جبهاتُ الإسناد الإقليمي تُعيدُ وضعَ العدوّ الصهيوني ورعاته أمام مخاوف الانفجار الكبير
حزبُ الله ينفِّذُ أكثرَ من 17 هجومًا على تجمُّعات جيشِ الاحتلال منذ انتهاء الهُدنة
اليمنُ يفتحُ أُفُقَ عملياته على احتمالات أكثرَ تقدماً متحدياً “الفزَّاعةَ” الأمريكية
المقاومةُ الإسلامية في العراق: مستعدُّون للتصعيد ولن نتركَ غزةَ وحدَها
المسيرة | خاص
مع عودةِ العدوان الصهيوني على قطاع غزة استأنف حزبُ الله في جنوبي لبنان هجماتِه على مواقع ومراكز وتجمعات جيش العدوّ الإسرائيلي، فيما كانت صنعاء قد أعلنت بوضوح قبل انتهاء الهُدنة، أنها ستستأنف عملياتها العسكرية ومستعدة للتوجّـه نحو خيارات مفاجئة، في إطار تصعيد الدور اليمني المؤثِّرِ والضاغط على العدوّ، كما أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق أنها لن تترك غزة تواجهُ الإجرامَ الأمريكي الصهيوني لوحدها، في رسائل واضحة تضع العدوّ أمام حقيقة أن المقاومة الفلسطينية ليست وحدها، وأن كلفةَ جرائمه بحق الشعب الفلسطيني ستكون دائماً ذات أبعاد إقليمية، الأمر الذي يجعله دائماً في مواجهة الخطر الذي لا ينفك رعاته الأمريكيون عن تأكيدِ قلقهم منه، وهو تدحرج المعركة إلى حرب كبرى.
ومنذ انتهاء الهُدنة في غزة؛ بسَببِ تعنت العدوّ وإصراره على مواصلة العدوان، نفَّذت المقاومةُ الإسلامية في لبنان -حتى لحظة الكتابة- قرابةَ 17 عملية نوعية استهدفت خلالها تجمعات ونقاط انتشار وتمركز لجيش العدوّ الصهيوني على طول الجبهة الحدودية المشتعلة منذ الثامن من أُكتوبر بشكل غير مسبوق في تأريخها.
وقد مَثَّلَت هذه العملياتُ رسالةً واضحةً من “حزب الله” بأن معادلة الإسناد العسكري للمقاومة الفلسطينية ثابتة بنفس معطياتها التي كَبَّدَت العدوّ في الجولة الأولى (قبل الهُدنة) خسائرَ كبيرةً وصلت في مستواها البشري إلى أكثر من 350 جنديًّا بين قتيل وجريح، وأكثر من 21 آلية، وعدد كبير من المعدات والتجهيزات، بحسب إحصائية نشرها الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في 23 نوفمبر.
ولا تقتصر رسالة الإسناد التي يوجهها حزب الله عمليًّا على تأكيد الحضور المُستمرّ والثابت فقط، بل تؤكّـد أَيْـضاً استمرار المخاطر الكبرى المحتملة التي لا يخفي العدوّ الصهيوني والأمريكيون قلقهم الكبير منها، وعلى رأسها دخول الحزب في معادلات قتالية أوسع وأبعد مدى مما هي عليه في أية لحظة.
وقد عكس الإعلام العبري هذه الحقيقة من خلال تقاريره التي تناولت استئناف عمليات حزب الله بلهجة هجومية ضد حكومة العدوّ التي كانت قد حاولت استغلال هدوء فترة الهدنة لإطلاق تصريحات جوفاء تزعم أن “حزب الله” قد رُدع ولن يعود للمواجهة وتهديد المستوطنات الشمالية التي نزح منها أكثرُ من 70 ألف مستوطن.
