لسنا من يخضعُ لأوامركم
محمد يحيى السياني
في خطابه الذي ألقاه بمناسبة البدء بتدشين الذكرى السنوية للشهيد في بلدنا، قائد الثورة اليمنية، السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي، لم يكن بذلك الخطاب الملفت، يلقي على مسامع شعبنا وأمتنا، والعالم، خطابا عادياً أَو عابراً في سياق مناسبة سنوية تقليدية، بقدر أنه جاء مواكبًا لتطورات المرحلة وفي خضم أحداث غزة ومعركة “طُـوفان الأقصى”، وقد فاق التوقعات التي كان أكثر المحللين والمتابعين، للشأن اليمني، يرون أن سقفَ توقعاتهم لما سيقوله، أَو ما سيقدم عليه هذا الرجل، لن يتجاوز، أكثر مما قد صدر من تصريحات ومواقفَ سابقة قد أعلن عنها منذ بدء معركة “طُـوفان الأقصى”.
ولأنَّ تلك المواقف المعلَنة قياسًا على مواقف الآخرين في المحيط العربي والإسلامي، كانت هي الأبرز والأكثر مسؤولية وقوة، تجاه دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وما تتعرض له غزةُ من عدوان ومجازر وإبادة جماعية من قبل العدوّ الإسرائيلي والأمريكي، إلا أن خطاب السيد القائد، قد أحدث بما أعلن عنه وأكّـده، نقلةً ملفتةً ومتصاعدةً للموقف اليمني، المساند والداعم بقوة للشعب الفلسطيني، في مظلوميته وفي العدوان الذي يشنه عليه اليوم العدوّ الإسرائيلي المجرم، كما أنه شكل عبئا ثقيلا وخطوة فاجأت العدوّ وأربكته، خَاصَّة مع إعلان السيد القائد في سياق خطابه عن توسيع العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، ضد العدوّ الإسرائيلي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو قرار تأريخي مسؤول وشجاع، جعل من البحر والممر المائي الهام خَطًّا أحمرَ ناريًّا على كُـلّ سفن العدوّ الإسرائيلي التي ستمر منه، حتى وإن كانت مموَّهةً ومتخفية بأعلام دول أَو شركات وجهات أُخرى.
قائد الثورة عبَّر بوضوح وقوة عن مبدئية موقف الشعب اليمني، الثابت تجاه إخوتهم الفلسطينيين، وترجم هذه المواقف عمليًّا بقرار التدخل العسكري المباشر ضد العدوّ الإسرائيلي، في خطوة هي الأجرأ والأشجع لقائد استثنائي في تاريخ اليمن، قائد مجاهد مؤمن حكيم وشجاع، لا يخاف في الله، وفي نُصرة المظلومين والمستضعفين، لومةَ لائم، أَو يأبه لأية قوة لمستكبر وطاغية ومجرم في العالم.
وما قوله للأمريكان -الذين هيمنوا على حكام المنطقة والعالم برده القوي بقوة الله وبأس وشدة هذا الشعب العظيم، على تهديداتهم وترغيباتهم بأن تظل دول المنطقة واليمن على الحياد في هذه المعركة-: «لا تحسبونا منهم ولسنا من يخضع لأوامركم».
هذا الموقف الشجاع والمشرّف والمسؤول للقائد والشعب بات اليوم وما بعده علامةً فارقة في تاريخ بلدنا وأمتنا ومصدر إلهام واقتدَاء للأحرار وعارًا وخزيًا لكل من كانت له مواقفُ هزيلةٌ ومتخاذلةٌ مع مظلومية الشعب الفلسطيني، سواءٌ أكانت تلك المواقف صادرةً عن شعوب أو حكام.