الأَسيران إبراهيم ونجم الدين المحاقري يرويان لـ “صدى المسيرة” مأساتهما في زنازِن مملكة قرن الشيطان
– الغزاة حاصرونا بعشر دبابات ابرامز و15 مدرعة لمدة 5 أَيَّـام وشيخ قبَلي باعنا للسعودية بـ 600 ألف ريال سعودي على كُلّ فرد
– نقلونا من صافر إِلَى معسكر شرورة بباصات كبيرة لمدة 11 ساعة ونحن مكبلو الأيدي بدون ماء ولا طعام
– أحد الأَسْـرَى أجبره الغزاة على تحديد منزله من خلال شاشة كبيرة وبعد أسبوع أخبروه أنهم قصفوا أسرته فأصيب بحالة نفسية
صدى المسيرة- همام الحمزي
وقع إبْرَاهِيْم المحاقري وشقيقُه نجم الدين المحاقرين أَسيرَين في قضبة جيش العدو السعودي.. وهناك في زنازين العدو لاقى صنوفاً شتىً من العذاب والمعاملة اللاإنسانية، . يسردانها في هذا التقرير.
الشقيقان يعانيان من مرض الكبد، يقولان إنهما تعرضا للأسر في محافظة مأرب وتم بيعهما من قبل مَشَايخ مأرب للسعودية إِلَى أن قبعا في سجون آل سعود، الأَمْـر الذي أثار استغراب واستحقار كُلّ يمني حُر، إذ كيف لشيخ قبيلة ينتمي إِلَى أصل الحضارة مأرب يخون أبناءَ وطنه ويبيعهم إِلَى مملكة البغي.
ويسرد الشقيقان قصة أسرهما بالقول:
“كنا مرابطين في منطقة الزور فانقطع علينا المدد من مواد غذائية وذخيرة؛ وذلك بسبب القصف والتمشيط بطائرات الأباتشي للعُـدْوَان السعودي الأَمريكي، وكان الضرب علينا عنيفاً جداً، والحمد لله لم يصيبنا مكروه، وأَكْثَر جروح جرحانا بسبب مخلفات الأباتشي (المعابر الفارغة)، حيث كانت تتساقط علينا مثل المطر، فصمدنا بقوة الله وتم حصارنا بحوالي 10 دبابات (ابرامز) و15 مدرعة إمَـارَاتية، واستمر الحصار 5 أَيَّـام ثم انسحبنا إِلَى جوار معسكر كوفل، وكان ذلك بعد المغرب فتقدموا إلينا من كُلّ الجهات فلم نستطِع المقاومة بسبب نفاد الذخيرة وتم أسرنا في تأريخ 10/10/2015م.
ووجّهت تهماً كثيرة لأبناء المحاقري، وأول كلمة قالها المرتزقة: أَنْتُمْ روافض مجوس تقاتلون مع إيران. ثم عاهدونا بعهد الله أنهم لن يسلمونا للإمَـارَاتيين أَوْ للسعودية.
ويواصلان الحديث قائلين: “تم نقلنا إِلَى المبنى الحكومي لمدة ثلاثة أَيَّـام وبعدها نقلونا إِلَى صافر، وَفي لحظة نزولنا من سيارة النقل الكبيرة كان عددنا حوالي 40 أَسيراً من مواقعَ مختلفة، اندهشنا من ما رأينا، كانت الدبابات والمدرعات حولنا بشكل دائري رغم أننا مكبلو الأيدي إِلَى الخلف، رأينا أَيْضاً امرأة ورجلاً إمَـارَاتياً نزلا من مدرعة معاً، مما يدل على ممارسة الفواحش والعياذ بالله، وتم بيعُنا هناك بـ600 ألف ريال سعودي على كُلّ فرد، أما المعاملة فكانت قاسيةً جداً حتى كدنا نفقد الوعي من شدة العطش، فقال أحد الأَسْـرَى لجندي “نشتي ماء” احنا عاااطشين، فما كان من الإمَـارَاتي ألا أن وضع الأَسير منبطحاً على الأَرْض وقام بالتبول على وجهه وقال له “إشرب يا مجوسي يا رافضي”، ثم نقلونا إِلَى معسكر شرورة بباصات كبيرة لمدة 11ساعة ونحن مكبلو الأيدي مع تغطية أعيننا بدون ماء ولا طعام، وبعد ثلاثة أَيَّـام من وصولنا معسكر شرورة نقلونا بالطائرة إِلَى قاعدة خميس مشيط الجوية وفيها قاعدة (جبل الصخر) وهي قاعدة أَمريكية لصواريخ من نوع “كروز”، واستمر تحليقنا بالطائرة لحوالي أَرْبَع ساعات وكانوا يوهموننا أن المسافة بعيدة.
