ثقافةُ الجهاد وفضلُ الاستشهاد
أحمد عبدالله المؤيد
على مدى أسبوع كامل من كُـلّ عام يقف الشعب اليمني بكل إجلال أمام محطة الشهداء، والتي يعزز من خلالها عشق الشهادة وَالاستشهاد، فيأخذ الدروس والعبر من شخصيات الشهداء العظام، ومن حضرتهم يأخذ المواقف العظيمة ويتسلح بسلاح الشهادة وَنعرف أهميّة الجهاد في سبيل الله.
فالجهاد في سبيل الله كان وما زال هو الحل الوحيد لدفع شر أشد الناس عداوة للذين آمنوا -اليهود والذين أشركوا- وتحت هذا العنوان العظيم والكبير والشامل كتب الله القتال على الأُمَّــة الإسلامية وإنْ كَرِهَتْ ذلك، إلا أنَّ فيه الكثير من الخير والعزة والحرية والنصر والظفر والوحدة والأخوة التي فقدتها الأُمَّــة عندما تخلت عن الجهاد في سبيل الله، وفي الجهاد يتجسد الصبر والثبات والعنفوان ويظهر بأس الله وتنكيله على سواعد “رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”.
ولعظمة الجهاد كحل وحيد لكف بأس الذين كفروا أمر الله نبيه محمد -صلى الله عليه وآله- بذلك مع تحريض المؤمنين، قال تعالى: “فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ، وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ، عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا”.
يعتبر القتال مع أعداء الله هو سنام الجهاد، والجهاد يحتاج إلى التضحية بالمال والنفس، ولهذا كره الناس القتال فدخل الله في صفقة بيع وشراء مع المؤمنين بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقْتَلون؛ لِيُحَطِمَ كُـلّ معاني الخوف من غرائزهم ويمحو قضية الموت من قلوبهم ويطمئنهم بأبلغ الجمل والكلمات “بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، بما توحي إليه من معانٍ وحقائقَ أنهم أحياء يرزقون، ونهانا عن القول أَو حتى الظن والحسبان النفسي بأنهم أموات، في دلالة واضحة على أن الله يريد من الأُمَّــة أن تمثل عزته وقوته حينما تقاتل عدوها، تقاتله بدون أن تحسب للموت أي حساب؛ لأَنَّه قد أُلْغِي الموت تماماً من قائمتهم، وبهذا تكون الأُمَّــة جاهزة وشغوفة للقتال والاستشهاد في سبيل الله تعالى وبمعنويات عالية وعوامل نفسية كفيلة بأن تخضع العدوّ وتركعه وتذله وتجعله يتقهقر ويتراجع وينهزم ويتغير واقع الأُمَّــة من الذل إلى العز، وتحقّق الحرية وتشعر بالكرامة وتقف شامخة كشموخ الشعب اليمني حينما تعرَّف أبنائه على عظمة الجهاد وفضل الشهادة في سبيل الله فتقافزوا في ميادين القتال بكل بسالة لأخذ وسام الشهادة فحقّقوا الانتصارات المتتالية منذ نشأة المشروع القرآني الذي أرشدهم إليه السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-.
لقد تحَرّك الشهداء الأبرار تحت عنوان الجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين وتحريرهم من الشر الأمريكي الإسرائيلي اليهودي، ولعظمة هذا المشروع أرخصوا له حياتهم وقدموا له أرواحهم، فكان عطاؤهم عظيمًا وليس له نظير، وبدمائهم تحرّر الشعب وتكونت دولة وجيش استشهادي يهدّد العدوّ الصهيوأمريكي قولاً وفعلاً ويضع تهديداتهم تحت قدميه.
إن الإنجازات العظيمة التي وصل إليها الشعب اليمني هي بفضل من الله أولاً وبفضل دماء الشهداء الطاهرة، وإن الاستمرار لتحقيق الأهداف والعناوين المثلى هي أمانة في أعناق من ينتظر بأن يتسلحوا بثقافة الشهادة وحب الاستشهاد في سبيل الله وألا يبدلوا تبديلاً، كما وصفهم الله في القرآن الكريم: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.