وتتكامل رسالة الإسناد والدعم التي يوجهها حزب الله، مع ما أعلنته القوات المسلحة قبل ساعات من انتهاء الهدنة، بشأن الاستعداد لاستئناف العمليات العسكرية اليمنية ضد العدوّ بما في ذلك العمليات البحرية التي أكّـد العميد يحيى سريع، أنها ستشهد إجراءات إضافية ضد السفن الصهيونية، مع تأكيد الاستعداد للتصعيد براً وبحراً بصورة تفاجئ العدوّ.
هذا الإعلان الذي بات الجميع يعرفون جيِّدًا أنه يستند إلى واقع عملي وإلى قدرات حقيقية تستطيع إحداث تأثيرات واسعة وفورية، يضع كيان الاحتلال ورعاته أمام جزء آخر من مخاوفهم التي فشلوا في محاولة إخفائها طيلة الأسابيع الماضية، وهي المخاوف المتعلقة باستمرار التحَرّك اليمني وتصاعده وخُصُوصاً على جبهة البحر الأحمر وباب المندب، التي شهدت قبل انتهاء الهدنة ضربة نوعية دخل على إثرها الاقتصاد “الإسرائيلي” مرحلة اضطراب تؤكّـد وسائل الإعلام العبرية أنها ستكون أصعب وأشد وأكثر قسوة في حال استمر الوضع.
وقد أضافت صنعاء إلى هذا الإعلان، رسالة واضحة للولايات المتحدة بالاستعداد للتعامل مع أي تحَرّك عدائي تجاه اليمن كإعلان حرب؛ وهو ما يعني عدم وجود أي سبيل لإعاقة معادلات الإسناد اليمنية وما تتضمنه من احتمالات مفتوحة.
وبالتوازي مع إعلان القوات المسلحة اليمنية، كانت المقاومة الإسلامية في العراق أَيْـضاً أعلنت أنها ستستأنف وتصعّد عملياتها ضد العدوّ الأمريكي والإسرائيلي؛ رَدًّا على استئناف عدوانه على قطاع غزة، وهو تَحَــــدٍّ آخرُ يضيف المزيد من الأعباء على كيان الاحتلال والولايات المتحدة التي كانت قد أعلنت قبل الهدنة أن العشرات من جنودها أُصيبوا بهجمات المقاومة العراقية على قواعد الجيش الأمريكي.
عودة حزب الله واليمن والعراق إلى خط المواجهة بنفس الوتيرة وباحتمالات مرتفعة للتصعيد، تعيد وضع العدوّ أمام المأزق الذي فشل في التغلب عليه قبل الهدنة؛ إذ بات معلوماً أن خطر الانفجار الإقليمي الكبير كان أحد الأسباب التي دفعت كيان الاحتلال إلى اللجوء إلى الهُدنة خلفَ فشله المدوي والتاريخي في قطاع غزة، حَيثُ قَيَّدت الجبهاتُ الثلاث بشكل واضح خياراتِ العدوّ للاستفراد بالمقاومة الفلسطينية، كما جعلت الولايات المتحدة تدرك أنها لن تنجوَ من تداعيات استمرار الجرائم الصهيونية.
هذا أَيْـضاً ما ستؤكّـده الأيّامُ القادمة في حال أصر العدوّ على مواصلة جرائمه في غزة؛ إذ بات واضحًا أن قوى المقاومة في المنطقة، وعلى رأسها اليمن الذي أعلن بصراحة عن استعداده للتصعيد، لن تترك غزة وحدها، ولن تكتفي بمستوىً واحدٍ من الإسناد والدعم؛ الأمر الذي سيمثل ضربة أُخرى تسهم مجدّدًا في إجبار العدوّ على اللجوء إلى المخرج الذي رسمته له المقاومة الفلسطينية؛ وهو ما سيعني تحقيق معادلة خروج غزة منتصرة، وتثبيت معادلة الإسناد الإقليمي كأمر واقع ومعطى رئيسي في كُـلّ حسابات الصراع.