تعذيبٌ متوحشٌ ومتنوع
أما المعاملة في سجن آل سعود فيرويها الشقيقان بالقول: “كانت معاملتهم لنا في أول أسبوع معاملة جيدة وبعد الأسبوع الأول أحسسنا كأننا بين أيدي إسْرَائيْليين ولكن بلُغة عربية، كان هناك تعذيب بالكهرباء، وبالضرب بالعُصي القوية، والأسلاك الكهربائية، وتعذيب نفسي حيث كانوا بعض الأَيَّـام يقولونا لنا: بكرة “إعدام”، ولكنني أقول لهم: ” وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، وبعد كلام الله كان الجندي يضربني بكل قوته إِلَى أن يتعب، وفي مرة من المرات استخدم شخصاً اعتقد أنه بنغالي أَوْ هندي استخدموه لضربي، ولكن هذا “عامل النظافة” قلبه رحيم فلم يستطِع ضربي أَكْثَر من ضربتين فقام الجندي السعودي بوضعه بجانبي وضربه معي”.
وبالنسبة للطعام المقدَّم لهما يقول المحاقري: “نحمد الله على النعمة ونشكره على فضائله، وجبة الصباح والمساء عبارة عن واحد رغيف وحبة جبن مثلث مع طاحونية وبعض الأحيان حبة زيتون، أما الغداء كان عبارة عن صحن صغير أرز وصحن مشكّل خضروات ولم نكن نأكل المشّكل كنا نأكل الخبز مع قارورة ماء سعة 330مل يعني بحجم قلص شاهي وبعض الأَيَّـام نأكل الرز بجانب الخبز وفي كُلّ جمعة حبتين إِلَى ثلاث حبات عنب أَوْ واحد موز لكل أَرْبَعة أَشْخَـاص، حصل معنا موقف مضحك ومبكٍ في نفس الوقت، كان معنا مجاهد من أبناء بني حشيش وهَذِهِ المنطقة مشهورة بزراعة العنب فكان يأخذ الحبة العنب وعيناه تدمع ويضحك ويقول: في البلاد كنت بعد الغداء أكل عنقادي عنب نصف كيلو لوحدي”.
وُضع نجم الدين المحاقري في زنزانة انفرادية ويقول عن هذا الوضع: “أولاً هناك فرق بين زنزانة وسجن انفرادي، السجن الانفرادي هو عبارة عن غرفة كأنها صندوق، ارتفاع وطول وعرض متر واحد فقط لا نوم وَلا تستطيع رفع يديك، حتى قضاء الحاجة تقضيها في مكانك، أما الزنزانة هي عبارة عن غرفة صغيرة فيها سرير ومرحاض مشترك”.
