ما الذي ينتظرُه العرب؟!
ماريا الحبيشي
تساؤلٌ يحز في أنفس الأحرار ويفتش على استحياء وخجل ما يبرّر لهم تخاذلهم على مدى حقب التاريخ المعاصر، تساؤل يبحث ويبحث لعله يلاقي جوابًا يبرّر للعرب مواقفهم المخزية.
يقف السؤال حائراً، أيقع اللوم على الشعوب العربية، أم على حكامها!، فالحكام الذين ارتهنوا لقوى الغرب والكيان الصهيوني خوفاً ورهبةً من سقوط عروشهم، انبطحوا لإملاءاتهم غير آبهين بكرامتهم وكرامة شعوبهم، فقدموا القضية الفلسطينية قرباناً لمصالحهم الشخصية ببقائهم حكامًا؛ فعمدوا على تخنيع وتركيع الشعوب وإلهائها في البحث عن لقمة العيش تارة كما هو حال كثير من الجمهوريات العربية، وبين إلهائها في الملذات والشهوات والمجون تارةً أُخرى كما هو حاصل لممالك من دول الخليج، فلم نلحظ حتى موقفًا مشرِّفًا لتلك الشعوب ولو بوقفة احتجاجية أَو مسيرة رافضة للظلم المرتكب بحق الفلسطينيين من قبل فاشية الصهيونية، ناهيكم عن مواقف حكامها المخزي.
لم يكتفِ حكام تلك الممالك بتخنيع شعوبها وتجريدها من أخلاقها، بل سعت للتطبيع مع الكيان الصهيوني ومساندته ودعمه، وإدانة المستضعفين العزل من أبناء فلسطين بل ووصفهم بالإرهابين والمشاركة في القضاء عليهم، مواقف رخيصة ومنحطة سجلوها في مزبلة التاريخ وستلعنهم أشلاء ودماء الأبرياء في فلسطين، بل ستلعنهم الأمم الحرة التي خرجت تجوب شوارع دولهم كما حصل في عدة دول غربية أنكرت جرائم حكامها جراء تعاونهم مع فاشية العصر الصهيونية وسجلوا مواقف إنسانية تُذكر.
سيكون مصير الحكام العرب غضب الله وسيخزيهم في الدنيا بأن يلاقوا مثل ما سعوا لتنفيذه بحق الشعوب العربية المستضعفة على رأسها الشعب الفلسطيني وسيسقط عروشهم وتتجرد عنهم تلك القوى التي كانوا بمثابة أدوات بلا أحذية رخيصة لها، وستنتصر القضية الفلسطينية بأبنائها الأحرار وكافة الأحرار من دول محور المقاومة، وعلى رأسها صنعاء العروبة والحرية والتي شاركت بمنظومتها الصاروخية وطيرانها المسيَّر، ودكت مواقع قوى الكيان الصهيوني وأرهبته، فالصهيونية متقهقرة ومنهزمة أمام عصبة الحق المؤمنين من الفصائل المجاهدة وقوى المحور.
هنا سنلاقي أجوبة لتساؤلاتنا بأن الله يستبدل ويمكن عباده المؤمنين الذين استضعفوا بالأرض، فصبرًا يا فلسطين إن موعدك النصر المحتم، فصبرًا يا أرض كنعان مهما ارتكبوا بحقكم المجازر ومهما تآمروا على قتلكم وحصاركم، فمعية الله ترعاكم قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
قد اقترب يوم النصر بتحرير مقدسات فلسطين من درن اليهودي وخبث الأعراب المتصهينين، وستشمخ من جديد يا أقصى وستعرج منك صلوات مباركات من رجال مؤمنين وجوههم متوضئة بدمائها الزكية، وستخبرهم يا قدس أن التاريخ سيسجل المجاهدين في أنصع صفحاته وسيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه، على عكس حكام العرب المتصهينين، فهم إلى مزبلة التاريخ، وستنبئهم يا قدس أنك كنت أولى القبلتين وستبقى ثالث الحرمين، فلا مكان لمن يساوم على تدنيسك وسلب هُــوِيَّتك العربية والإسلامية، فلقد صمدت شامخًا ببركة أثر الرسول محمد -صلى الله عليها وآله وسلم- حين أُسري به إليك، فقد أسقطت وحشية الصهاينة واستكبارهم وكشفت خيانة الحكام العرب وتنازلهم عن قدسيتك، فـ خِذلانهم بل ومشاركتهم في تدنيسك وقتل المؤمنين الذين يرابطون حولك بتلك الممارسات المشينة كفيلةٌ بإسقاطهم والانتصار للدماء الزكية التي سالت على أروقتك وجدرانك، فما كانَ أُولئك الزعامات العاجية أهلًا لشرف قضيتك، ولو انضموا لمناصرتك فما زادوك إلا خذلاناً وانهزاماً، فالله قد قال عن أشباههم: “وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ، لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” (التوبة).