على صعيد الفعل وما يليه

 

أمة الملك قوارة

تليه سفينة إسرائيلية بامتيَاز، وبحر يمني بامتيَاز، سبقه أطول هجوم بالستي أرضي على الإطلاق، وهنا تأتي الأفعال اليمنية لتُثبت الأقوال اليمنية، وتلك الأفعال إنما لا زالت في المرحلة الأولى لها بتخطيط استراتيجي وتحَرّك مدروس وفي سياق تربية الطغاة، وكبح جماح إجرامهم ودمويتهم، وعندما ظهر ذلك الخطاب الذي دار معركة لمدة تسع سنوات ضد تحالف دولي بكل همجيته وعنجهيته التي لا تختلف عن همجية العدوان الصهيوني، وفي خطابٍ تحقّق مغزاه على أرض الواقع كُـلّ مرة، هنا يجب الحذر منه إذَا تكرّر؛ لكنه تكرّر اليوم بلهجةٍ أشد وأقوى وتكمن تفاصيل ذلك الخطاب ضمن معادلة خارج حدود المنطقة وضمن “قلب” معادلة القضية المركَزية للأُمَّـة وبطراز عملي وعوامل قوة أَسَاسها قوة الإيمان بالله.

وفي بداية تدشين أسبوع الشهيد يخرج -السيد القائد- بخطاب موسع للثورة اليمنية على الباطل والظلم، خطاب بكل تفاصيله يدشّـن بداية مسارات لمرحلة قادمة مختلفة تماماً عن سابقيتها لا تمثلها عملية أَو مجمل عمليات بقدر ما سَيُغير واقع بمجمله!

لم يعد البحر الأحمر صالحاً لمرور السفن الإسرائيلية، وتلك السفن التي تدعم الكيان الصهيوني أيًّا كانت وأيًّا كان موطنها، وهنا الرسالة موجَّهة لأنظمة الانبطاح المسارعين إلى الدعم والمساندة وكذا دول الغرب التي بَنت سيادتها من نهر دماء ومصادرة حقوق الشعوب وتقف داعمة أَسَاسية للإجرامية الصهيونية؛ لذا ليس من اليوم بل من المفترض من بدء خطاب القيادة على الجميع أن يكون حَذِرًا في التعامل مع الكيان الصهيوني وخالياً من الارتباط بمصالحه إذَا أراد أن يمر بسلام من ممرات وطرق تسيطر عليها اليمن، وهنا يكمُن مآلُ التحَرّك العملي اليمني. ومن قبيل أن يعرف العالم جدية المرحلة القادمة يجب عليه أن يعي أن كُـلّ الممرات المائية الواقعة ضمن الأراضي اليمنية ومضيق باب المندب تتبع السيادة اليمنية التي لها الحق المشروع في إدارتها والسيطرة عليها وبما يحقّق معنى سيادتها التي تُعتبر جزءًا من سيادة الأُمَّــة، وبما يحفظ أمن الملاحة البحرية التي باتت لعقود تحت هيمنة قوى عالمية ألا تهتم سوى بمصالحها وما كان من مصالح الشعوب الأُخرى فليذهب أدراج الرياح إن لم تستولِ عليه هي! وما كان من اعتراض السفينة الإسرائيلية واحتجازها كان ذلك رداً مدوياً لما يحصل من انتهاكات في غزة وقد قالها السيد القائد: إن الخيارات مفتوحة حتى يتوقف العدوان على غزة والخيار للكيان، والخيار أَيْـضاً لمن يدعمه ويسانده!.

إن الخيارات مفتوحة والمؤهلات موجودة سواء تلك العسكرية الحربية، أَو الاستخباراتية أَو الخَاصَّة بالرصد والتتبع، هذا ما كشفته القوات المسلحة اليمنية، والذي غاب عن البوارج والأساطيل الأمريكية وأجهزة استخباراتها التي باتت تحَرّكاتها في المياه الإقليمية تخدم الكيان وتحميه بامتيَاز، وكذا عجزت عنه الأقمار الصناعية الإسرائيلية وهذا ما يثبت قول الله سبحانه وتعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْـمُؤْمِنُونَ}.

إن الأحداث تخاطب عقول المؤمنين أيًّا كانوا ضمن هذا العالم وتوجّـههم نحو المسار الذي يجب أن يتبعوه وتكشف لهم مدى فعالية التحَرّك العملي الممزوج بقوة التوكل على الله، وعلى تلك الرهبة من قوى الظلم والطاغوت أن تزول من قلوبهم وتتحول إلى رهبة وخوف فيما إذَا قصَّروا في مسؤولياتهم أمام الله وفي قضايا الأُمَّــة، وهذا هو التوجّـه الذي سلكته القيادة اليمنية مع شعبها والتوجّـه الذي ستُحقّق به العزة والكرامة والأمان والفلاح.