ويواصل القول: “الطعام نحمد الله ونشكره، كنت مريضاً بالكبد وكانوا يتظاهرون بحسن النية تجاهي ويتعاطفون نحوي، وكانت وجبتي الصباح والليل نفس وجبتي العنابر الأُخْــرَى، لكن الغداء في البداية عبارة عن كبسة وَواحد رغيف فكنت أرفض الكبسة واكتفي بالخبز والماء وبعد فترة كان الغداء بروست وواحد رغيف، أَيْضاً رفضت البروست واكتفيت بالخبز والماء، فكنت أشعر بالخمول وتراخي الجسم حتى وصلت إِلَى درجة عدم القدرة على تحريك أصابع يدي، ومن دون قصد مني ضغطت على قارورة الماء وهي مغلقة فلاحظت أن الماء يخرج من الجنب وقمت بالدهس عليها وكان يخرج أَكْثَر فأيقنت أنهم وضعوا مادة لا أعلم ما هي في الماء بواسطة حقنة، وعندما كنت أخرج إِلَى الحمام كنت اخبئ قارورة فارغة واقوم بتعبئتها من مياه الحمام وأعود إِلَى الزنزانة”.
ويضيف المحاقري قائلاً: “طبعاً كان مرضي في بدايته وكان التعذيب قاسياً جداً، تعذيب بالضرب وتعذيب آخر هو الجلوس في الأَرْض دون أن يلمس ظهري الجدار وكانت الكاميرات تراقب إذا لمست الجدار يدخل العسكري ويضربني بعنف، والتعذيب بالبرودة كانوا يشغلون المكيفات إِلَى أقصى ما يمكن من برودة ويضعونني على السيراميك لمدة ساعتين أَوْ ثلاث ونصف جسمي الأعلى عاري ويصبوا عليَّ ماء مثلج، مما أدى ذَلك إِلَى اصابتي بمرض آخر “التهاب الرئة”، أَيْضاً التعذيب بالكهرباء وقبل أَوْ بعد التعذيب بالكهرباء يصلبونني مستقيماً لمدة أَرْبَع إِلَى خمس ساعات، وبعدها صلب رأس على عقب يعني رأسي للأسفل وارجلي للأعلى، مما ادى هذا كله إِلَى اصابتي بالتهاب شديد في الكبد وفقر حاد في الدم وتم نقلي إِلَى المستشفى، وَخلال نقلي كنت على سرير الاسعاف وأثناء إخراجي من الزنزانة إِلَى سيارة الاسعاف كنت افتح عيني بشكل قليل جداً وعلى أساس أنني فاقد للوعي ورأيت شاشة عملاقة جداً مقسمة إِلَى مربعات صغيرة لمراقبة عنابر السجناء ورأيت أَيْضاً غرفة العمليات وأثناء ما كنت في المستشفى كان هناك دكتوران وبينما هما يسألاني عن أمراضي كان سبعة جنود مسلحين بأحدث الأسلحة يدورون حولي. طبعاً هذا من رعبهم وخوفهم رغم أني مكبل الأيدي والأرجل وبعد حوالي خمسة أَيَّـام من العلاج في المستشفى رجعت إِلَى السجن مع المجاهدين الآخرين وقضيت حوالي أَرْبَعة أشهر على كرسي متحرك.
كتب الله أجر المجاهدين خَـاصَّـة الذين تعبوا في مساعدتي من غسل للملابس وحملي من وإلى سرير النوم، وأُخْــرَى إِلَى دورة المياه وغيرها من المتاعب التي كنت أخجل من أن أطلب منهم طلب. لحظة لحظة.. تذكرت.. أثناء ما كنتُ في الزنزانة بمفردي وقبل نقلي إِلَى المستشفى احضروا لي ما “يسمى” بدكتور ليقوم بفحصي وبعد الفحص قال: عندك فقر دم وإن شاء الله يسبب لك جلطة وسرطان.. هكذا تمنى الدكتور.
سورة يس والأذكار كانت تغيظهم
أما بشأن معنوياتهما يقول المحاقري: “الحمدُ لله والشكرُ لله، كنا نرفع معنويات أنفسنا بأنفسنا بالاستغفار والتسبيح لله بصوت مرتفع وجماعي بعد كُلّ صلاة وكانوا يشتموننا بقولهم: اسكت يا مجوسي لا تسبح وتستغفر بصوت مرتفع، استغفر مع نفسك” كيف مجوسي يستغفر ويسبح لله! وكنا لا نبالي بشتمهم لنا، أما بين صلاة المغرب والعشاء كنا نقرأ سورة ياسين بصوت مرتفع وجماعي، وهذا أَكْثَر ما يغيظهم بجانب إغاظتهم عندما نقول لهم في التحقيق: انتو لستم أعداءنا، أعداؤنا هم أَمريكا وإسْرَائيْل”.
