ما بعدَ المَسيرات إلا المُسيَّرات

 

خديجة المرّي

عدوانٌ مُتواصل، وحصارٌ خانق، وجرحٌ نازف، ولكنها إرادَة وعزم شعب يأبى الذل والانكسار، تحدى قِوى الاستكبار، وخرج مُلبيًا لغزة الانتصار، مسيراتٌ ثائرة، وشعاراتٌ مُدوية، وغضبٌ شعبيِ عالمي، يليه ضربٌ بالمُسيَّرات، مُتجاوزاً لكل المسافات، مُقتحمًا العقبات، مُحقّقاً لِكل الأهداف والمُنجزات، يهدُّ ويُزلزل عُروش الصهاينة والطُغاة.

منذُ بداية معركة “طُوفان الأقصى” التي هزت وأرعبت الكيان الصهيوني المحتلّ الغاصب، وما زالت مُستمرّة حتى الآن، كان الشعب اليمني العظيم هو من أكثر شعوب المنطقة تضامنًا مع «القضية الفلسطينية» فقد خرج في كُـلّ الساحات والميادين رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً، مُعلنًا تضامنه الصادق، ووقوفه المُشرف والعظيم، حَيثُ خرج الشعب بأكمله في مسيرات حاشدة يُعلن مصداقيته وتضامنه، ودعمه وإسناده، كما أكّـد ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك -حفظه الله- سابقًا في إعلانه التاريخي خلال الأيّام الأولى للمعركة، وهو يُعلن تضامن شعبنا العزيز، مُحذراً بني صهيون من التمادي في العنجهية واستمرار العدوان على قطاع غزة.

استمر الزخم اليمني الشعبي في جميع المُحافظات الحرة، واستمر تدفق السيول البشرية، لمناصرة القضية الفلسطينية، ودعمًا للصمود الفلسطينيّ، مُباركين لعمليات محور المقاومة والجهاد، مُردّدين هُتافات النفير والاستعداد، لأي خياراتٍ حاسمة أَو توجيهات تتخذها القيادة الثورية، مـُؤكّـدين على جاهزية التأهب والمٌشاركة في خوض معركة الجهاد المُقدس ضد عدوانٍ صهيوني مُتصهين على وجه الكرة الأرضية، مُؤكّـدين أَيْـضاً بأن المرحلة القادمة ستشهد تطورات كبيرة على أرقى مستوى، وأن ما بعد “طُوفان الأقصى” ليس كما قبله.

تواصلت المَسيرات، فأتت بعدها المفاجآت، بالصواريخ الباليسْتية والمُسيَّرات، إلى عمق دار الكيان الغاصب والغُزاة، فأصبحوا في خبر كان، بل وفي تخبط يُسيطر عليهم من كُـلّ اتّجاه، مخاطر أصابت إسرائيل، ومُحاولات عدائية فاشلة لم تحقّقها، وأثمان باهظة تكبدها جيش الكيان المحتلّ، ناهيك عن تعطيل منظوماتهم، وزرع الرعب في أوساطهم، وتخبطهم وفشلهم الذريع.

فما حدث في معركة “طُوفان الأقصى” لم تكن بشكلٍ عشوائي، بل إنها معركة أخذت الوقت الكافي، من الدراسة والتخطيط، من البحث والتحليل والاستمرار، من العزيمة والعنفوان، ولم تكن بالحُسبان لهذا الكيان، فما حقّقته من إنجازات فاقت كُـلّ التوقُعات، أصابت العدوّ الإسرائيلي بهزيمة لم يكن يتوقعها، إلى جانبه الدول المُطبعة التي أصبحت في موقفٍ محرج ومُخزٍ للغاية، وفاجأت العالم أجمع، فهي جاءت كردة فعل لتلك الانتهاكات الصهيونية التي تُرتكب في قطاع غزة على مدار عشرات المجازر والمئات.

فما بعد المَسيرات إلا المُسيَّرات، من يمن الإباء والثبات، ومن مُنطلق الواجب الديني والقيمي والأخلاقي، ومن منطلق الشعور بالمسؤولية دخلت اليمن في مُعادلة جديدة، وفي قلب “طُوفان الأقصى” كانت هي الحاضرة على الدوام، تضرب العمق الصهيوني وتُوصل رسائل مفادها بأن اليمن ما زال على خط الصراع، حتى يزول هذا الاحتلال، نهضت قواتنا المُسلحة بصمودٍ أُسطوري ونضال، مناصرةً لفلسطين، مُتصديةً لإسرائيل، وثار “طُوفان الأقصى”، والأمر جاءهم وفار التنور، يقطع عنهم الأكسجين، جاء وعد الآخرة يُزلزل عُروش الصهاينة.

واستطاع الشعب اليمني أن يُوصل صواريخه وطائراته المسيّرة إلى إيلات، لِتُتحول بعدها الويلات، وتكون هُناك المُعجزات، وتحقيق الأهداف بدقةٍ عالية ونجاح، فإطلاق عدة صواريخ بالستية لم تكن صدفة، بل إن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك أكبر ترسانة عسكرية من القوة، وأصبحت تمتلك بنك من الأهداف الواضحة الدقيقة في عمق الاحتلال يجري تحديثه باستمرار، وهذا إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على أن القوات المُسلحة اليمنية مُستمرّةٌ في تنفيذ عملياتها العسكرية نصرةً لمظلومية الشعب الفلسطينيّ وحتى يتوقف العدوانُ الإسرائيلي على إخواننا في غزة، كما أكّـد ذلك ناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع، والقادم أعظم، والنصر من الله أكبر، وغزة بعون الله سَتُنصر ولن تُهزم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com