“طُــوفان الأقصى” إلى البحر.. هكذا “إسرائيلُ” المُحاصِرة غدت مُحاصَرةً!
ياسر مربوع
للتأريخ أبواب كثيرة، بعضها للدخول إليه، وأُخرى للخروج منه، وقد فتح التاريخ أبوابه عنوةً لليمنيين وقائدهم السيد، يدخلون من أنَّى شاءوا إليه، حين نابوا عن العرب وسطروا المواقف العملية المشرفة مع مظلومية الشعب الفلسطيني، فيما اتسعت أبواب الخروج من التاريخ للعرب الراقصين على جثث الضحايا، والعرب الصامتين عن المجازر، والعرب المحايدين، واتسعت أَيْـضاً للعرب المطبعين مع الكيان المجرم، سالب الفلسطينيين أرضهم وأرواحهم.
لم تُقِم إسرائيل وزناً لأحد، لا قرارات أممية ولا قوانين دولية، ولم تكترث لشعوب العالم المطالبة بإيقاف المذابح في القطاع، ولم تولِ القمم العربية المنعقدة اهتماماً يذكر، لكنها ريثما أدركت أن السيد القائد قد نقل الطوفان من البر إلى البحر وأوصد باب المندب في وجه سُفنها، تنازلت عن غرور القوة واستكانت للمفاوضات والسلام.
لم يعدم اليمن طريقةً لنصرة غزة رغم لعنة الجغرافيا، فحين لم تردعها المسيَّرات والصواريخ التي ضربت “أم الرشاش” إيلات عن جرائم الحرب في غزة، كانت الخيارات تتسع على طاولة القوات المسلحة اليمنية، فلم يكتمل نصاب الأسبوع من تحذير السيد القائد لسفن الكيان الصهيوني في باب المندب، حتى اقتادت القوات البحرية اليمنية سفينة “جالاكسي ليدر” المملوكة لأحد أثرياء اليهود وأحد المقربين من الموساد “رامي أنغر” إلى ميناء الصليف في الحديدة، وهي عمليةٌ صنفها فقهاء السياسة والراسخون في العلوم العسكرية أنها استراتيجية، أصابت الوتر الحساس لدى الكيان الغاصب، فبادر بقبول هدنة إنسانية كان قد قوضها من قبل، ووافق على إدخَال المساعدات بعد أن استبدَّ في الحصار، وفتح أَيْـضاً أفقاً للمفاوضات مع المقاومة الفلسطينية، وهو الذي كان قد رفض إيقاف الحرب قبل أن يجرد غزة من مقاومتها، ويجرد المقاومة من سلاحها، ويستعيد الرهائن.
وإن كانت الهدنة الأخيرة قد جاءت تتخفى في ثياب الدبلوماسية، على اعتبار أن جهوداً ثلاثية قامت بها الخارجية القطرية والمصرية والأمريكية، قد أفلحت في خلق هدنة مؤقته ونجحت في تثبيت وقف إطلاق النار، إلّا أن جوهرها الحقيقي هو العملية التي قامت بها القوات البحرية في الجيش اليمني، فـ “إسرائيلُ” تعرفُ جيِّدًا تبعات ما سيلحق بها من تضخمٍ اقتصادي إن سلكت سفنها طريقاً غير الأحمر.
والشيء الغريب الذي تندهش منه الدهشة نفسها هو حديث واشنطن عن أن انتهاكاً صارخاً أصاب القانون الدولي؛ بسَببِ سيطرت البحرية اليمنية على سفينة صهيونية، واشنطن نفسها هي التي منحت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني لارتكاب المحارق بحق الفلسطينيين وتناست أن القانون الدولي هو واحد ممن قتلت إسرائيل في حرب غزة.
لقد جاء بالسيد القائد قدراً ليذيق إسرائيل بعضاً مما أذاقته للفلسطينيين، هكذا يقول العالم الحر ومعه الفلسطينيون أنفسهم، وهكذا وجدت إسرائيل نفسها بين ليلةٍ وضحاها مُحاصَرة بعد أن أوصد السيد القائد باب المندب في وجه سفنها التجارية، شريطة أن يتوقف العدوان ويُرفع الحصار عن غزة.