وكان الأَسير البطل إبْرَاهِيْم المحاقري أَكْثَر الأسرى يتم التحقيق معه في زنازين المملكة، ويقول إبْرَاهِيْم حول هذا السبب: “أنا من أَكْثَر الأَشْخَـاص، بعد أن ينادوا باسمي للتحقيق كنت أمشي مكبل الأيدي والأرجل وخلفي جنديان وأسلحتهم مفتوحة على ظهري وأنا أردد في نفسي (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون)، كانت الأسئلة تافهة مثل سخافتهم، أين عبدالملك الحوثي؟ أين مخازن السلاح؟ كم مدة تواجدك وقتالك مع الروافض؟.
وفي جلسة من جلسات التحقيق قال لي: أين علي صالح؟ قلت له: افتح التلفزيون وعتشوفه قدامك، فغضب مني وعذبني بالكهرباء.
وسألني سؤال حقير في جلسه أُخْــرَى، قال: عندكم زواج المتعة؟
فقلت له: قال تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ).
وسألني أيضاً: ما هو دينك!!!!!؟ لم يقل ما هو مذهبك!
وكنت أتمنى أن يسألني عن عبدربه أَوْ شرعية حتى يكونوا صادقين مع أنفسهم ولو لمرة واحدة.
وأنقل لك حادثة مؤلمة حصلت لمجاهد من أبناء دار الشريف “أعانه الله وشافاه”، أثناء التحقيق معه والتعذيب بالكهرباء في نفس الوقت كان أمامه شاشة كبيرة جداً وفيها خريطة صنعاء مثل خريطة المرور وكانت واضحه جداً جداً وبعد أن حددوا قريتهم سألوه: أين بيتكم؟ وتحت التعذيب الذي لم يتحمله اعترف وحدد لهم البيت، وبعد حوالي أسبوع أتى ضابط سعودي وقال له: أمس قصفنا بيتكم!!!
فكانت صدمة كارثية علينا جميعاً وجنّ جنون ذاك البطل وكان يصرخ ويكرر بأعلى صوته: ودفت بأهلي.. ودفت بأهلي، وفي اليوم الآخر أصيب بمرض نفسي “حسبنا الله ونعم الوكيل”
ويواصل المحاقري: “ومن شدة القسوة والمعاناة الصعبة في السجن كتبتُ أبياتٍ متواضعةً، قلت فيها:
يا سلامي صدَر من داخل العنبر
واعلنوها حرايب جَو والا بَر
بايجي يوم نخرج ونتحرر
ندحر الكفر والطاغوت والمنكر
سيدي لا تبالي من مواقفنا
إدعي الله في الجبهات ينصرنا
بانسوي متارس من جماجمنا
ونخوض المعارك وانت قايدنا
وقبل الإفراج عنهما قال المحاقري: “قبل فك أسرنا وكنا تحت أيديهم أتى مسؤول في جيشهم وقال لنا: اعذرونا يا جماعة على أي تقصير أَوْ أخطاء مورست في حقكم وأتمنى أن لا تحقدوا علينا، فنحن إخوة وهذه سُنَّة الحرب الأَسر والسجن ويذهب فيها الأبرياء… إلَخ.
وقلنا له بصوت واحد حسب ما اتفقنا: اللهم إنا نتولاك ونتولّى رسولك ونتولّى الإمام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين ومن أمرتنا بتولّيهم سيدي ومولاي عبدالملك بدرالدين الحوثي.
الله أكبر
الموت لأَمريكا
الموت لإسْرَائيْل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام.