سيدُ القول والفعل
جبران سهيل
كما كان ولا يزال الموقف الشعبي اليمني من القضية الفلسطينية تأتي كالعادة في أولوياته، حتى وإن كان يمر بلدهم بظروف صعبة كحال فلسطين تارةً، وحتى في ذروة العدوان والحصار الذي واجهه شعبنا لثماني سنوات خلت، ولا زالت تداعيات ذلك قائمة حتى اللحظة، بقي اليمن من عاصمته صنعاء ثابتاً على موقفه وتعاطفه مع فلسطين وعدالة قضيتها، عُرِف منذ عقود بسخطه من العدوّ الصهيوني وَعدائهم الشديد له تجلى مبكراً، بل إنه تصاعد في الوقت الذي اقتربت فيه أنظمة وشعوب عربية من العدوّ الأول للأُمَّـة.
كذلك كان ولا زال موقف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -قائد الثورة اليمنية- الذي ومنذ نشأته الثورية وضح خطورة اليهود وأهدافهم وحملاتهم بنظرة قرآنية، كما كان كذلك الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه.
كما فضح أطماع الغزاة وأدواتهم الذين يتفانون بإخلاص في خدمتهم وعلى أمل تركيع شعبنا للأعداء الأمريكيين والصهاينة، وضع السيد القائد إدراك الشعب لهذا في سُلّم اهتماماته، بل إنه أعلن مواجهتهم بكل شجاعة وعنفوان حتى تلاشت أطماعهم عن اليمن وتبخرت أحلامهم في إعادة الوطن تحت وصايتهم مجدّدًا.
في مرحلة كانت معقدة وَأوضاع غاية في الصعوبة لملم القائد شتات الشعب وداوى جروحه العميقة وبنى جيشه وقواته وجمع كلمة أبنائه الشرفاء في مواجهة الطغيان الصهيوني الأمريكي وأدواتهم النظام السعوديّ وَالإماراتي، وقدم خلالها الشعب خيرة أبنائه شهداء في سبيل الله والدين والوطن وَعزة وَكرامة أبنائه.
وخلال تدشين الذكرى السنوية للشهداء أطل القائد يبادلهم الوفاء بالوفاء، متحدثاً عن عظمة المناسبة في وجدان القيادة والشعب، وعظمة التضحيات التي لن ولم ينساها لهم ولأهاليهم كُـلّ الأحرار في الوطن.
بل إن إطلالة القائد وخطابه بالأمس حظي باهتمام عربي وإسلامي وعالمي؛ نظرًا لما تضمنه الخطاب من قضايا تعيشها الأُمَّــة وَفلسطين وأبناء غزة بشكل خاص من عدوان ووحشي لا مثيل له إطلاقاً، دون أن يرف للعالم وللعرب جفن أَو يلين قلب، أَو نشهد موقفاً عملياً لإيقاف إجرام الصهاينة والأمريكان في حق أطفال ونساء مدنيين، سفك دمائهم وزهقت أرواحهم على مرأى ومسمع من الجميع.
وكان هنا لا بُـدَّ للقائد أن يجدد مواقفه المشرِّفة -كما هي مواقف أحرار اليمن مع أبناء الشعب الفلسطيني وقضيتهم- وبكل وضوح وشجاعة يعلن استمرار اليمن في مواجهة المحتلّ الصهيوني بشتى الوسائل والإمْكَانيات المتاحة، بما فيها مواصلة العمليات العسكرية للقوة الصاروخية ووحدة الطيران المسيَّر اليمني في استهداف مدن ومواقعَ ومنشآت وأهداف في فلسطين المحتلّة وبعمق العدوّ، وفي أبعد أماكن ظن العدوّ ومستوطنوه أنهم في مأمن فيها كحال منطقة أم الرشراش أَو كما يسميها العدوّ الصهيوني “إيلات” التي لا تكاد تمر ليلة بسلام إلا وتكون الليلة التالية كابوسًا وساخنة ومصدر قلق لكيان العدوّ، والذي سخر لهذه الجبهة غير المتوقعة كافة إمْكَانياته ومنظوماته الدفاعية المتطورة حتى يتصدى لما أمكن من الهجمات القادمة من اليمن وقد كلفته أموالاً كثيرة، وزرعت الخوف والرعب وسط سكان تلك المناطق خَاصَّة.
بل إن تكلفة الصواريخ التي تطلقها دفاعاتهم لمحاولة التصدي لصواريخ ومسيَّرات اليمن تكلفتها باهظة عليهم، والصاروخ الواحد منها سعره يتراوح ما بين 3 إلى 6 ملايين دولار وهذا مرهق جِـدًّا للمحتلّ في ظل جبهات أُخرى تشتعل وتحيط به في غزة وجنوب لبنان شمال فلسطين المحتلّة وجبهة جنوب البحر الأحمر التي يخوض غمارها رجال وأحرار اليمن في مواجهة الطغيان الصهيوني المحتلّ.
أعطى السيد القائد الضوء الأخضر للبحرية اليمنية والقوة الصاروخية في استهداف كُـلّ السفن والبوارج والقطع البحرية التي تخص العدوّ الصهيوني دون إعطائهم أية فرصة للمرور من باب المندب وبشكل مباشر.
هذا جعل العدوّ يصاب بالألم والصداع والذعر فهو يدرك تماماً أكثر من غيره شجاعة اليمنيين وصدقهم في تنفيذ وعودهم وتنفيذ تهديدات وتوجيهات قائدهم الشجاع؛ وهو ما جعلهم يتناقلون الرسائل الموجهة إليهم من اليمن بكل جدية واهتمام، ومعها يحاول حارس كيانهم الغاصب النظام الأمريكي فرض عقوبات ومزيد من الضغوطات على اليمن وحكومة صنعاء، لكن دون جدوى، وهم بين خيارَينِ لا ثالث لهما: إما أن يتوقف عدوانهم ووحشيتهم في حق أبناء غزة وفلسطين المحتلّة، أَو أن يستعدوا لمزيد من الضربات والصفعات الموجعة والتي ستجعل صراخهم يدوِّي في كُـلّ بقاع العالم، لكن دون جدوى.