غزوةُ الأحزاب وحصارُ غزة.. حفيدُ الكرار: “أنا لها يا رسولَ الله”
شهاب الرميمة
عندما نعود إلى التاريخ الإسلامي ونتأمل في مجريات الأحداث جيِّدًا ونقلب صفحات السيرة في ذلك العهد ونبحث فيها وندرس ذلك التاريخ جيِّدًا بإمعان ودقة في سيرة الرجال العظماء الذين خلدهم التاريخ في صفحاته المشرقة يطفو على ذلك سؤال يقاطع اهتمامك ويستوقفك فتجد نفسك تبحث عن إجَابَة علها تدلك إلى الطريق المستقيم الذي تجد فيه ما سعيت إليه.
وأنت تقلب في حقب التاريخ يتجلى أمامك المشهد وتتضح الصورة على حقيقتها في عنوان بارز وواضح وضوح الشمس بعد ليلة طال ظلامها تمثل في مبدأ الإيمان والتولي الصادق لله ولرسوله -صلوات الله عليه وآله- ومن أمرنا الله بتوليهم وأثر وأهميته في واقع الحياة ومجريات الأحداث وما ينتج عنه من عزة في الأُمَّــة الإسلامية وقوة في المواقف في عهد الخذلان وتوحد في الكلمة في عصر الشتات واستقامة في الطريق في حقبة الضياع وصدح بالحق وإزهاق الباطل في زمن الخنوع والسكوت.
ومما نعود إليه في التاريخ الإسلامي هو يوم تحالف الأعراب وقادة الشرك ومعهم الرجس الخبيث من اليهود في أكبر وأقوى تحالف عسكري وتحت قيادة الشر لمواجهة الرسول -صلى الله عليه وآله- ومن معه واستئصال الدعوة والرسالة الإلهية التي جاء بها ليخرج الناس من الظلمات إلى النور “غزوة الأحزاب”.
كان هذا الحلف قد خطط وأعد وجهز وبدأ بالتحَرّك لتنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق الإسلام واتباع الرسالة، في المقابل ومع قلة الإمْكَانات التي عوضها صدق الإيمان والتولي الصادق تحَرّك الرسول الأعظم ومن معه لمواجهة ذلك الأمر والإعداد والتجهيز وقلوبهم مطمئنة إلى صدق وعد الله بالنصر مهما كان حجم العدوّ وقوته وعدته وعتاده.
القائد يرسم الخطة ويبدأ في تجهيز الخنادق التي تمنع العدوّ وتبعث فيه الرعب وتعرقل خطته المتسارعة للهجوم، هاجم الأحزاب بتحالفهم وبجحا فلهم تمكّنوا من اجتياز الخندق، وبتكبر وتعالي اعتمد بمكر ودهاء على “الحرب الإعلامية” وأثرها في ضعاف الإيمان وقاصرين الوعي مستخدم مفردات يضعف أمامها قليلي الثقة بالله.
جهر صنديد قريش متحدياً مستهزئاً بالله والرسالة، رسول الله حينها أراد أن يعلمهم أن الإسلام قوي بقوة الله لا يقبل الذل وهو يضحي بخيرة رجاله نصرة للإسلام قائلاً: “من يسكت صوت هذا الكافر” يكرّرها ثلاثاً وهو يرى التخاذل وتأثره بصوت الباطل، وأثناء ذلك كان صوت الإيمان وصدق الولاء يجهر بأعلى صوته: “أنا له يا رسول الله” إنه الكرار “علي بن أبي طالب” -كرم الله وجهه وسلام الله عليه- في وقت كان الإسلام أحوج إليه وينتصر به الإسلام ويهزم الأحزاب بموقف ثبات قال عنه رسول الله: “برز الإيمان كله للشرك كله”.
تتكرّر الأحداث وتعود “غزوة الأحزاب” في غزة من جديد، التحالف ذاته وبنفس الأهداف في هذه الحرب الظالمة التي يتعرض لها أبناء فلسطين وغزة بشكل خاص، جرائم القتل والإبادة الجماعية يروح ضحيتها الآلاف من النساء والأطفال حصار مطبق من تحالف الشر بصورته المخزية، وفي ظل التخاذل والصمت الرهيب الذي طغى على المشهد تجلت أهميّة التولي الصادق وبرز حفيد الكرار السيد القائد “عبد الملك بدر الدين الحوثي” ملبياً نداء الإسلام في غزة لقتال الأحزاب المتكالبة عليها وهي تستجدي وتستغيث بالعالم المتخاذل وما من صوت يبرز إلا صوت السيد القائد ومعه المجاهدون الأحرار من الشعب اليمني وبكل شجاعة يرتفع الصوت عاليًا “نحن معكم يا أبناء غزة”.
وبهذا الموقف الإيماني والمبدئي برز الإيمان اليماني كله للشرك والنفاق العالمي كله، وليعلم العدوّ ومن معه أن غزة ليست وحدها قولاً وفعلاً وإن “القدس في قلب صنعاء”، والقادم أعظم، وستغرق الأحزاب بتحالفها وجحافلها في البحر الأحمر، وهذا وعد الله “وعد الآخرة”.