انسلاخ الكثير من العلماء من آيات الله
عدنان علي الكبسي
القرآن الكريم قدم أسوأ الأمثلة للذين انسلخوا من آيات الله وانحرفوا عنها، فقال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في سورة الأعراف: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلى الأرض وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَو تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَّلِكَ مَثَلُ القَومِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا، فاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ}، عالِم آتاه الله المعرفة بالآيات، بالهدى، بكتاب الله، بتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بمنهجية رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ولكنه انحرف عنها، وزاغ ابتداءً من واقعه العملي، ومال قلبه عن الحق، عن الهدى، انسلخ من آيات الله وانحرف في مقام الاتباع والاهتداء والتمسك بها، أخلد إلى الأرض وتحَرّكت لديه الأطماع المادية وتأثر بها، تحَرّك في خدمة الباطل بغية الحصول على ما يلبي رغباته ولو على حساب الدين.
مثل علماء السوء المنسلخين من آيات الله الذين اتجهوا لخدمة الطغاة والمجرمين، والذين لعبوا دورًا سيئًا في تدجين الأُمَّــة للطغاة والمستبدين، في الصد عن سبيل الله، الذين يعملون على إغواء الناس، وعلى تضليلهم، وإضلالهم، مثلهم كمثل الكلب؛ لأَنَّ المثل الذي مثَّل الله لهم في القرآن الكريم قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}، مثَل الذي يتجه هذا الاتّجاه -كعالم سوء- كمثل الكلب، أسوأ مثل.
علماء السوء وخطباء الضلال الذين يوظفون العناوين العلمية في العلوم الدينية لخدمة أعداء الأُمَّــة، يوظفونها للأهواء والأطماع، يوظفونها لخدمة الطاغوت، لخدمة رأس الشر أمريكا، يشرعنون باسم الدين التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتلّ، يروجون للتطبيع مع اليهود، ويروجون لأعداء الأُمَّــة الإسلامية فلعبوا الدور التخريبي في إثارة الفتنة بين أوساط الأُمَّــة خدمة لأعداء الأُمَّــة، فمثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أَو تتركه يلهث.
ما يجري اليوم في فلسطين من مجازر وحشية وجرائم فظيعة بحق أطفال ونساء فلسطين، دماء الأطفال وأشلاء النساء في غزة كشف حقيقة خبث مطاوعة النفاق وسوئهم ودناءتهم ومدى انحطاطهم وسقوطهم، حَيثُ وظفوا المنبر الديني والخطاب الديني وبكل وضوح وبشكل مكشوف وبكل وقاحة لخدمة اليهود الصهاينة المحتلّين، باتوا بكل وضوح في موقف الولاء لأمريكا والولاء لإسرائيل، والمعية مع أمريكا، معها في مواقفها، مع إسرائيل في توجّـهاتها، فكانوا بذلك مفضوحين ومكشوفين، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أنفسهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}، هم في واقع الحال كشف الله حقيقتهم فأصبحوا مفضوحين، فضحهم القرآن الكريم، فضحتهم الأحداث والوقائع والمواقف، فضحهم الواقع الجلي الذي كشف حقيقة ما هم عليه، وفضَحهم بشكل أكبر وعرَّاهم على حقيقتهم الأحداث في غزة، وهم اليوم يحدّدون موقعَهم الأخلاقي والقيمي والإيماني والإنساني أنهم في خط اليهود، وأنهم مع الكيان الصهيوني في عدوانه وجرائمه، وأنهم شركاء اليهود في ارتكاب الجرائم بحق إخوتنا الفلسطينيين.
علماء الوهَّـابية يكفّرون حركات المقاومة في فلسطين باسم الكتاب والسنة، ويحرّمون أية مسيرة أَو مظاهرة أَو وقفة أَو فعالية تضامنية مع إخوتنا الفلسطينيين، وأن الدعوة إلى المظاهرات؛ مِن أجل غزة ليست من الدين، ومن يقاطع الكيان الصهيوني يُمسك بإذنه ويُدخل السجن وكأن المقاطعين مجرمون.
علماء الوهَّـابية يشككون في جهاد المقاومة، ومنهم من يصف المقاومين في فلسطين بأنهم عصابة من قطاع الطرق، وأنهم البغاة، ومنهم من يصف حركة حماس بأنها شر، بل الشر بعينه، وأنها التي جلبت السفك والهدم على رؤوس إخواننا في غزة، وأنهم من استعدى اليهود عليهم، وهيجوا اليهود.
بل بعضهم ولقلة حيائه ولوقاحته يخاطب حركاتِ المقاومة في غزة متسائلًا: كيف تجرون الويل على أنفسكم وعلى أطفالكم ونساءكم وممتلكاتكم، وما بناه المسلمون لكم في خمسين سنة هُدم في عشرة أَيَّـام.. هذا طيش.. وما الطائشون إلا مطاوعة النفاق.
وكأن الكيان الصهيوني كيان مسالم وديع، هادئ، طيب، ولا هو محتلّ ولا هو مغتصب ولا هو معتدٍ وكأنه حمامة سلام، ولكن حركات المقاومة هم السبب الرئيسي في قتل الأطفال والنساء، قاتلكم الله يا علماء الوهَّـابية ما أوقحكم! وما أسوأ حالكم!
لقد كشفت عملية “طُوفان الأقصى” الأقنعة عن وجوه المتلبسين بالدين، والذين خدعوا الأُمَّــة، ولكن وبفضلٍ من الله سقطت الأقنعة وكُشفت الحقائق فبأي مبرّر يصدقهم الجاهلون وقد تعروا على حقيقتهم أنهم عملاء بصبغة علماء، وأحبار باسم عباد، فهم أشر الناس وأظلم سوءًا وأشد ضلالًا، وعاقبتهم أن الله جامعهم مع اليهود في جهنم جميعاً.