الصهيونيةُ العربية في تبنِّي الخطاب
علي رقبان
منذ بدء معركة “طُـوفان الأقصى” المجيدة نرى بعض الخطاب العربي بشقَّيْهِ: الإعلامي والشعبي يتبنى سردية العدوّ الصهيوني وأساليبه وهذا أمر جلل وليس بهين، حتى إن معركة “طُـوفان الأقصى” جاءت لتصحح المفاهيم التي كانت مغلوطة وأصبحت تتداول بشكل طبيعي مثل علاقات التطبيع والتعاونات والاتّفاقات وتوضيح الحدود الجغرافية والدينية وغيرها، ولكن مع هذا التصحيح المصاحب، ما زال البعض يتبنى سردية معادية للقضية الفلسطينية وأية قضية مرتبطة بها من بعد السابع من أُكتوبر، ومن هذه السرديات المغلوطة:
1- حماس شنت الحرب أولاً على إسرائيل:
ويكفي حماس فخراً في هذا، لكن الرواية الصحيحة أن العدوّ المحتلّ قد قدم إلى أرض فلسطين وأعلن أن له دولة في أرض فلسطين المقدسة منذ العام 1948م، وارتكب العديد من المجازر والإبادات والانتهاكات، بينما حماس ما هي إلَّا نتاج مقاوم لهذه التصرفات الإجرامية من قبل العدوّ، وحماس كحركة أسست في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي؛ أي بعد أربعين عامًا من القتل والترويع الصهيوني، أما ما قبل السابع من أُكتوبر بالتحديد فقد قام العدوّ المحتلّ بالعديد من الانتهاكات قبل هذا التاريخ بأيام من اقتحام للمسجد الأقصى من قبل مستوطنيه والقيام بالاعتقالات للفلسطينيين وعمليات القتل والقنص لهم، فجاء الرد من أبطال المقاومة على هذه الأحداث.
2- حماس تتلقى الدعم من إيران:
وكأن هذا شيءٌ محرَّمٌ أَو فيه منقصة بحق حماس أَو إيران، فلا والله إنه للفخر والعز في أن تكون عدوًّا للمحتلّ الصهيوني أَو تعين أية حركة مقاومة لهذا العدوّ المحتلّ، لكن الرواية الصهيونية جعلت من إيران العدوّ ومن إسرائيل الحليف.
3- حماس منظمة إرهابية:
فترى الهجوم على حركة حماس وربطها بالإرهاب المصطنع من قبل أمريكا لأمر يدعو للضحك، حيثُ إن حماس تحارب المحتلّ صنيعة الغرب أمريكا وبريطانيا، ويتم اتّهامها بالإرهاب مثل داعش والقاعدة الصنيعة الأمريكية الصهيونية.
وهذه من أبرز الاتّهامات لحركة حماس التي يتم تبنيها للأسف في بعضِ الأوساط العربية والذي وجب القول فيها إنها عبرية أَو صهيونية، وقد نراهم يستهزئون أَو ينتقدون الموقف اليمني المشرف والقوي مثل الضربات الصاروخية واحتجاز السفن والدعم الكامل للمقاومة، ولا نراهم عندما تدك منازل المواطنين في غزة أَو الدعم الغربي بالأسلحة للمحتلّ أَو تواجد البارجات والغواصات الغربية والقواعد الأمريكية في المنطقة، فتراهم يصمون آذانهم ويلجمون ألسنتهم، والله إنهم لبئس القوم، يسيرون بيننا ويتكلمون لساننا ويدخلون مساجدنا ومدارسنا، حَيثُ أطفالنا ولهم منابر إعلامية تبث السموم فمثل هؤلاء قد وصفهم الله بالمنافقين في زمن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قال تعالى: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ، فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ، أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ، وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ صدق الله العظيم.
فألسنتهم حادة على المؤمنين فقط وعلى قضاياهم، وهم في الخير والجهاد أشح الناس، وقد حبط عملهم، والله غالبٌ على أمره.