إن الإيمان هو سلوك فعلي وليس مُجَـرّد قول لا يمت للحقيقة بصلة! وعلى سبيل تحقيق المسؤولية على كُـلّ فرد في الأُمَّــة أن يصحح مساره ويحقّق إيمانه عمليًّا ويعيش ضمن قضاياه الكبيرة ويقف في اتّجاه الحق وضمنه خُصُوصاً في هذه المرحلة التي يتعطش فيها الأحرار للعزة بعدما أصاب الأُمَّــة من ذل.

++++

فِيْ ذِكراهُم العطِرة نَحصُدُ مَا زَرعوهُ بدمائهم

إقبال جمال صوفان

نعيشُ هذه الأيّام في حضرةِ أسبوع الشّهيد الذي يُجدد فينا كُـلّ القيم الجهادية والمبادئ القرآنية الحقّة، ها نحن نُشيد بالشُّهداء العُظماء في كُـلّ زمانٍ ومكان وليسوا بحاجةٍ لذلك ولكنّ بطولاتهم تفرضُ علينا وتُلزمنا بسردِ كُـلّ تفاصيلهم النيّرة، عيش ذكرياتهم الباقية، والاحتفاظ بوصاياهم السويّة، يهبطون ضيوفاً أعزاءً على بساطِ أرواحنا، يُنعشون قلوبنا، بمُجَـرّد النظر إليهم نستعيد شغف الحياة ونتزود بوقود الصّبر والثّبات، صفحات الأرض جميعها لا تكفي للحديث عنهم لا تفيهم قطرة واحدة من بحرِ تضحياتهم الثّمينة المُخلصة النقيّة.

نأتي لربط الماضي بالحاضر وهو أن أقوال خطابات وكلمات جميع الشُّهداء لا تخلو من “تحرير القُدس” وأنَّ فلسطين هي قضيتنا الأولى دون جدال، وفعلاً بدأوا بذلك، وها هم البقيّة من جُند الله يواصلون السير نحو التّحرير، وقعت معركة “طُـوفان الأقصى” الكُبرى فكُنّا نحن اليمنيين أول من أيّد وباركَ وخرج بمسيراتٍ مليونية في مُختلفِ المُحافظات دعماً وإسناداً لكل أحرار المُقاومة، بل وأعلنا رسميًّا وشعبيًّا التحامنا المُباشر بتلك المعركة الحاصدة لأرواح الإسرائيليين، قرّرنا خوض المعركة جنباً إلى جنب رغم بُعد المسافات وتخاذل المُنظمات.

لقد وظّفت اليمن اليوم جغرافيتها في الملاحة البحرية ضد العدوّ الصهيوأمريكيّ، وقام أبطال قواتها البحريّة في (19/11/2023) باحتجاز سفينةٍ إسرائيلية في البحر الأحمر تسمى بـ “galaxy leader” طولها يتجاوز “180” مترًا سعرها أكثر من “55” مليون دولار، وجاء ذلك الإنجاز المُبهر والاصطياد الماهر، بعد إطلاق العديد من الطائرات المُسيّرة، والصواريخ البالستيّة نحو تجمعات ونقاط عسكريّة للعدو الإسرائيلي في إيلات وعدة مناطق مُتفرقة، وَأَيْـضاً بعد تهديد مُباشر من قائد الثورة ولكن لا مُجيب، فتحتمّ على القوات البحريّة اليمنيّة التنفيذ نُصرةً للحق وردّاً على الإجرام الوحشيّ والإبادة الجماعيّة الّتي تجري في فلسطين المُحرّرة قريباً بإذن الله، لقد تصدّرت اليمن كُـلّ شيء وأصبحت عالمية بمواقفها المُشرّفة وأفعالها الشُجاعة، تربعت على عرش الشرق الأوسط، بفضل الله وفضل سواعد الرّجال البواسل، من رفعوا رؤوسنا وبيّضوا وجوهنا، من شقّوا طريق النّصر بإصرارهم، من أكّـدوا أن هذا الإنجاز ليس الأول ولن يكون الأخير وما على العدوّ إلا أن يفهم لُغة الإشارة قبل الانتقال للُغةِ المسح الكلي.

رفرفت أرواحنا فرحاً بذلك الإنجاز البحريّ العظيم، سجدنا سجدة شُكر لله الواحد القهّار، من تمسكنا بحبلهِ المتين الذي لن ينقطع أبداً، لك الحمـدُ ملءَ السماوات والأرض، لك الحمـدُ ملءَ البحار وعدد الأشجار، أكرمتنا بقائدٍ أربكَ العالم، غيّر كُـلّ المُجريات والأحداث، علا بِنا في سماواتِ الحُريّة، الكرامة، العروبة، العزة، الرِفعة، التفرّد والثبات، جاءوه بكُلِّ وسائل الترغيب والترهيب ليكُف حربه المُعلنة ضدّ المحتلّ الإسرائيلي، ولكنّه رفض الرفض القاطع وقال: (لسنا ممن يتلقى توجيهاته منكم، ولسنا ممن يتقبل أوامركم، ولا نخضع لأوامركم، سنستمر على المستوى العسكري، لن نتوقف حتى يتوقف العدوان على غزة) وهُنا أُشبهُ ردّه سلام الله عليه بردِّ سيّد البشريّة جمعاء حين قال: (والله لوْ وضعوا الشمس فِيْ يميني، والقمر فِيْ يساري على أن أتركَ هذا الأمر حتى يُظهره الله أَو أهلك فيه ما تركتُه).

