اليومَ الفلسطينيون.. وغداً شعوبٌ أُخرى
غازي منير
لا يخفى على أحدٍ ما يمارسُه الاحتلالُ الصهيوني من إجرامٍ ووحشية بحق الأطفال والمواطنين الفلسطينيين، وبتغطية سياسية أمريكية ودولية، فلا مجلس أمن ولا أمم متحدة ولا منظمة تعاون إسلامي أَو عربي، ولا أيٌّ ممن يتغنَّى بالإنسانية وحقوقها استطاع أن يضعَ حدّاً لجرائم الاحتلال في غزة الصمود والتضحية.
ما يريدُه الاحتلالُ من خلال تكثيف غاراته وما يهدف إليه هو تهجيرُ الفلسطينيين إلى مصر والأردن لتخلوَ له أرضُ فلسطين العربية كاملةً؛ ليسرحَ ويمرحَ فيها دون أن تعيقَه فيها أيةُ مقاومة، وبعدها لن يرضى بما حصل عليه وسيتمدَّدُ ويتفرَّعُ ظُلمُه وإجرامه وسيزيد طمعُه في توسيع نفوذه وسيطرته إلى دول عربية مجاورة وهي مصر والأردن وسوريا ولبنان.
وهنا نجدُ الأهميّة البالغة لجيوش وشعوب هذه الدول سابقة الذكر في أن تتحَرّك لنُصرة ومساندة الشعب الفلسطيني المظلوم عاجلاً، طالما وهو باقٍ في أجزاء من وطنه يقاوم ويصبر ويتحمل، الآن الفرصةُ متاحةٌ للشعوب العربية أن تنصُرَ القضية الفلسطينية، ولكن إذَا قرّروا التخليَ عنها فَــإنَّ العواقبَ ستكونُ وخيمةً جِـدًّا ليس على الفلسطينيين فحسب، بل وعلى الدول العربية المجاورة أَيْـضاً بلا شك.
الاحتلالُ الإسرائيلي لا يقتُلُ أهلَ غزة وفلسطين؛ لأَنَّهم فلسطينيون فالفلسطينيون لم يحتلوا أرضه أَو يعتدوا عليه وإنما هو من يحتل أرضهم وَيقتلهم؛ لأَنَّهم عربٌ ومسلمون، وهاتان ميزتان في كُـلّ الدول العربية؛ ما سيجعلها هدفاً مؤكّـداً ومباشراً في ما إذَا تمكّن الاحتلال من تهجير الفلسطينيين.
وطالما أن الاحتلال الإسرائيلي هو عدو للإسلام والمسلمين وللإنسان الحر والإنسانية، التي هو متجرد منها تماماً ومن الأخلاق والقوانين والحرمات، فما علينا إلا التحَرّك بوتيرة عالية من الهمة والعزيمة والإصرار والإرادَة في أن ننتصر لإخواننا في الإسلام والعروبة ونظرائنا في الإنسانية ولمقدساتنا الإسلامية ولأرضنا العربية، قبل أن نقول كما قيل في القصة الشهيرة “أُكلتُ يومَ أُكِلَ الثورُ الأبيض”.
ونحن كشعوب عربية لدينا ثقافةٌ وقيمٌ ومبادئُ كفيلة بأن تؤهلنا لنحملَ روحَ العداء والمواجهة لهذا الكيان الصهيوني الغاصب، ولدينا وعودٌ إلهية بأننا سننتصرُ عليه؛ شريطة أن نكون أُمَّـةً واحدةً، معتصمةً بحبل الله، ومن أصدق من الله قيلاً.
وليس هناك جهاز استخباراتي في العالم بأسره يكشف لنا حقائقَ مؤكَّـدةً بروحية العدوّ اليهودي أنها ضعيفة، وأن بأسَهم بينهم شديد، وأنهم أوهنُ من بيت العنكبوت، وأن الذِّلةَ قد ضُربت عليهم والمسكنة، وأننا سننتصر عليهم لا محالةَ، كما كشف لنا اللهُ -سبحانه وتعالى-، هذه الحقائق المؤكّـدة التي ستحقّق لنا مع أخذنا بالأسباب وبعملنا وصبرنا وتضحياتنا.
ولنا في المقاومة اللبنانية “حزب الله” نموذج ناجح وحي؛ فما قبل العام 2000 كانت أجزاءٌ واسعةٌ من لبنانَ محتلّةً من قبل هذا الكيان الصهيوني، ولكن المقاومة هناك توكلت على الله، واتخذت قراراً حاسماً بمواجهة لهذا الكيان حتى يتم تحرير أرضهم مهما بلغت التضحيات، وعملت بعزيمة وإصرار، وتحقّق لها هدفُها وحرّرت أرضُها، ولو أن كُـلَّ الشعوب العربية توحدت واعتبرت الأرضَ الفلسطينية جُزْءًا من أرض وطنها، وعملت ما عملته المقاومةُ اللبنانية لتحرّرت أرضُ فلسطين وعاش العربُ أحرارَا أعزاءً بعزة الله ورسوله والمؤمنين.