تحريرُ بيت المقدس يبدأ من تحرير بيت الله الحرام ومسجد رسوله
محمود المغربي
أثبتت أحداث غزة ومن قبل ذلك العدوان على اليمن، ومن قبل ذلك ما حدث في العراق وسوريا وليبيًا أن العدوّ من الداخل وأن أعداء الأُمَّــة الإسلامية من يهود وغيرهم، الذين تحدث الله عنهم وحذرنا منهم لم يعودوا طرفاً آخر وفي الجبهة المقابلة بل في صفوفنا بل صاروا حكاماً علينا وهم من يمتلك القرار وثروات أمتنا، وهم من هزمنا قبل أن نهزم في أرض المعركة وقبل أن نصل إلى أرض المعركة، وقبل حتى أن نفكر بخوض معركة مع أعدائنا ومن يهيمن علينا ويحتل ارضنا ومقدساتنا ويقتلنا أفراداً وجماعات ويصادر عقولنا ويغتال أحلامنا قبل أن تكبر وتصبح حقيقة، وهم من جمعوا جيوشهم وذهبوا لتدمير اليمن وقتل أبنائها طوال ثماني سنوات؛ لأَنَّهم طهروا صفوفهم وَبلادهم من الوصاية والهيمنة الأمريكية واليهودية وأدواتهم، وهم من يحاصر الجمهورية الإسلامية الإيرانية لنفس السبب، وهم من يسمي حزب الله والمقاومة في فلسطين إرهابيين لنفس السبب، ولأنهم يحاربون الكيان الصهيوني، وهم من يرفضون حماس بحجّـة أنها تتبع إيران التي استضافوا في قمة الرياض بشأن العدوان على غزة وحماس، ومن السخرية أن يكون هناك اليوم من لا يزال ينظر إلى إيران وحزب الله وأنصار الله كعدو ومن يشكك في إيمان وصدق ونخوة إيران وحزب الله وأنصار الله حتى وهم يتصدرون المشهد اليوم في مواجهة أمريكا والكيان الصهيوني ويسلح ويدعم المقاومة في غزة وصواريخهم تدك الكيان ليل نهار، وعلى هؤلاء إعادة النظر في من هو العدوّ والصديق بعد أن اتضحت الرؤية وسقطت الأقنعة.
وعلينا أن ندرك أن اليهود الذي حذرنا الله منهم لم يعودوا داخل حصون أَو قلاع أَو في واشنطن وتل أبيب، بل أصبحوا جزءاً منا ومن واقعنا يرتدون عباءة الإسلام، وقد يكونوا ربما أكثر منا التزاماً وصلاة وصياماً وحفظاً للقرآن، يتصدرون الصفوف الأولى لقيادة الأُمَّــة إلى طريق الجهل والانحراف وموجودين في الصفوف الأخيرة لغرس خناجرهم في ظهر كُـلّ من يرفض السير خلف من في الصفوف الأولى أَو من يتساءل إلى أين الطريق.
لقد تولى اليهود وأعداء أمتنا أمرها وشؤون أبنائها وأصبحوا ملوكاً علينا يسبحون بحمد أمريكا وبحمد من سبق أمريكا من أولياء الشيطان والطاغوت، وكلما سقط شيطان منهم جاء شيطان رجيم، وفيما كانت أعيننا موجهة نحو بيت المقدس ووعد بلفور كان اليهود يحكمون قبضتهم على بيت الله الحرام ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وفي حين كانت الأُمَّــة تندب فلسطين كانت السماء تبكي أرض الحرمين الشريفين ومسقط رأس رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بيد آل سلول الذي أحدثوا في مكة والمدينة ما لم يفعل اليهود في فلسطين، وعملوا على تشويه وتحريف الإسلام والإساءة إليه وإلى رسول الله بواسطة الوهَّـابية والجماعات المتطرفة، وأكثر مما فعلت سيوف الحملات الصليبية والمغول وكل أعداء الأُمَّــة، وهم اليوم يكملون ما نقص وما لم تفلح به الوهَّـابية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بواسطة هيئة الترفيه والانفتاح الحاصل.
وعلينا اليوم قبل التفكير في تحرير فلسطين واستعادة بيت المقدس العمل على تنظيف صفوفنا ممن غاص فيها وتصدر الصفوف الأولى، وتحرير عقولنا من الفكر المحرف والضال والمفاهيم الخاطئة التي زرعها صهاينة العرب من الحكام وأدواتهم، ثم التوجّـه نحو تحرير أرض الحرمين الشريفين واستعادة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وسوف يأتي بعد ذلك دور فلسطين والأقصى المبارك، فمن المستحيل تحرير الأقصى ومكة محتلّة، ومن المستحيل الوصول إلى فلسطين وأرض الحرمين بيد آل سعود خط الدفاع الأول عن الكيان الصهيوني.