المسيرةُ القرآنية من صرخة (الموت لإسرائيل) إلى المواجهة المباشرة معها
علي الحسني
الإنسان المرتبط بالله الارتباط الحقيقي الصادق، تظهر له ولمن حوله تجليات ذلك في الواقع العملي، فيظهر قويا في مواقفه ضد الباطل، حتى ابسط الأشياء التي يعملها يكون لها أثر كبير وقوي في الواقع، وهذه سنة إلهية تتجسد في كُـلّ الأزمنة، فنبي الله موسى (عليه السلام) جعل الله من العصا التي بيده، تلقف ما يؤفك السحرة، وفضحت السحرة وكسرت كِبر فرعون وجبروته، وكانت سبباً في إيمان السحرة، كذلك جعل الله عز وجل من عصا موسى سببا في انشقاق البحر، فمتى ما كنت مرتبطا بالله، كنت قويا؛ لأَنَّك تحصل على معونة الله القوي.
ومن هذا المنطلق تحَرّك الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي وأسس المشروع القرآني (المسيرة القرآنية) مستلهما ومجسدا لتوجيهات الله القرآنية واقعا حقيقيًّا يعيشها، فشخص المشكلة والعلة ثم بادر لوضع الحلول وإرشاد الناس إلى المخرج… الخ حتى ارتقى شهيدا، ثم واصل من بعده السيد القائد/ عبدالملك بن بدرالدين الحوثي، فخاض الحروب – مستعينا بالله ومتوكلا على الله – ضد وكلاء أمريكا وإسرائيل حينما أرادو أن يطفئوا النور الإلهي الذي بزغ من جبال مران بصعدة؛ مِن أجل إنقاذ الأُمَّــة من التيه الذي تعيشه تحت شعار المشروع القرآني الذي وضعه مؤسّسه (الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام)، معلنًا بذلك حربه ضد أمريكا وضد إسرائيل، وفي كُـلّ حرب لم يجد أمريكا أَو إسرائيل مباشرة وإنما كان يجد عملاءها ووكلاءها بدءًا بالنظام السابق الذي كان يحكم اليمن ومنتهيًا بتحالف أنظمة العمالة العربية بقيادة آل سعود الذي شنوا عدوانا ظالما خدمة لأمريكا وإسرائيل تحت مبرّر القومية العربية، وفي السابع من أُكتوبر من هذا العام جاء الخبر الذي استنفر كُـلّ شعوب الأُمَّــة للوهلة الأولى حينما رأوا انتصارات المقاومة الإسلامية التي حقّقوها ثم جاء بعدها العدوان الإسرائيلي على غزة ليقتل أطفالها ونسائها، وفي عصر يوم السابع من أُكتوبر خرج السيد القائد في خطاب تلفزيوني ليبارك للمقاومة الفلسطينية إنجازها الكبير والمهم والحساس وليحذر في نفس الوقت الكيان الإسرائيلي من مغبة عدوانه الظالم على غزةَ، واضعًا بذلك خطوطًا حمراء إذَا تجاوزها العدوّ فَــإنَّه سيتدخل بقصف أهداف حساسة للعدو على الأراضي الفلسطينية المحتلّة، فما كان من كيان العدوّ الإسرائيلي إلا أن تعدى هذه الخطوط الحمراء مرتكبا ابشع جرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء غزة، حينها جاء اليوم الذي ينتظره الأحرار من أبناء الشعب اليمني وبدأت القوات المسلحة للجمهورية اليمنية بتسديد الضربات بالصواريخ البالستية والطيران المسيَّر لضرب أهداف حساسة ومهمة للعدو الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة بإعلان رسمي نصرة للمظلومين من اخوتنا الفلسطينيين حتى يتوقف الكيان الإسرائيلي عن جرائمه وحصاره لغزة.
ففي الوقت الذي كانت كُـلّ شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية تنتظر أَيًّا من زعماء الأنظمة العربية سيكون له موقف لردع كيان العدوّ عن جرائمه ولنصرة أبناء فلسطين المحتلّة، لم يرفع أي زعيم عربي رأسه ليفعل أي شيء؛ مِن أجل قضية الأُمَّــة بل لم يتجرأ أي زعيم عربي ليقول للكيان الصهيوني: كفى قتلًا وحصارا وظلما لأبناء فلسطينَ، ناهيك عن أن يجيشوا الجيوش؛ مِن أجل القتال لتحرير فلسطين، بل سكتوا وجبنوا والبعض منهم تآمرَ سرًّا مع العدوّ؛ مِن أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير أبناء غزة من أرضهم.
وبعد أن عقد زعماء 57 دولةً عربية وإسلامية قمة طارئة؛ مِن أجل غزة – حَــدّ زعمهم – فخرجوا من قمتهم ببيان ضعيف هزيل ومخز، جعل العدوّ نفسه يسخر منهم، فلم يخرجوا حتى بموقف أَو إجراء عملي، وانما مُجَـرّد تصريحات ضعيفة ورغم ضعفها لم يستطيعوا تنفذها على أرض الواقع، وبالأمس خرج السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمة له خلال تدشين فعاليات الذكرى السنوية للشهيد، ليعلنها بكل ثقة وإيمان وصدق وثبات أنه مُستمرّ في ضرب مواقع كيان العدوّ بل إنه سيتوسع في ضرباته للأهداف الحساسة التابعة للكيان الإسرائيلي سواء كانت داخل فلسطين أَو خارجها، ومؤكّـداً بأنه سيتم ضرب أي سفينة تابعة لكيان العدوّ الإسرائيلي تمر من باب المندب أَو حتى بمحاذاة المياه الإقليمية اليمنية وهو بهذا يعلن موقفه وموقف كُـلّ الأحرار من أبناء الشعب اليمني أنه سيبذل كُـلّ ما يستطيع لاستهداف الكيان الإسرائيلي وهو في نفس الوقت مستعد لكل تبعاته مؤكّـداً أن الشعب اليمني شعب مجاهد قدم التضحيات لثبات موقفه تجاه فلسطين من أول يوم رفعت فيه الصرخة.
فشعبنا اليمني تحت قيادة السيد القائد – مستعينا بالله ومتوكلا على الله – كان له موقفا إيمانيا قويا وواضحًا، فتحَرّك في كُـلّ المجالات وبكل الوسائل لنصرة قضية الأُمَّــة المركزية ولرفع الظلم عن شعب فلسطين المحتلّة غير مكترثا لشيء وواثقا بوعد الله ومستمدا قوته من الله القوي العزيز القائل في كتابه الحكيم (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).