رسالةٌ إلى قمة الرياض

 

فايز البتول

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..

بلا تحية وبلا تقدير.. وبعد:

لا شك ولا ريب أنكم سمعتم وقرأتم وشاهدتم ما يحدُثُ لبلد عربي مسلم، ولشعبٍ عربي مسلم، من حصار وتجويع، ومنع وصول الغذاء والدواء، وقصف همجي بربري، وقطع لخدمات المياه والكهرباء والاتصالات، واستهداف للبنى التحتية من مستشفيات ومساجد وكنائس، ومنازل، مجازر وإبادة جماعية على مدار الساعة وعلى مرأي ومسمع من الجميع؟

أسألكم بالله، أما أثرت فيكم صور أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ التي يتم انتشالها من تحت ركام المنازل المدمّـرة نتيجة القصف اليومي من الجو ومن البر ومن البحر والذين تجاوز عددهم 35 ألفًا بين شهيد وجريح ومفقود، يقصفون بدم بارد وبقنابل محرمة دوليًّا.

دمار وجرائم وحشية وإبادة جماعية، يرافقها وصمت وخذلان لم يشهد له العالم مثيلا؟

أما حرّك ضمائرَكم بكاءُ الأطفال ونياحُ الثكالى، وصرخاتُ الشيوخ من فقدوا بيوتهم، وفقدوا أحبتهم، وفقدوا أعضاء من أجسامهم نتيجة العدوان الهمجي من قبل أحفاد القردة والخنازير؟

أما خجلتم وأنتم ترون تكالبَ أئمة الكفر وقادته من الأمريكان والأُورُوبيين وسفرهم إلى فلسطين المحتلّة ولقاءهم بالنتن ياهو وكأنهم كلابٌ وديعة أمامه، تأتمرُ بأمره، وتخطب ودّه وكلهم يتسابقون لتقديم الولاء والدعم اللامحدود لليهود المعتدين، بل ويدينون الضحية ويصفونهم بالإرهابيين.، ومع هذا تستقبلونهم وتهشون وتبشون في وجوههم وكأنهم حمائمُ سلامٍ لا مجرمي حرب وسفاكي دماء؟!

أما تأثرتم من المظاهرات التي تخرج يوميًّا بالملايين في كُـلّ عواصم العالم تقريبًا، ومنها شعوبكم للتعبير عن غضبهم وتنديدهم وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني ومقاومته ومجاهديه، رغم تهديداتكم وَقمعكم لهم. إلا أنهم أرادوا إيصال رسالة لكم مفادها أنهم مستغربون من صمتكم، ساخطون من انبطاحكم، مستاؤون من مواقفكم، رافضون لخنوعكم؟

ألم تتأثروا بمواقف رؤساء بعض الدول من غير العرب خَاصَّة دول أمريكا اللاتينية الذين عبروا عن رفضهم للإجرام اليهودي وَدعمهم للشعب الفلسطيني في حقه في الدفاع عن نفسه، بل وصل بهم الأمر إلى طرد السفراء الإسرائيليين لديهم رغم أنه لا تربطهم بشعب فلسطين لا عروبة ولادين، ولا لغة. لكنهم يمتلكون مقومات تفتقدونه أنتم، يمتلكون حرية القرار والرجولة والأخلاق والإنسانية التي دعتهم لتبني هكذا مواقف؟؟

أُف لكم ولاجتماعاتكم ولقممكم، وسخفاً لكم ولمواقفكم المُخزية والمُذّلة. رائحة عمالتكم وخيانتكم أزكمت أنوفنا، وأثارت اشمئزازنا، وَصدّعت رؤوسنا.

في قمتكم التي عُقدت في الرياض رغم الزخم الإعلامي، والحضور الكبير لقادة وممثلي 75 دولة عربية وإسلامية، والإنفاق الكبير عليها فما صرُفت فيها من أموال كانت ستكفي لتأمين الغذاء والدوء لسكان غزة المنكوبة.

(سكتم دهرا، ونطقتم كفرا) جاء بيانُكم الختامي و-كالعادة – مُجَـرّد ((تنديد وشجب ومطالبات)) مخيبا لآمال شعوبكم، فاضحا عمالتكم، موضحًا ضعفكم وخوَركم.

كنا نأمل منكم تسجيلَ موقفٍ يحفظُ لكم ماء وجوهِكم، ويسّجله لكم التاريخ،

المضحكُ في البيان جملة (نطالب مجلس الأمن) وكأن هؤلاء المجتمعون من كوكب آخر، لا يعرفون أن مجلس الأمن يسيطر على قرارته أمريكا وبريطانيا وفرنسا، من يستخدمون حق الفيتو، من يعارضون كُـلّ قرارٍ يدين إسرائيل، من تلطخت أياديهم القذرة بدماءِ أطفال ونساء غزّة العِّزة.

توقعنا منكم قرارات مصيرية تتمثل في طرد سفراء دولة الاحتلال، وإنهاء التطبيع، وَاستخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية والسياسية لدولة الاحتلال بل ولكل دولة تقف معها وتدعمها، لكن صدق من قال (الطبع غلب التطبع) فهكذا أنتم، وهكذا مواقفكم عرفناها وخبرناها عنكم من أكثر من 75 عاماً..

أنصحكم أن تقدموا استقالاتكم فهذا أشرف لكم أمام بارئكم وَشعوبكم وأصدق لنواياكم ما دمتم عاجزين عن تحمل مسؤولياتكم وَتبييض صفحتكم

ما لم فَــإنَّ لعنات شعوبكم وآهات وأنين أطفال ونساء فلسطين ستطاردكم، وسيتخلى أسيادكم عنكم كما تخلوا عمن قبلكم..

أختم رسالتي إليكم بهذه الكلمات الصادقة التي كتبها ابنُ غزّة الشهيد الطبيب/ باسل مهدي كتبها قبل استشهاده وهو يؤدي واجبه في مستشفى مهدي غرب غزة كتبها بلهجته الفلسطينية مخاطبا إياكم وَأمثالكم ((ما فيه حدا بيموت ناقص عُمر، بس فيه ناس راح تموت ناقصة كرامة، وناقصة إنسانية، وناقصة مبدأ، خبتم وخابت عروبتكم، ولا حياكم الله ولا سامحكم)).

(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إلى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) صدق الله العظيم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com