاستبدال) ففي أوساط السائد فيهم هو الخذلان والتنصل عن نصرة القضية الفلسطينية يبزر الشعب اليمني هو البديل الذي آتى به الله ليحمل هذه المسؤولية والشرف العظيم في مناصرة القضية الفلسطينية وكلّ مظلوميات الأُمَّــة على أَسَاس من الإيمان الصادق والاتِّباع والارتباط الوثيق بالقرآن الكريم والجذور الممتدة في الولاء لله ولرسوله وأهل البيت.
فما العمليات التي قامت بها القوات المسلحة اليمنية على كيان الاحتلال إلا تجلٍّ لمصاديق الوعود والأقوال بالأفعال، فلم يكتفِ الشعب اليمني بالمظاهرات والتنديد الذي عجز عنه الكثير من أبناء الأُمَّــة، بل حضر بكل ما يستطيع من منطلق الإيمان الصادق والاعتصام بحبل الله جميعاً الذي يجمعنا بكل الأحرار في هذه الأُمَّــة، متجاوزاً كُـلّ الحدود والعوائق والعقبات في مناصرة الشعب الفلسطيني والانتصار لمظلوميته الكبرى.
فما يجب على الأُمَّــة إلا أن تعيد النظرَ في وضعيتها وأن تعمل على تصحيحها وأن تحذوا حذو أبناء الشعب اليمني ففيهم القُدوة والأسوة الحسنة في تقديم الشهادة على عظمة ما يصنعه الله لأوليائه إذَا عادوا إليه واستقاموا على أَسَاس كتابه القرآن الكريم كما عمل الشعب اليمني في عودته الصادقة إلى الله وإلى كتابه، كما قال قائد المسيرة ومؤسّسها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-: (القرآن الكريم كله قوة، كله عزة، كله شرف، كله رؤى صحيحة وحلول صحيحة تعطي كُـلّ من يسيرون على نهجه أن يكونوا بمستوى أن يضربوا أعداء الله كيفما كانوا وكيفما كانت قوتهم)، فهذه هي الثقافة التي جعلت أحرار اليمن هم من يتصدرون العالم بأسره في مناصرة المظلومين ومواجهة الظالمين.
فالحق والحق نقول: إن اليمنَ -قيادةً وشعبًا- هم القوم الموعودون فقد تجسدت فيهم كُـلّ الصفات التي ذكرها الله في القرآن الكريم عن القوم الذين سيأتي بهم الله للدفاع عن دينه والمستضعفين في أرضه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).