كانوا وكُنا.. وفي نصرة القدس عُرِفَ كُـلٌّ منا
كوثر العزي
طريقان لا ثالث لهما: إما الباطل أَو الحق، نور أَو ضلال، عداء أَو ولاء، تيه في الدنيا وضياع، أَو حقيقة وجود وإدراك العيش بحرية، وعداً ووعيد، فوز أَو خسارة، جدارة العيش في وطن يعج بالنصر، أَو المكوث في حضائر الأنعام، مجاهد في سبيل الله، أَو عبد في سبيل الطاغوت.
طبيعتنا كبشر نحنُ مخيرون لا مسيَّرون، فمنا مَن اتبع طريق الحق وجاهد في الله حق الجهاد، وناصر المظلوم ولبى نداء الله، ومنا من اتبع الباطل وبات مقيداً يسيرُ وفق خطط ومبادئ الغزو وفرض تغير العادات في دائرة الاحتلال.
شتانَ ما بين إنسانيتكَ كإنسان، وطريق الجشع الذي يرقد بعمق النفس، فرق شاسع بين الارتزاق والتصهين مقابل لا شيء، والعيش تحت الحصار وحرب مقابل سيادة وطنك وعيش شعبك في رغد الكرامة، لا مقارنة بين حملك للسلاح مدافعاً عن أرضك وعرضك وشرفك من الدنس الخارجي، والحفاظ على نقاء وشرف كُلاً منهما، وبين أنك تعيش على محض الإهانة، وبالتهميش تغوص، تتعايش في قارعة القذارة التي يتعايشها المحتلّ بشكل عام، ما الفرق بينك أنت وبين ذلك الحيوان الذي ينتظر الأمر ليبيع أرضه مقابل شيء لا يُذكر؟!
من المؤلم أن ترهن وجودك بيد أحدهم، تراثك وتاريخك، وطنك وشعبك، تساوم في هُــوِيَّتك الإيمانية، وتطمسها لتعيش بهُــوِيَّة ترضيهم هم، تتحَرّك قيد ما يشاؤون وكيف ما أرادوا، أن تصبح في قائمة السمع والطاعة، لـ “أُولي الأمر منهم”.
بطبيعة الصراع البشري، تجدُ البائعين كُثْرًا، والسلع باهظة الثمن، والثمنُ بخس، كمدرسة في وطنه، كحلم طفل، أَو عناق أم، أَو عيش أسرة تحت سقف واحد، كبيع شعب وحصاره، وطنية كذابة، أن بيع نفسه جندياً، ويقاتل أبناء وطنه ويصفهم بالمرتدين، مناصراً للباطل ضد الحق، ويتوهم بأن الحق مع المعتدين.
بالأمس ساند الارتزاق تحالف الإجرام، وموله بالمعلومات، وشبعه بجنودٍ تملأ الجبهات، ألوية وفيالق، جُلهم كلابُ تلهث خلف الأموال، تغريهم كثرتها، وتنسيهم من هم ولما خلقوا على الأرض، ويصبحون بلا عقول، منومين مغناطيسياً، يستهدف العدوان أطفال وتجمعات سكنية، فينشر قائلاً، قضينا اليوم على جماعة تتبع الحوثي تقوم بترهيب المواطنين، فيعلق الذباب الإلكتروني مناصراً، الحوثي يجبر الأطفال على القتال، فيبدأ الآخر بقول افتراء جديد كالحوثي يقصف مكة، وعليها المطابخ القذرة تبدأ بطبختها الجديدة لتذوقها من شاء أن يؤمن بِتُرَّهَاتِهم، شعارتهم الإعلامية كانت دائماً قادمون يا صنعاء، أَو نحن في جبال مران، أَو على الحدود، مر العدوان بأعوامه التسع، والعملاء ما زالوا بقرون الشيطان متمسكين، خسروا مع تحالفهم الرهان وعادت اليمن قوية بعد عُسرة الحصار، عاد التصنيعُ يمنياً، والجيوش حيدريةً، تسع جعلت من الطفل شاباً يتوق للقتال، ورجالاً كالأسود يحمون العرين، وكما أنها تسع عجاف، على من يسكنوا فنادق الرياض ويعيشون عيشة البهائم، علمتهم كيف الهروب بلباس النساء، وكيف لك أن تصبح زوجة الوزير، وكيف لك أن تضع طلاء الأظافر وترتدي الخمار، تسع سنوات كنا وهم كانوا، تربى رجالنا على يد القائد، وعلى أهميّة القضية ومناصرتها، جنداً تحت الولاء العلوي، في معسكر المسيرة متجندون.
واليوم تم الإعادة في القدس وبشكل أكبر، مجازر مدمية، وغارات مكثّـفة، مقصدها البشر وَالشجر والحجر، ليعرفَ حينها كُـلٌّ مَن سيناصر ومن سيحايد، من سيخاف من أمريكا وتهديدها ومن سيرمي التهديد عرض الحائط، من سيجاهد نصرةً لها، حتى وإن كان يقبع تحت الحصار، ومن يستكثر تغريدة استنكار بما يقوم به العدوّ الإسرائيلي بحق إخواننا في غزة، من منا بعد التسع يثبت نفسه، من الأجدر بحكم اليمن وجعلها عصيةً وإعصاراً على من سولت له نفسه بالتمادي وقطع اليد إن طالت!
فَاليمن اليوم بقيادتها تهدّد العالم، فإن عاشت غزة عاش العالم وإن حوصرت سيعيش العالم الحصار، فالمندب في يد اليمن بقيادة السيد القائد، وضبط جلاكسي خيرُ مثال، وويل إسرائيل أن أكثرت الفساد، سيصب الأنصار عليها سرباً من الطائرات ترميهم بصواريخ من عذاب، وتجعل الأبجدية تكتب ويلات بدلاً عن إيلات.
وبعد أن صعد أبو عبيدة على منبر نقل البشائر والمسرات، وشكر اليمن واليمنيين على الوقوف بصف القدس بِكُل شجاعة واستبسال، وتحديهم للجغرافيا، وتقريب المسافات بالمسيَّرات، وجعل التاريخ يشيد بالموقف اليمني، وبات حديثُ اليوم، تلبيةً لـنداء الجهاد، نهق الحمار من كان كلاب البارحة من سُكان الفنادق في الرياض، وأبدوا سوء انزعَـاجهم من البيان، وقالو هذ افتراء وما كانت سوى خطة بين الحوثيين وحماس، واليوم حماس تقبع في مصطلح المجوس والروافض الذين رفضوا أن يكونوا عبيداً تحت حذاء اللوبي الصهيوني، فَما كان التفسيرُ سوى سوء عاقبة الختام، وخسارة الرهان، ورفع الستار، وسقوطٍ مدوٍّ للأقنعة، ضج السقوط أنحاء المعمورة، وَاتضحت الحقائق، وعُرف من المرتزِق البائع، ومن هم أنصار الحق والقضية، فالقدس واليمن خطان يلتقيان في محراب الشهادة، ويلتقيان في مشروع الجهاد، فكانوا وكنا نحملُ نفس الجنسية اليمنية، لكن بنصرة القدس عُرف كُلٌّ منا.