نوجهُ رسالة أخيرة لكل حكام العرب المتخاذلين الذين ظهروا ببيانات وإدانات شجب واستنكار قد تكون لمدرسة ابتدائية في الصف الأول، فلتضغطوا على أنفسكم قليلًا وترفعوا رؤوسكم نصف رفعة فقط من تحت حذاء” النتن yaho” وقولوا كلمة حق تُخفف ما في ذممكم من دماء سفكتموها منذ عقود هذا إذَا سمح لكم وإن قرّر دعسكم مجدّدًا ومساواتكم بالأرض فلا بأس فذلك المكان المُناسب لأمثالكم أيها القتلة السفاحين، نتمنى لكم نوماً عميقاً لا تصحون مِنه إلا في نار جهنم خالدين فيها أبداً.

الإخوة الفلسطينيون: “لستم وحدكم “كلمتان أطلقهما قائد مسيرتنا القرآنية، وهو رجل القول والفعل نحن إلى جانبكم بالدعاء، بالدعم العسكري والمالي، نحن إلى جانبكم بحراً وجواً وقريباً إن شاء الله براً، لن نترككم ما حيينا شجرة البُن اليوم بعثت بسلامها لشجرة الزيتون، وسيكون التصافح عمّا قريب، كُلنا ثقة ويقيناً بالله، وبصمودكم وصبركم وتحملكم للأوجاع المهولة والمجازر المُروعة نحن جميعاً مُصابون، نشعرُ بكم ونتألم معكم جُلّ التحايا وسحابات الدموع الممزوجة بالنصر نبعثها إليكم من صنعاء الحُرّة إلى غزّة المُثخنة بجراحها.

كنظرةٍ سريعة لكل ما يحدث وما نعيشهُ الآن بفضل الشُّهداء، لقد تحَرّكوا، بذلوا، دافعوا، واجهوا، قاتلوا، صنّعوا، عالجوا، برمجوا، طوروا، كتبوا، صوّروا، حوصروا، جاعوا، تحمّلوا، جُرحوا، تقطّعوا، تجرّعوا ويلات الحربِ والحِصار بكلِّ شجاعة وقوة وعزم، دون تراجع أَو خوف دون تشكيك أَو توقعات دون منٍّ أَو استعراض، مضوا دون الالتفات إلى الوراء، واثقين بأنَّ بلدهم هذا سيكون الرائد سيكون صاحب الكلمة الفصل، مهما كانت التّضحيات، فـ لتهنئ أرواح الشهداء فوالله إنهم ورّثوا كُـلَّ معاني الإخلاص الوفاء الإباء الصلابة والتحدي، أحرار العالم أجمع ماضون على دربهم المحفوف بالبشارات الإلٰهية الّتي تليق بسموّهم وعظمتهم، ها نحن نعيش الانتصارات الكُبرى على أئمةِ الكُفرِ في زمننا هذا بفضلهم، وسبقهم، بفدائهم، باندفاعهم ودمهم الثائر الذي توقّد ناراً أحرق كُـلّ جبروتٍ طاغٍ ومُتكبر، ذهبوا بعزمهم الذي حركهم أُسوداً مُقاتلة لقتلةِ الأطفال والنساء، أُخاطبهم وكُلّي عزةً كرامةً وفخراً على ما أهدونا إياه من أمان سلام وسيادة، أُخاطبهم وكُلّي دموع منهمرة على أراضيهم الخضراء الموجودة أمام أعيُننا، هل يشعرون بأننا في أوجِ الحُرية؛ بسَببِهم؟ هل يدرون بأننا نواجه أعتى قِوى العُدوان وأكبرها وكُلنا ثقة بأننا منتصرون؟ وهذا كُله يرجع لهم من بعد الله عزّ وجلّ، نحنُ عندما نعيش الانتصارات والإنجازات الكُبرى نتذكرهم فورًا؛ لأَنَّهم من وضعوا البذرة الأولى للنصر وَسَقوها بالدماء الزّكيّة الطّاهرة، مشروعهم هو المشروع الوحيد الذي لن يُعلن إفلاسهُ مهما بلغت الخسائر، وها نحن اليوم نقولها بملء الأفواه: إننا في إطار ذِكراهم العطِرة نحصد ما زرعوهُ بدمائهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com