رِجَالٌ صَدَقُوا
أم المختار المهدي
قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ).
من إيمانٍ صادقٍ، ووعيٍ ثابتٍ، وعقيدةٍ راسخةٍ، هب رجال الله إلى ساحات الوغى مضحِّين بدمائهم وأرواحهم، وعاهدوا الله على ذلك وصدقوا بعهدهم -سلام الله عليهم- وببركةِ تضحِياتهم نواجه أعتى عدوانٍ عرفه التاريخ بصمودٍ أُسطوري منقطع النظير، وبفضلهم نعيش اليوم ما نعيشه من عِزٍ وكرامةٍ وطمأنينةٍ وأمن.
الشهداء -سلام الله عليهم- هم من نصروا الدين، وأعلوا كلمة الله، وجسَّدوا قرآنه، وأقاموا الحق، ونشروا العدل، وتحَرّكوا بكلِ صدق في الدفاع عن شعبهم وأمتهم ضد الباطل والظلم والفساد والطغيان، وكسروا شوكة الظالم، وأفشلوا مخطّطاته في السيطرة على الأرض والإنسان، أبوا الانكسار، وثبتوا في جهادهم رغم شحاحة إمْكَانياتهم، وتفانوا واستبسلوا في تضحياتهم.
في سيرة التاريخ يُعظِّم الناس من ضحوا؛ مِن أجل حريتهم ويستذكرونهم في كُـلّ سعادةٍ وكل نصرٍ ورخاء؛ لأَنَّهم هم السبب في كُـلّ هذا، الشهداء لهم ميزتهم ومكانتهم العظيمة والرفيعة ويمتازون بكرامة عند الله وعن خلقه.
من الواجب لهم أن نحيي ذِكراهم ونُخلِّد سيرتهم جيلاً بعد جيلٍ؛ لأَنَّهم أعظم مدرسة سطَّروا فيها أروع أمثلة في الصبر والعطاء والتضحية والفداء، منهم نستلهم أعظم المواقف والدروس والعبر، ومن محطَّة أخلاقهم وقيمهم ومبادئهم نتزود العزم والثبات.
من الوفاء لهم السير على نهجهم ومواصلة ثقافة الجهاد والاستشهاد بأرواحنا وأموالنا، وتفقد أسرهم والاهتمام بهم ورعاية أبنائهم.
فسلام الله عليهم يوم وُلدوا، ويوم استشهدوا، ويوم يُبعثون أحياءً، السلام عليهم بصبرهم وصمودهم.