حظرُ مرور السفن الصهيونية يدخُلُ حَيِّزَ التنفيذ
محمد علي الحريشي
نفذت قيادة القوات المسلحة اليمنية تهديداتها بحظر مرور السفن الصهيونية عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، بالاستيلاء على سفينة الشحن الصهيونية «جلاكسي».
عملية عسكرية برهنت صدق المواقف المبدئية اليمنية تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني المظلوم من إبادة جماعية ومجازر بشعة، يتعرض لها النساء والأطفال في المستشفيات والمدارس والمنازل وفي كُـلّ مكان، على أيدي آلة القتل الأمريكية الصهيونية منذ ستة أسابيع وسط صمت دولي وسبات عربي إسلامي، ما عدا مواقف مساندة من قبل قوى محور المقاومة، التي استشعرت مسؤولياتها ورفعت أصواتها عاليًا وسط ظلامية المشهد وقتامة المواقف الدولية، التي جمعتها أهدافٌ واحدة، وهي انتظار اللحظة التي يتم فيها إبادة الشعب الفلسطيني في غزة عبر القصف والقتل والتجويع والحصار وهدم الأحياء السكنية على رؤوس ساكنيها وقصف واقتحام المستشفيات وقصف أماكن الإيواء المكتظة بالأطفال والنساء.
وسط هذه المهزلة والمأساة والمذابح الجماعية، ما زالت الأنظمة العربية العميلة تنتظر تفريغ غزة وبعدها الضفة الغربية من سكانها الفلسطينيين، حتى تعيش دولة «إسرائيل» في أمان وبحبوحة العيش، وفي هذا المسار توحدت الأهداف الأمريكية والصهيونية وأنظمة الذل العربية في إبادة الشعب الفلسطيني حتى تأمن «إسرائيل» وتأمن أنظمة الخيانة العربية من قلق يهدّد وجودها ومستقبلها وهو تصاعد قوى محور المقاومة، وحتى تمضي مشاريعُ التطبيع من دون منغصات وتتشابك مصالح الأمريكي والصهيوني وأنظمة العمالة العربية، كُـلّ ذلك على حساب الحق الفلسطيني وعلى حساب الوجود العربي والإسلامي، الوجود الذي بات مهدّداً في تاريخه الحضاري وإرثه الديني والثقافي بموجة حربٍ ناعمة وخبيثة موجهة، لن تقف عند حدود فرضِ المثلية واستبدال الدين الإسلامي بدين جديد أسموه بـ«الإبراهيمية»، ونبي الله إبراهيم منهم بريء؛ لأَنَّه كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين.
مسارات العدوّ تمشي بشكل متوازي، وما تشهده بلاد الحرمين الشريفين من موجات الحرب الناعمة تحت مسمى الانفتاح والترفيه، جاءت عملية “طُـوفان الأقصى” لتقطع الطريق الذي كان قاب قوسَين أَو أدنى، من إقامة علاقات تطبيع بين الكيان الصهيوني المحتلّ وبين النظام الذي يفترض أنه يكون في خدمة الحرمين وفي خدمة العروبة والإسلام، بقيام علاقة التطبيع الصهيوني مع النظام السعوديّ سوف تدفن القضية الفلسطينية إلى الأبد، وسوف تنخرط بقية الأنظمة العربية والإسلامية في علاقات تطبيع، لتكون المنطقة كلها حقوق خَاصَّة للإمبراطورية الأمريكية بتاج يهودي تلمودي صهيوني يحقّق بها وعود تلمودية «أكاذيب» في حكم العالم، نعم كُـلّ ما يجرى هي أهداف صهيونية ماسونية تريد تفريغ جغرافيا فلسطين أَو بالأصح ما تبقى من الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية من سكانه الفلسطينيين.
من هنا استشعرت قيادة الثورة اليمنية، ومعها قيادات قوى محور المقاومة في إيران والعراق ولبنان وسوريا الأخطار المحدقة بفلسطين والأمة ومدى شراسة هجمة الإبادة على الشعب الفلسطيني، جاء الموقف اليمني الذي تصاعد في وجه الهيمنة الأمريكية الصهيونية بتصاعد المجازر في قطاع غزة وجاءت عملية اليوم في النقطة الحرجة والشريان الرئيسي الذي يمد إمبراطورية الشر والإجرام أمريكا وربيبتها الكيان المحتلّ وهو البحر الأحمر.
العملية لا شك أنها سوف تخلط الأوراق رأساً على عقب على كُـلّ المستويات ولن يتضرر منها الكيان المحتلّ فقط، بل الضرر سوف يصيب حلف الشر كله مع أنظمة الخيانة والتطبيع العربية، نعم اليوم الصمت والوجوم يهيمن على وسائل الإعلام الصهيونية والأمريكية والمواقف السياسية التي لم تكن تتوقع أن يصل اليمن وهو قوة أصيلة من قوى محور المقاومة إلى هذا المستوى من القدرات العسكرية وروح الشجاعة والإرادَة واتِّخاذ القرارات المصيرية، التي لخصها الليلة قيادي يمني بارز وهو المجاهد محمد البخيتي عضو المكتب السياسي الأعلى لأنصار الله في تصريح مختصر أدلى به عقب إعلان عملية الاستيلاء على السفينة الصهيونية (نحن لا نخاف ردود أفعال أمريكا وإسرائيل، نحن نخاف من غضب الله علينا، إذ لم ننصر أهل غزة».
عملية اليوم سوف تخلط الأوراق على الكيان الصهيوني الذي ربما كان سوف يوجه قصفه وعنفه وهمجيته على الشعب اللبناني والمقاومة الإسلامية في لبنان.
بعد عملية فرض اليمن حظر السفن الصهيونية في البحر الأحمر بقوة السلاح سوف يدرك الكيان الصهيوني ومعه أمريكا وتحالف الشر من أنظمة الخيانة العربية، أن قوى محور المقاومة تخبئ للعدو المفاجآت من مختلف الأسلحة التي هي كفيلة بهزيمة ليس إسرائيل لوحدها، بل هزيمة تحالف الشر الأمريكي وتوابعه أنظمة الخيانة العربية.
لا شك أن العدوّ يمر بمراحل صعبة جِـدًّا لم يألفها ولم يحسب لها حسابًا.
على الشعوب العربية والإسلامية في قوى محور المقاومة أن تواصل الزخم الجماهيري الهادر في كُـلّ المدن، فالمعركة مصيرية وحاسمة فلو انتصرت «إسرائيل» -لا قدّر الله- في هذه المعركة فهي هزيمة لكل قوى محور المقاومة، فلا نستهين بالأمر، نحن أمام معركة مصيرية، إما أن نكون أَو لا نكون، سوف ننتصر؛ لأَنَّنا على حق وغيرنا على باطل وضلال، على قوى محور المقاومة أن تواصل تصديها للمشروع الأمريكي والصهيوني بكل شجاعة وبسالة، ستنتصر فلسطين وتنصر المقاومة الفلسطينية رغماً عن أمريكا و”إسرائيل” وتحالف التطبيع والعار.